لايف ستايل
موقع كل يوم -مجلة سيدتي
نشر بتاريخ: ٨ تموز ٢٠٢٥
لطالما كانت الطبيعة مصدر إلهام لا ينتهي لدار بوشرون Boucheron منذ تأسيسها عام 1858، لذا لا تتوقف إبداعاتها المستوحاة من الزهور والنباتات، ومن جديد تحتفل دار بوشرون بالطبيعة في مجموعتيها للمجوهرات الراقية.
في يناير الماضي، دشّنت الدار فصلاً جديداً في سلسلة Histoire de Style مع مجموعة Untamed Nature، تحيةً إلى رؤية فريديريك بوشرون للطبيعة، التي لطالما شكّلت مصدر إلهام جوهرياً في مسيرته الإبداعية، أما في مجموعتها الجديدة ضمن خط Carte Blanche، فتقدّم كلير شوان قراءة شخصية أكثر حميمية، وهي تواصل الحلم الذي أطلقته في العام 2018 مع مجموعة Eternal Flowers، حين سعت إلى تثبيت الهشاشة في لحظة أبدية: أن تخلّد العابر، وتحفظ الزائل من الزوال.
سحر الطبيعة في مجوهرات Impermanence من بوشرون Boucheron
هذا العام، سعت كلير شوان إلى التقاط جوهر الطبيعة عينها من خلال مجموعة Impermanence من بوشرون Boucheron؛ وهي دعوة للتأمل العميق في عالمنا الطبيعي، علّنا نحسن حمايته قبل أفوله، استلهمت المديرة الفنية فن تنسيق الزهور الياباني إيكيبانا، وفلسفة وابي-سابي التي تحتفي بجمال النقص والتحوّل والزوال، فابتكرت ستّة تركيبات نباتية متجمّدة في لحظة من جمالها المتلاشي.
تبدأ هذه السلسلة بـ'التركيب رقم 6' الذي يفيض بالضياء، ثم تنحدر تدريجياً نحو 'التركيب رقم 1' الذي يغرق في العتمة، حيث تتجسّد عبر كل قطعة ملامح التلاشي البطيء للطبيعة، فالضوء في هذه المجموعة، هو الخيط السرّي الذي يعبر المشهد بأسره؛ حيث يظهر أولاً في حضوره الساطع، ثم يتناقص رويداً حتى ينطفئ في ظلمة تُمثّل اكتمال دورة الحياة الطبيعية.
وتتكوّن هذه التركيبات من 28 قطعة من المجوهرات الراقية، صُمّمت لتُزيّن الجسد كأعمال فنية حية تشهد على فناء الطبيعة ومجدها الآني.
ما هو مفهوم وابي-سابي 侘寂؟
'وابي-سابي' هو مفهوم جمالي وفلسفي ياباني عميق يحتفي بجمال الزوال، والنقصان، وجريان الزمن في مساره الطبيعي، يدعونا هذا التصوّر إلى الالتفات لما هو متواضع، متآكل، أو غير مكتمل، واحتضان الهشاشة والتغيّر الدائم الذي تتسم به الحياة.
إيكيبانا 生け花... فن تنسيق الزهور الياباني
'إيكيبانا'، هو فن تنسيق الزهور الياباني، ومعنى الكلمة في اللغة اليابانية هو 'إضفاء الحياة إلى الزهور'، يقوم هذا الفنّ على البساطة، والتوازن، وانعدام التناظر لتشكيل انسجام داخلي، وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بفلسفة 'وابي-سابي'؛ إذ يرحّب بعدم الكمال وبمرور الزمن، فبدلاً من السعي إلى تجميد الزهور في ذروة تفتّحها، يحتفي 'إيكيبانا' بجميع مراحل دورة حياة الزهرة، من التبرعم، وإلى التفتّح، ثم الذبول، ويدعونا إلى تقدير كلّ لحظة كما هي.
18 ألف ساعة عمل لإبداع مجموعة Impermanence
وتفخر دار بوشرون بالكشف عن مجموعة Impermanence التي استغرق صنعها أكثر من 18,000 ساعة عمل داخل مشاغلها، وكما في كلّ إصدار ضمن خط Carte Blanche، تواصل الدار دفع حدود هذا الفنّ إلى آفاق أبعد، أكان ذلك في الأشكال الجمالية أم في توظيف المواد والتقنيات الأكثر ابتكاراً في عالم صناعة المجوهرات.
'في هذه المجموعة الجديدة من خطّ Carte Blanche، سعيت إلى التقاط جمال الطبيعة قبل أن يضمحلّ، حيث تجسّد هذه التركيبات الستّة زوال الطبيعة، فتنتقل من الضوء إلى الظلّ لتُبرز مدى ندرتها وفرادتها.
تتألّف المجموعة من 28 قطعة من المجوهرات الراقية، وهي بمنزلة تكريم لتلك اللحظة الهشّة التي رغبت في تجميدها إلى الأبد.
التكوين الأول... زهرة الخشخاش مع نبتة البازلاء العطريّة والفراشة
في هذا التكوين، أرادت كلير شوان أن تمحو النور، وأن تُغرق زهرة الخشخاش والبازلاء العطريّة في عتمةٍ سحيقة، تمتدّ حتى أقصى حدود السواد، تتفتّح الأزهار في ظلمة كثيفة تكاد تتحوّل إلى مادّة ملموسة، وكأنّ اللون الأسود قد اكتسب شكلاً، ينساب مع كلّ انحناءة وكلّ بتلة، وقد استند هذا المشهد إلى إناء صُنع بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد باستخدام الرمل الأسود.
تتوسّط زهرة الخشخاش هذا التكوين، وتضمّ العنصر الأكثر ابتكاراً في المجموعة كلّها، ألا وهي بتلات من التيتانيوم الأسود غير اللامع، نُقشت على جهتها الداخلية عروق دقيقة يدوياً، وغُلّفت بطبقة من مادة Vantablack®، وهي من أكثر المواد سواداً في العالم، تمتصّ 99.965% من الضوء، وينتج عن هذا الطلاء تأثير بصري مؤثّر؛ إذ تبدو المادّة وكأنّها تختفي في العدم، أما في قلب الزهرة فتتلألأ حجارة السبينل السوداء –بعضها وُضع مع وجهه إلى الأعلى، وبعضها الآخر مقلوب– فتعكس ما تيسّر من ومضات الضوء القادرة على النفاذ عبر هذا السواد الدامس.
ويُشكّل عنقود الأسدية في وسط الزهرة دليلاً جديداً على حرفية بوشرون الفائقة؛ إذ بعد مدّ خيوط الذهب إلى أنحف ما يمكن تقنياً، تمّ ترصيع رؤوسها بحجارة السبينل السوداء والألماس بأسلوب ترصيع الإطار، أما الساق فصيغت من التيتانيوم الأسود غير اللامع، ورُصّعت جزئياً بالسبينل الأسود.
وفي المقابل، تنبسط نبتة البازلاء العطريّة بأغصانها الحلزونيّة المصنوعة من التيتانيوم والمزيّنة بالسبينل الأسود بأسلوب متدرّج، وقد نُحتت أزهارها بتأنٍّ شديد من حجر العقيق الأسود وزجاج الأفنتورين الداكن على مدى ساعات طويلة، لإضفاء طابع حريري ناعم على البتلات، ولترسيخ عمق هذا المشهد الأسود، صيغت بعض البتلات الأخرى من التيتانيوم الأسود ثم صُقلت بنعومة يدوية لابتكار تباينات لمّاعة ومطفأة.
في هذه العتمة شبه التامة، تحوم فراشة كطيفٍ هائم، حيث صيغ جسمها من التيتانيوم الأسود غير اللامع ورُصّع بالسبينل الأسود، فيما صُنعت أجنحتها من زجاج أسود شفاف، وزيّنت بعروق لمّاعة تباينت خلفيتها المطفأة، وقد تمّ تطوير هذا الزجاج خصيصاً لإضفاء تأثير شفاف فائق الرهافة، وانسجاماً مع روح الابتكار هذه، صُنع إناء هذا التكوين بطباعة ثلاثية الأبعاد باستخدام الرمل الأسود.
كيف يُستخدَم هذا التكوين؟
يمكن نزع زهرة الخشخاش واعتمادها كرباط للرأس أو كبروش، وتتحوّل أزهار البازلاء العطريّة إلى بروشات متعدّدة الاستخدام، أما الفراشة فتبدو وكأنّها تحطّ على الكتف بفضل نظام تثبيت مغناطيسي يُتيح استعمالها كبروش.
التكوين رقم 1: يضمّ زهرة خشخاش، وأغصان بازيلاء عطريّة، وفراشة، صيغت من زجاج الأفنتورين والزجاج الأسود، ورُصّعت بالألماس والسبينل الأسود، وزُيّنت بالعقيق، ومادة Vantablack® فائقة الامتصاص للضوء (تمتصّ 99.4% من الضوء المرئي)، بالإضافة إلى التيتانيوم، بينما الإناء مصنوع من الرمل الأسود، والقاعدة من مادة مركّبة سوداء، مجوهرات قابلة للتعدّد في الاستخدام، تطلّب تنفيذها 2,004 ساعة عمل.
التكوين الثاني... زهرة الماغنوليا وحشرة العود
في هذا التكوين، تستكشف دار بوشرون حدود الضوء والظل من خلال زهرة ماغنوليا شبحية، لم يبقَ منها سوى هيكلها العظمي المتداعي، أرادت كلير شوان أن تجسّد أبعاد هذه الزهرة الواقعية، الممتدّة بأغصانها في الفضاء من دون قيد، الغصن يبدو معلّقاً بتوازن أفقي هشّ، تتناثر عليه زهرات لا تزال أطيافها شاهدة على جمالٍ مضى، ويستند هذا المشهد التأملي إلى إناء مصنوع من مادة مركّبة بسطح أسود مطفأ.
لتحقيق هذا المستوى من الواقعية، قام حرفيو الدار بمسح زهرة ماغنوليا حقيقية تشمل أغصانها وأزهارها وبراعمها، وقد واجهوا تحدياً حقيقياً: كيف يمكن الحفاظ على الخط الأفقي الطبيعي لغصن الماغنوليا، على الرغم من عدم توازنه البنيوي؟ وكان الحلّ باستخدام معدن الألمنيوم، ليس فقط لخفته، بل أيضاً لسطحه الأبيض اللامع، وقد قام صائغو بوشرون بترصيع الألمنيوم بأحجار الألماس بأسلوب 'ثلجي'، منح التركيبة طابعاً عضوياً، أما البتلات السوداء المصنوعة من الألمنيوم المؤكسد، فقد تم ترصيعها بأحجار الألماس في خطوط دقيقة بأسلوب غاطس flush-set، فتألّقت في التكوين بضوئها الخافت.
وفي قلب الزهرة، خالفت الدار التقاليد: وُضعت أحجار ألماس بأسلوب مقلوب، حيث بُرعم الحجر (culet) يواجه الخارج بدلاً من التاج، ما أضفى على الزهرة لمسات ضوئية غير متوقعة، حتى الأسدية نُفِّذت بدقة فائقة من الذهب الأبيض المطلي بالروديوم الأسود، وُرصّعت بالألماس أيضاً.
أما الأوراق الفضّية، فتميّزت بتباين لافت بين سطحها العلوي المطلي بالروديوم والمرصّع بالألماس بأسلوب 'فيليه'، وسطحها السفلي المطلي بالسيراميك الأسود، وتُكمل هذه الزهرة الهوائية براعم صغيرة من الذهب الأبيض المطلي بالروديوم، مزدانة بأحجار ألماس مصقولة ومشرّفة بأشكال مختلفة.
وفي هذا العالم المتأرجح بين الضوء والظل، تستقرّ حشرة العود النحيلة، والتي صيغت من الذهب الأبيض المطلي بالروديوم، ورُصّع جسمها وأجنحتها بالألماس بأسلوب خرزيّ، وزيّن رأسها بقطعة ألماس من قَطع الإجاص، وقد شكّل تنفيذ الأرجل الدقيقة لهذه الحشرة تحدياً تقنياً هائلاً، تطلّب دقّة متناهية في أدقّ تفاصيله.
كيف يُستخدم هذا التكوين؟
تتحوّل زهرة الماغنوليا إلى زينة للشعر أو طوق حول العنق، فيما تنفصل حشرة العود لتُستخدَم كبروش مستقل.
يمكنكِ أيضاً قراءة: بوشرون تختار 4 مُبدعات من الشرق الأوسط للاحتفال بمرور 20 عاماً على إطلاق مجوهرات Quatre
التكوين الثالث... السوسن، الغليسين، وخنفساء الأيّل
في هذا التكوين، تتجاور زهرتا السوسن والغليسين ضمن مشهد قاتم يعمّه السواد، تتخلّله لمسات مضيئة من الألماس، وكأنهما تطوّفان في فضاء حر من الجاذبية، تنتصب الزهرتان في بعد ثلاثي، محتفظتين بكامل رونقهما، وتحتضنهما مزهرية من التيتانيوم والألمنيوم، مرصّعة بحبيبات السبينل الأسود.
تتجلّى في السوسنة تباينات صارخة بين الأسود والأبيض، وقد اختبر حرفيو بوشرون درجات متعدّدة من طلاء (DLC) الأسود لتحقيق هذه النتيجة، معتمدين تبايناً بين المظهر غير اللامع للبتلات واللمعان لتخطيطاتها، وتُرصّع خطوط بيضاء من الألماس سطح الزهرة على الذهب الأبيض، فيما تتلألأ أطراف البتلات بأحجار مرصوفة مباشرة في التيتانيوم.
المدقّات تمّت معالجتها بأدقّ التفاصيل، من الصغيرة المصنوعة من التيتانيوم المغلّف بطلاء (DLC) أسود، وإلى الكبيرة المصنوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد من مادة الراتنج، ولمزيدٍ من الواقعية، أضاف الحرفيون برعماً صغيراً مرصّعاً بالسبينل الأسود، وأما ورقة السوسن، فبدت كأنها مبلّلة بندى الصباح، وقد تحقّق هذا الانطباع عبر سطرَين من الألماس المرصوف بدقّة وحبّتَي كريستال صخري مصقولتين بأسلوب يحاكي قطرات الندى، وتستند الزهرة إلى ساق من التيتانيوم، مغلّفة بطبقة مطفية من طلاء (DLC) الأسود، تمنح التشكيل توازناً بين الرهافة والمتانة.
أما زهرة الغليسين، فشكّلت تحدّياً مزدوجاً تمثّل في إيجاد التوازن بين خفّتها البصرية ومتانتها البنيوية، ولتحقيق ذلك، استخدم فريق التصميم موادّ خفيفة كالتيتانيوم، والألمنيوم، والسيراميك، ليبقى وزن التركيبة كاملاً في حدود 150 غراماً، رغم حجمها اللافت، ويتألّف عنقود الغليسين من نحو مئة عنصر منفصل، رُكّبت يدوياً بدقّة متناهية لتبدو وكأنها تنساب بليونة طبيعية كما في الزهرة الحقيقية، وزُيّنت البتلات والأوراق بالألماس المرصوف بعناية ليُعيد إشراق الضوء داخل التشكيل، فيما استخدم السيراميك الأبيض في البتلات والبراعم الصغيرة ليضيف تبايناً في الملمس، ويمنح التركيبة مزيداً من الحيوية.
وفي قاعدة هذا التشكيل، تبرز خنفساء الأيل، وكأنما اجتذبها عَبَق الأزهار، وجُسّد جسمها من التيتانيوم المغطّى بطبقة لامعة من طلاء (DLC) الأسود، يتخلّله الذهب الأبيض، ما يشكّل تبايناً صارخاً مع الألماس المرصوف، بينما صيغت الأرجل من التيتانيوم وطلاء (DLC) المطفي، في حين صُنعت المخالب الضخمة من التيتانيوم الرمادي، وغطّيت بطبقة خشنة من طلاء (DLC) الأسود.
كيف يُستخدم هذا التشكيل؟
يمكن نزع السوسنة واستخدامها كبروش يُثبّت على الكتف، أما الغليسين فجهّزت بنظام مشبك يتيح استعمالها زينةً للشعر أو تثبيتها على الملابس، أما خنفساء الأيل، فيمكن التزيّن بها كبروش مستقلّ.
التكوين الرابع... نبتة بخّور مريم مع سنابل الشوفان والفراشة
يجمع هذا التكوين بين سنابل الشوفان ونبتة بخّور مريم، في تناغم بصري يقترن فيه الضوء والملمس، ومن خلاله، تنفح كلير شوان الحياة في نبتتين تبدوان كأنهما معلقتان في الهواء، تطفوان على نسمة خفيفة، في لحظة عابرة تتجلّى فيها الطبيعة بكامل حيويتها.
وقد وُضعت هذه التركيبة في إناء من الذهب الأبيض، مرصّع بالكامل بالألماس بتقنية الترصيع الثلجي، ويكمن التحدي الأكبر هنا في ترصيع ما يقارب 700 حجر ألماس من قَطع الوردة، بأحجام وأشكال مختلفة، في بتلات بخّور مريم المصنوعة من الذهب الأبيض، ما يشكّل فسيفساء شفافة من الألماس تحاكي زجاج النوافذ الملوّنة.
وقد اختير كلّ حجر بدقّة ليتماهى مع التصميم العام ويتبع انحناءات الزهرة الطبيعية.
في هذا التكوين، تكاد المعادن تختفي تحت بريق هذه الأحجار التي تتخلّلها أيضاً ألماسات دائرية، في تجسيد مذهل لحِرَفية بوشرون، أما أطراف البتلات، فزُيّنت بخطّ من طلاء اللك الأسود اللامع، ليعزّز بريق الألماس ويمنحه مزيداً من العمق.
ويبلغ التطلّع إلى الواقعية حدّاً بالغ الدقة، يتجسّد في الكأس المدبّبة أسفل كلّ زهرة، حيث تلتقي البتلات بالساق، وقد صُنع هذا الجزء من الكريستال الصخري المصقول بطرق مختلفة لتعكس الضوء بأبهى حلله، واستُخدم الكريستال الخام المقطوع خصيصاً ليكون متناسقاً مع حجم كل زهرة.
أما سنبلة الشوفان، فقد صيغت من التيتانيوم المطلي بالأسود، ونُحتت سنابلها بدقة متناهية، ورُصّعت أطرافها بالألماس، فيما زُيّن قلب كلّ زهرة منها بطبقة من السيراميك الأسود اللماع.
وقد ثُبّتت هذه العناصر النباتية الرقيقة على سيقان من التيتانيوم المطلي بالكربون الأسود (DLC)، ليمنحها التوازن بين الرهافة والصلابة.
تسكن هذا العالم الحيّ حشرتان: يرقة وفراشة، أما اليرقة فقد صيغت من الذهب الأبيض، ورُصّعت بالألماس وحبيبات السبينل الأسود الدائرية، واستُخدمت ألياف مستخرجة من فرشاة رسم لتجسيد شعيراتها الناعمة، وبفضل نظام مفصلي مبتكر، يمكن لليَرَقة أن تتموّج أو تنبسط تماماً كما تتحرّك في الطبيعة.
وأما الفراشة، ففردت جناحيها المصنوعين من الذهب الأبيض، المرصّعين بالألماس بتقنية الترصيع الثلجي، وقد أُضيفت لمسات من طلاء اللك الأسود لتضفي على الجناحين تبايناً بصرياً آسراً.
تتحوّل زهور بخّور مريم إلى سوار أو بروش بفضل آلية محورية ذكية، بينما سنبلة الشوفان، بخفّتها الفائقة، تصبح زينة للشعر، أما اليرقة فتُستخدم كبروش، في حين تستقرّ الفراشة بين خصلات الشعر.
التكوين رقم 5... نبتة الشوك وخنفساء وحيد القرن
تحتفي دار بوشرون في هذا التكوين بجمال الشوك البري، حيث أرادت كلير شوان التعبير عن القوة الكامنة في هذه الزهرة المتوحشة، من دون أن تُخلّ بجمالها أو رهافتها، رأسان من الشوك ينتصبان بشموخ، وقد نُفّذت كل شوكة وورقة بإتقان بالغ، إلى حد يُخيّل للناظر أنه قد يُصاب بوخزة حقيقية، وقد وُضعت هذه التركيبة في إناء مصنوع من مادة مركّبة.
يشكّل تنفيذ رؤوس الشوك إنجازاً تقنياً غير مسبوق في عالم المجوهرات الراقية؛ إذ صيغت باستخدام الراتنج النباتي عبر تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد فائقة الدقة، وهذه التكنولوجيا الحديثة منحت مشغل التصميم إمكانية الوصول إلى درجة من الواقعية تفوق كلّ ما سبقها، إلا أنها في المقابل فرضت تحدياً حقيقياً على الحرفيين: فكيف يمكن ترصيع الألماس من دون بنية معدنية؟ وكان الجواب بابتكار تقنية جديدة تُعرف باسم 'ترصيع الخياطة'، حيث يُخاط كلّ حجر ألماس داخل إحدى خلايا نبتة الشوك كما تُخاط حبّات الخرز على الأقمشة، وقد 'خيطت' أكثر من 600 ألماسة على الرأس الأكبر، وأكثر من 200 على الرأس الأصغر، في عمل بالغ الدقة تطلّب مئات الساعات من العمل الدقيق.
أما السيقان والأشواك والأوراق، فصيغت من الذهب الأبيض ورُصّعت بالألماس، ثم غُلّفت بطبقة رقيقة من السيراميك الأبيض، أُطبقت بعناية متناهية لإخفاء المعدن تماماً عن العين، وعلى الجهة الخلفية للأوراق، جُوّفت الزخرفة بأسلوب مشغول بالنقش المخرّم، ما يضاعف بريق الألماس.
في هذا التكوين، تقترب خنفساء وحيد القرن، وكأنها تنجذب إلى هذا العالم الأبيض المضيء، وقد صيغت من الذهب الأبيض، رصّعت بالألماس، وغُلّفت بطبقة من السيراميك.
كيف يُستخدّم هذا التكوين؟
يمكن نزع رأس الشوك الأكبر والتزيّن به كبروش أو كقطعة تُحمل على الجسم بواسطة حبل مصنوع من مادة حيوية، وهو ابتكار يُسجَّل كأول استخدام لمثل هذه المادة في المجوهرات الراقية. أما الرأس الأصغر فيتحوّل إلى خاتم مزدوج الأصابع، بينما يمكن التزيّن بالخنفساء كبروش مستقل.
التكوين السادس... براعة المزج بين زهرة التوليب وغصن الكينا واليعسوبة
في هذا التكوين، التقط الاستديو الإبداعي رهافة زهرة التيوليب وغصن الكينا وكأنهما قد تجمّدا في شفافيتهما الحريرية؛ إذ تخلّد كلير شوان رعشة المدقّة وانحناءة البتلة، في تلك اللحظة التي تسبق ملامسة الضوء، أما الإناء الذي يحتضن هذا المشهد الطبيعي، فقد صيغ يدوياً من زجاج البوروسيليكات، وجاء بتأثير رملي على طرفيه ليمنحهما لمسة متناوبة بين الشفافية وغياب اللمعان.
اختارت المديرة الإبداعية زجاج البوروسيليكات لما يتيحه من حرية تشكيل تفوق تلك التي يوفّرها الكريستال الصخري، ما سمح بتجسيد جمال هذه النباتات الخالدة بأدقّ تفاصيلها، وقد صاغه الحرفيون يدوياً بعد إتقان تقنيات النفخ والنحت الزجاجي، ليبلغوا به سماكة لا تتجاوز المليمترين، ومن السيقان إلى العروق والبتلات، جُسّدت جميعها بأعلى درجات الدقّة والواقعية، فيما جاءت الأسدية المحيطة بمدقّة التيوليب قابلة للحركة، ويمنح الترصيع الدقيق بالألماس بريقاً خافتاً ينسجم بتناغم مع صفاء الزجاج.
وتُتوّج هذه التوليفة الطبيعية بيعسوبة تستقرّ فوقها، وقد تمثّل التحدي التقني الأكبر في إبراز تفاصيل جناحيها بدقة متناهية لا تتجاوز سماكتها المليمتر الواحد، من خلال طبقة من زجاج الياقوت تغلّف طبقة رقيقة من عرق اللؤلؤ، ما يمنحهما ذلك البريق القزحي الطبيعي، أما العروق، فقطعتها أشعة الليزر لتعزيز هذا الطابع الطبيعي، بينما صيغ جسم اليعسوبة من الذهب الأبيض ورُصّع بالألماس.
عند 'قطفه'، يتحوّل غصن الكينا إلى بروش أو قطعة لتزيين الشعر، فيما تتحوّل زهرة التوليب إلى بروش مستقل، وتُعلّق اليعسوبة كقرط.