اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
مع اقتراب قبرص من تولّي الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، تتجه الأنظار إلى الجزيرة الصغيرة الواقعة في شرق المتوسط، ليس فقط بسبب موقعها الجغرافي، بل لدورها المتنامي في ملفات الأمن الإقليمي، خاصة في ظل تصاعد التوترات في البحر الأحمر.
فبين تهديدات الحوثيين المتكررة للملاحة الدولية، وتصريحات حزب الله التي ألمحت إلى استهداف منشآت قبرصية بزعم استخدامها من قبل إسرائيل، تجد نيقوسيا نفسها في قلب معادلة أمنية معقدة تتجاوز حجمها السياسي التقليدي، وتضعها أمام اختبار حقيقي في قيادة الاتحاد الأوروبي خلال واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في المنطقة.
مخاوف أمنية متصاعدة
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا تناول مخاوف مسؤولين أمنيين في قبرص من أن تصبح الجزيرة هدفًا مباشرًا في الصراع بين إسرائيل وإيران، بعد اتهامات حزب الله لإسرائيل باستخدام مطارات ومرافق قبرصية في عمليات عسكرية.
ورغم أن هذه المزاعم لم تُثبت رسميًا، فإنها أثارت قلقًا واسعًا داخل دوائر صنع القرار في نيقوسيا، خاصة مع تصاعد الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر، التي باتت تهدد خطوط الإمداد العالمية وتستدعي استجابة أوروبية موحدة.
أوروبا بين القيادة والمواجهة
في تحليل بعنوان 'مستقبل أوروبا يعتمد على المواجهة لا الحلول الوسط'، نشره موقع بوليتيكو، أشار الكاتبان جاري كاسباروف وجابريليوس لاندسبرجيس إلى أن دولًا صغيرة مثل قبرص ستواجه تحديات غير مسبوقة في قيادة الاتحاد الأوروبي خلال المرحلة المقبلة.
وأكد التحليل أن قبرص، رغم محدودية قدراتها العسكرية، تمتلك فرصة لإعادة صياغة دورها الإقليمي من خلال تبني سياسات أمنية أكثر جرأة وتنسيق أوروبي فعال لمواجهة التهديدات البحرية.
وفي تقرير آخر، ربط بوليتيكو بين تصاعد الهجمات الحوثية واستعداد قبرص لتولي الرئاسة الأوروبية، معتبرًا أن أي تصعيد في البحر الأحمر سيضع نيقوسيا في موقع القرار الأمني الأوروبي، ما يستدعي تحركًا دبلوماسيًا سريعًا وتنسيقًا وثيقًا مع فرنسا وألمانيا لضمان استقرار الملاحة الدولية.
تحديات داخلية في ظل الانقسام السياسي
لا تقتصر التحديات على الجوانب الأمنية فحسب، إذ تواجه قبرص صعوبات داخلية مرتبطة بالانقسام المستمر بين شطريها اليوناني والتركي، ما يقيّد قدرتها على تمثيل الاتحاد الأوروبي بصورة موحدة.
ويرى محللون أن إدارة ملفات حساسة مثل الهجرة والطاقة والتوازنات الإقليمية تتطلب توافقًا داخليًا لم يتحقق بعد، ما يجعل من رئاستها المقبلة اختبارًا سياسيًا قبل أن تكون اختبارًا إداريًا.
فرصة لتعزيز الدور الإقليمي
في المقابل، يرى مراقبون أن موقع قبرص يمنحها فرصة فريدة لتكون منصة للحوار بين أوروبا والشرق الأوسط، خصوصًا مع تصاعد توترات البحر الأحمر وتأثيرها المباشر على التجارة العالمية وأسعار الطاقة.
وأشار موقع ميدل إيست مونيتور إلى أن قبرص قد تلعب دورًا محوريًا في إعادة صياغة استراتيجية الاتحاد الأوروبي تجاه البحر الأحمر، إذا ما نجحت في تنسيق سياساتها مع دول مثل مصر والسعودية، التي تمتلك نفوذًا مباشرًا على الممرات البحرية الحيوية.
الموقع وصف الرئاسة القبرصية المقبلة بأنها “ليست منصبًا بروتوكوليًا، بل فرصة لإثبات قدرة الجزيرة على لعب دور فاعل وسط توازنات دولية متشابكة ومخاطر أمنية متصاعدة”.
تبدو قبرص اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخها السياسي، إذ لم يعد دورها مقتصرًا على ملفات الطاقة أو الهجرة، بل امتد ليشمل الأمن البحري والاستقرار الإقليمي والتنسيق الأوروبي في مواجهة التهديدات العابرة للحدود.
وبين التحديات والفرص، تملك نيقوسيا نافذة نادرة لتثبيت موقعها كلاعب مؤثر في معادلة الأمن الأوروبي، إذا ما أحسنت استثمار لحظة القيادة ونجحت في تحويل الجغرافيا إلى استراتيجية.