اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٨ تموز ٢٠٢٥
في مشهد صادم أعاد إلى الأذهان أهمية البنية التحتية الرقمية، شهدت منطقة رمسيس وسط القاهرة ظهر الإثنين حريقًا هائلًا اندلع داخل سنترال رمسيس، أحد أهم المرافق الحيوية لشبكات الاتصالات في مصر.
الحريق تسبب في توقف واسع النطاق لخدمات الإنترنت والمحمول والثابت، وامتدت تأثيراته إلى عدد من القطاعات الخدمية والرقمية، شملت قطاعات البنوك والنقل والسكك الحديدية والمطارات، كما أثار الحادث تساؤلات حادة حول مدى تأمين المنشآت الحيوية في البلاد، وضرورة مراجعة استراتيجية إدارة الأزمات والبنية التحتية الرقمية، وسط دعوات لتوزيع الخدمات وتخفيف مركزيتها داخل العاصمة.
قال الدكتور هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، تعليقًا على حادث حريق سنترال رمسيس، إن ما حدث يعد جرس إنذار مهم وليس نهاية العالم، مؤكدًا أن مثل هذه الوقائع قد تحدث في أي دولة حول العالم وتحت ظروف مختلفة، لكن الأهم هو طريقة التعامل معها، دون تهويل أو تقليل من حجم ما جرى.
وأضاف انه لابد أن نضع الأمور في نصابها الصحيح، فبينما لا يجب المبالغة في وصف الحادث، إلا أنه أيضًا لا يمكن إنكار خطورته، خاصة في ظل ارتباطه بالبنية التحتية الرقمية والخدمية للدولة المصرية.
وأكد سليمان أن النقطة الجوهرية تتمثل في مركزية الخدمات الحيوية داخل منشأة واحدة مثل سنترال رمسيس، موضحًا تجميع خدمات الهاتف الأرضي، الإنترنت، المحمول، شبكات المعلومات الخاصة بالبنوك، السكك الحديدية، المطارات، وخدمات حجز التذاكر وغيرها في نقطة واحدة، يعد أمرًا بالغ الخطورة.
وتابع من الضروري إعادة النظر في هذا النمط، وتوزيع هذه الشبكات جغرافيًا أو فنيًا، بحيث لا يكون هناك مركز وحيد يضم كل هذه الخدمات، لأن ذلك يمثل تهديدًا للأمن القومي في حال تعرضه لأي طارئ.
وشدد سليمان على أنه في حال كان لا مفر من مركزية هذه الخدمات، فيجب تأمينها بأقصى درجات الحماية وكأنها منشآت عسكرية، وقال يجب أن تعامل مثل هذه المنشآت بحس أمني عالي، من حيث الإطفاء الذاتي، أنظمة الحماية المتقدمة، تأمين داخلي وخارجي صارم، وصولًا إلى خطط حماية زمن الحرب.
وأضاف هاني لابد من إنشاء شبكة بديلة جاهزة للتشغيل الفوري في حال تعطل أي من هذه الخدمات، لتجنب الشلل التام في الدولة، خاصة وأن الحروب الحديثة لم تعد تقليدية، بل تستهدف البنى التحتية الرقمية.
وأشار إلى أن هذه القطاعات يجب أن تدرج ضمن نطاق “الخدمات الحيوية”، ويتم رفع كفاءة بنيتها التحتية بشكل دوري، وتطوير آليات الصيانة والتأمين لها بما يتناسب مع دورها الحيوي في التحول الرقمي والاقتصاد القائم على المعلومات.
وأكد سليمان أنه من الضروري عقد اجتماع رفيع المستوى يضم القيادة السياسية والأمن القومي لمناقشة ما حدث، والوقوف على أسبابه، وبلورة رؤية استراتيجية لمنع تكراره، موضحًا “علينا مراجعة تمركز الخدمات، والاستفادة من قدرات المؤسسات المصرية في بناء شبكات وطنية احتياطية، وتطوير نظم التغذية والربط والاستجابة السريعة للأزمات”.
واختتم تصريحاته قائلًا سرعة استجابة أجهزة الدولة وإدارة الأزمة وعودة الخدمات تدريجيًا تعكس أن مصر دولة قوية وقادرة، لكننا نحتاج إلى تقليص زمن الانقطاع، والاستعداد لأسوأ السيناريوهات، بدلًا من الاكتفاء بالتعامل بعد وقوع الأزمة.
وأكد أن مواجهة التحديات المستقبلية تبدأ بالتخطيط الوقائي والجاهزية الفنية والاحترافية في إدارة الأزمات قبل وقوعها.