اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٤ تشرين الأول ٢٠٢٤
منذ فجر المسيحية، شكّلت الكنيسة الأرثوذكسية حاضنة إيمانية عميقة للمؤمنين، وأسهمت ركائزها الأساسية، مثل الشمامسة والشماسات، في صياغة طقوسها وتعاليمها الغنية عبر العصور.
في حوار خاص لـ “صدى البلد”، قال الشماس الإكليريكى جون منير توضروس إن الشماس ليس مجرد خادم في الكنيسة، بل هو رمز للتكريس والخدمة، ويحمل في طياته أعباء المشاركة في الطقوس المقدسة والمسؤوليات الروحية ويعد أحد الدرجات الكهنوتية في الكنيسة، وتعتبر وظيفته مكملة لدور الأسقف والقسيس في الخدمة الروحية والليتورجية، أما الشماسة، فهي تلك المرأة التي أدت دورًا تاريخيًا بارزًا في خدمة الكنيسة.
وتابع: يعود وجود الشمامسة والشماسات إلى الكنيسة الأولى، حين تم اختيارهم ليس فقط للمساعدة في التنظيم الكنسي، بل لخدمة المجتمع المسيحي بروح المحبة والتضحية.
مفهوم الشماسية ..
وأوضح: يوجد في الكنيسة الأرثوذكسية، رتبة تسمى 'شماس'، هي رتبة كنسية ضمن الدرجات الكهنوتية الثلاث الرئيسية في الكنيسة الأرثوذكسية: الأسقف، القسيس، والشماس ....الشماس هي كلمة سريانية وتقال باليونانية 'دياكونوس – diakonos' 'διάκονο وفي اللغة القبطية تسمى وتنطق 'ريف شمشى وجميعها تعني 'خادم'.
وتابع: يلقب مجموعة الشمامسة بعدة القاب منها: رتبة الشماسية، أو درجة الشماسية، أو الدياكنة 'الخدمة الشماسية'، وليس 'الشموسية'.
خدمة الشماسية ..
وواصل الشماس الإكليريكى جون منير توضروس حديثه قائلا: يعتقد الكثيرون أن الدرجة الشماسية يمثلها أولئك المرتلون الذين يرتدون الملابس الشماسية وتقتصر مهمتهم على ترديد المردات والألحان أثناء القداس الإلهي أو في الجنازات والأفراح، لكن هذا الاعتقاد خاطئ ويجب ألا نقع فيه، بل إن هذا الظن ضربة شيطانية يلهينا بها الشيطان حتى لا نواجه الحقائق فنصلح من شأن الكنيسة . أيمكننا أن نسمى أولئك الأشبال الصغار الذين يرددون الالحان في مناسبات الكنيسة المختلفة “شمامسة ”.
وأشار إلى أن للشماس واجبات مسئول عنها في خدمة الكنيسة من نواحي مختلفة وإن كانت واجبات الشماس المتعلقة بقراءة الكتب المقدسة وتفسيرها وخدمة الفقراء والمرضى والغرباء والمحتاجين والتعليم، وهم أيضا خدام المذبح، الذين يقومون بالصلاة مع الأب الكاهن، ويساعدونه في إتمام طقوس الصلوات ولهم أكثر من درجة شماسية.
وأكمل: تتضح الدرجة الشماسية في رسالة معلمنا بولس الرسول إلى أهل مدينة فيليبي إذ يقول 'بُولُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ عَبْدَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِينَ فِي فِيلِبِّي، مَعَ أَسَاقِفَةٍ وَشَمَامِسَةٍ'(فى1:1).
وفي رسالته الأولى إلى تلميذه تيموثاوس يذكر الصفات التي يجب توافرها في الأشخاص الذين يختارون للخدمة الشماسية في الكنيسة 'كَذلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّمَامِسَةُ ذَوِي وَقَارٍ، لاَ ذَوِي لِسَانَيْنِ، غَيْرَ مُولَعِينَ بِالْخَمْرِ الْكَثِيرِ، وَلاَ طَامِعِينَ بِالرِّبْحِ الْقَبِيحِ، وَلَهُمْ سِرُّ الإِيمَانِ بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ. وَإِنَّمَا هؤُلاَءِ أَيْضًا لِيُخْتَبَرُوا أَوَّلًا، ثُمَّ يَتَشَمَّسُوا إِنْ كَانُوا بِلاَ لَوْمٍ. كَذلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّسَاءُ ذَوَاتِ وَقَارٍ، غَيْرَ ثَالِبَاتٍ، صَاحِيَاتٍ، أَمِينَاتٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ. لِيَكُنِ الشَّمَامِسَةُ كُلٌ بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، مُدَبِّرِينَ أَوْلاَدَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ حَسَنًا، لأَنَّ الَّذِينَ تَشَمَّسُوا حَسَنًا، يَقْتَنُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَرَجَةً حَسَنَةً وَثِقَةً كَثِيرَةً فِي الإِيمَانِ الَّذِي بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ' (1تى3: 8-13).
وأما عن خدمتهم الكرازية والتعليمية فيذكر القديس لوقا كاتب سفر أعمال الرسل أن القديس اسطفانوس أول الشهداء ورئيس الشمامسة كان يبشر ويكرز 'فَنَهَضَ قَوْمٌ مِنَ الْمَجْمَعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَجْمَعُ اللِّيبَرْتِينِيِّينَ وَالْقَيْرَوَانِيِّينَ وَالإِسْكَنْدَرِيِّينَ، وَمِنَ الَّذِينَ مِنْ كِيلِيكِيَّا وَأَسِيَّا، يُحَاوِرُونَ اسْتِفَانُوسَ.' (أع 6: 9). 'وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا الْحِكْمَةَ وَالرُّوحَ الَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ.' (أع 6: 10).
وتابع: نلاحظ أن الدرجة الشماسية واضحة كل الوضوح في كتابات الآباء الرسوليين، ونقصد بهم تلاميذ الرسل ومعاصريهم وتقول الدسقولية عن الشماس « أنه عين الأسقف ويده اليمنى »، وقال كليمنضس الرومانى ( سنة ۹۲ - ۱۰۱ ) في رسالته إلى كنيسة كورنثوس 'والرسل بعد أن كرزوا في الاقاليم والمدن ، أقاموا باكورة أعمالهم بعد أن اختبروهم في الروح أساقفة وشمامسة لأولئك الذين سيؤمنون فيما بعد'.
أما أغناطيوس الشهيد ( 107) فقد أشار مرارا الى الدرجة الشماسية :
وأكد أن دور الشماس يرجع إلى الفترة الأولى من تأسيس الكنيسة المسيحية ويظهر في سفر أعمال الرسل أن الشمامسة الأوائل تم اختيارهم لمساعدة الرسل في خدمة الجداول، ورعاية الفقراء والأرامل، وتخفيف العبء عن الرسل للتركيز على التعليم والصلاة (أعمال 6:1-6). من هنا، نجد أن الشماسية كانت تحمل جوانب خدمية واجتماعية إضافة إلى الجانب الليتورجي.
وفي الكنيسة الأرثوذكسية هناك خمس درجات رئيسية للشماسية هذا الترتيب ترتيبا تصاعديا: (الابسالتيس) أي مرتل مسئول عن ألحان الكنيسة، معقبا: الابسالتيس من الكلمة القبطية ' ابسالموس ' بمعنى مزمور أو ترتيلة فيكون منها كلمة ابسالتيس أي مرتل وعمله واضح من اسمه هو الترتيل وحفظ الألحان في الكنيسة وترديدها وقد ذكرت هذه الطغمة. قوانين الكنيسة الأولى .. فقد جاء عنهم :
وأكد أن عمل الترتيل قائم في الكنيسة الأولى وأن طغمة المرتلين'الابسالتسيين' أيضا كانت موجودة ومما سبق عرضه من قوانين الآباء ممكن تحديد الآتي بخصوص المرتلين :
وأضاف: أما ا(لأناغنوستيس) هي كلمة يونانية معناها قارئ وكلمة قارئ معناها مفسر أي يفهم من خلال القراءة لذلك يسمون قراءات الكنيسة قراءات أغنسطوسية أي ما يقرأه الشماس شارحًا للناس ما يريد الكتاب أن يقوله.
شروط اقامته :
وظائفه :
وقال الشماس الإكليريكى: أما (الإيبذياكون) كلمة يونانية معناها مساعد. إيبو أي تحت وذياكون شماس .. إيبذياكون أي مساعد شماس أو وكيل شماس.. عمله أن يساعد الدياكون في كل أعماله وعلى الأخص يحرص أبواب الكنيسة ويحفظ نظام الكنيسة. يحفظ هدوء الكنيسة وكل شخص في مكانه. ينظم لكن قلبه يصلي لذلك فهي رتبة خطيرة. فهو مثال للمصلين وهو ينظمهم. لا يشتم ولا يضرب.
شروط اقامته:
أما (الدياكون) هو الشماس الكامل الخادم الكامل، يخدم المذبح وينذر الشعب ويخدم الفقراء خارج المذبح، وهو عين الكاهن والأسقف، إذا كان بتولًا وأخذ وضع اليد، لا يتزوج، فيكون شماسًا مكرسًا.
وأكمل: والأرشيذياكون هو رئيس الطغمة ويجلس عن يسار الأسقف أو البطرك ويناول الدم ويخدم الأيتام ويهتم بالمتعبدين ويبكت غير المتأدبين وينظم الإكليروس ويتلو الصلوات عند تجليس البطاركة والأساقفة. يسمونه المنذر والمعلن لكل صلاة وبدايته.
ولفت إلى أن 'من قوانين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بشأن درجتي الدياكون والأرشيدياكون أنه إذا تمت رسامة الشماس على هاتين الدرجتين قبل الزواج فلا يتزوج، إذا ماتت زوجته بعد رسامته يظل بلا زواج تمامًا كما في حالة الكاهن، إما إذا تزوج فيفقد رتبة الدياكون.
وقال جون منير إن الشمامسة يتميزونبلباسهم الخاص (التونية) والتونية أو الاستيخارة أي الثوب الأبيض والتونية وهي عبارة عن ثوب أبيض من القماش مطرز بالصلبان على الأكمام والصدر والظهر، وتكون التونية واصلة إلى القدمين وعريضة على الأكتاف، كما يقول القديس باسيليوس: 'ولتذكر الكاهن بان تكون رحب الصدر واسع البال وديعا حليما وأن تكون أفعاله طبق مشيئة الله'.
أما (البطرشيل):ما يعلق في الرقبة أي ما حول الكتفين والبطرشيل عبارة عن شريط طويل من القماش الملون والمطرز وكان تعلق فيه جلاجل وهو عادة من الحرير الأحمر، وهو من الملابس الكهنوتية القديمة ذكر باسم Ωραριοκ لنا في مجمع لاودكيَّة سنه 363 م.
و(التليج):يلبس داخل الهيكل بدل الحذاء تشبها بالابن الشاطر الذي ألبسوه حذاء في رجليه ويشير إلى تجديد السيرة لابسين درع البر حاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام (أفسس 6: 14).
والعمامة :يرتديها الدياكون والارشى دياكون فوق رؤوسهم دلالة على الهذيذ فى الامور السماوية.
ومثلا.. امر الله موسى أن يصنع ملابس لهارون أخيه واللاويين والكهنة ليستعملوها وقت خدمته فقط بقوله واصنع ثيابا مقدسة لهرون أخيك للمجد والبهاء . وتكلم جميع حكماء القلوب الذين ملأتهم روح حكمة أن يصنعوا ثياب هارون لتقديسه ليكهن لى .
هذه الملابس للمجد والبهاء، لا لشخص الكاهن أو الشماس بل لأجل الكهنوت ولعلنا نذكر أن مار افرام سمع عن نسك القديس باسيليوس وتقشفه فذهب ليراه ودخل وقت القداس فوجده يلبس ملابس فاخرة جميلة فسأله كيف تلبس هذه الملابس رغم ما نسمعه عنك أنك تتقشف فأراه القديس الملابس التى تحت ملابس الكهنوت فوجدها من الخيش، وقال له إنه يلبس هذه الملابس الفاخرة لا لشخصه بل لأجل عظمة الكهنوت وبهائه.
وأوضح: “الملابس تكرس كغيرها للخدمة الالهية للصلاة برشمها بعلامة الصليب لتكون مقدسة كأمر الله واصنع ثيابا مقدسة لهرون أخيك للمجد و مقدس والبهاء”.
وأكمل: الشماس يلعب دورًا حيويًا في الطقوس الأرثوذكسية. فهو الذي يقود الشعب في الصلاة، ويقرأ الإنجيل أثناء القداس، ويساعد في تقديم القرابين، ويقوم بخدمة الهيكل. في القداس الإلهي، يُعتبر الشماس مساعدًا للكاهن، حيث ينفذ التعليمات التي تُسهم في سير القداس بشكل صحيح ومنظم. من الأدوار البارزة للشماس:
• قراءة الرسائل والإنجيل: خلال القداس، يقرأ الشماس النصوص الكتابية المخصصة لليوم.
• تنظيم الصلاة الجماعية: يقود الشماس الشعب في صلاة الاستغاثة والطلبات، ويعلن عن أجزاء من القداس.
• المشاركة في تحضير القرابين: الشماس يساهم في تحضير القربان ويقوم بترتيب الأواني المقدسة.
وفي سؤال عن جود شماسات في الكنيسة؟ أجاب الشماس جون منير: نعم يوجد أيضًا رتبة شماسات... وهي للفتيات... والشماسة رتبة غير كهنوتية، ولكنها خدمية.
نرى لخدمة المرأة صدى واسعا في العهد القديم، فنسمع أن 'مريم أخت موسى النبى وهارون رئيس الكهنة أنها كانت نبية وأنها قادت الشعب فى التسبيح » فأخذت النبيه أخت هارون الدف بيدها .... خر (۲۱،۲۰:۱۵ )
ونسمع أيضا عن دبورة التى كانت قاضية الشعب ، وكانت نبية أيضا وكانوا يصعدون اليها للقضاء ( قض ٥،٤:٤ ) ، وكذا خلدة النبية التي تنبأت فى عهد الملك يوشيا الصالح ( ٢ مل ١٤:٢٢ - ٢٠ ) ، ( ۲ أى ۲۰:۳٤ ) ، وحنة ابنه فنوئيل كانت أيضا نبية ، بل هى تمثل فى الوقت نفسه الارامل العابدات في الهيكل ( لو ٣٦:٢-٣٨) والمرأة لم تمنع من خدمة خيمة الاجتماع.في سفر الخروج يشير الى وجود نساء وصفن بأنهن المتجندات اللواتي تجندن عند باب خيمة الاجتماع .
والشماسات كان عملهن بين السيدات عمل الشمامسة بين الرجال. وهذه خدمة ترجع إلى عصر مبكر جدًا في الكنيسة الرسولية. ونرى من (رو 16: 1) أن فيبي كانت شماسة الكنيسة مما يدل على أن وظيفة شماسة أصبحت من الرتب الكنسية، ويسجل 'بليني' في رسائله إلى الإمبراطور تراجان، حمًا عن سيدتين متقدمتين في الأيام، كانت خادمتين في كنيسة بيثينية. وترجع رسالة بليني هذه إلى حوالي عام 100 ب.م. تقريبًا.
وفى القرن الرابع نسمع أيضا عن أولمبياس تلميذة القديس يوحنا ذهبي الفم التى كان يرسل لها العديد من الرسائل يصف فيها الاضطهادات المريرة التي أحاطته وكيف كانت عناية الرب به كما كان يستخدمها في توصيل رسائل التعزية حيث كان يجول من مكان الي اخر اثناء الاطضهادات التي لحقت به.
وفي القرن السادس عن الشماسة انسطاسية التي كتب لها القديس ساويروس الانطاكى..
التحفظات على هذه الخدمة..
واختتم حديثة قائلا: الشماسية في الكنيسة الأرثوذكسية تمثل دورًا مركزيًا في الحياة الليتورجية والخدمية. من خلال دوره كمساعد للكاهن وخادم للشعب، يساهم الشماس في تحقيق رسالة الكنيسة في العبادة والخدمة الشماس هو جسر بين الكهنة والشعب، يقدم مثالاً للروحانية والخدمة المجتمعية، ويشاركون بفعالية في كل من القداس والخدمات الأخرى مثل الأعياد الدينية والأحداث الخاصة بالكنيسة والكنيسة القبطية تمنح الشماسية كخطوة تحضيرية قبل الكهنوت الكامل، ولكن ليس كل الشمامسة يتقدمون إلى الكهنوت، إذ تبقى البعض في خدمة الشماسية طوال حياتهم.