الذهب.. تزايد الطلب على السبائك والجنيهات وسط توقعات بموجة صعود جديدة

ساهم الارتفاع الكبير في أسعار الذهب في تعزيز الطلب داخل السوق المحلي، وسط توقعات بموجة صعود جديدة للمعدن النفيس مدفوعة بالتوترات الجيوسياسية العالمية، وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية خلال الأسابيع المقبلة.

طلب متزايد على السبائك والجنيهات

قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة 'آي صاغة'، إن السوق المحلي يشهد طلبًا قويًا على السبائك والجنيهات الذهبية، بعد أن استغل المواطنون الهبوط السعري الأخير لشراء الذهب باعتباره فرصة استثمارية جديدة في ظل توقعات بعودة الارتفاع.

وأضاف أن نقص المعروض من السبائك دفع عددًا من الشركات والمحال إلى تمديد فترات التسليم لتتراوح بين أسبوع وشهر، لحين توفير الكميات عبر الاستيراد أو إعادة تدوير الذهب الكسر والمستعمل المتداول في السوق المحلي.

وأشار إلى أن الظاهرة ليست جديدة، إذ ظهرت لأول مرة في مارس 2022 بعد خفض قيمة الجنيه المصري وتقييد الاستيراد، ما دفع المواطنين آنذاك إلى التحوط بالذهب لمواجهة أزمة نقص الدولار.

التضخم الأمريكي يدعم ارتداد الأسعار عالميًا

شهدت أسعار الذهب العالمية ارتدادًا صعوديًا جزئيًا في ختام تعاملات الجمعة، عقب صدور بيانات التضخم الأمريكية لشهر سبتمبر التي جاءت أقل من التوقعات، وهو ما عزز رهانات خفض الفائدة في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي يومي 28 و29 أكتوبر.

ووفق بيانات وزارة العمل الأمريكية، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 3% سنويًا، مقابل توقعات بـ3.1%، كما ارتفع التضخم الأساسي بنسبة مماثلة، وهو ما رفع احتمالات خفض الفائدة إلى نحو 96% بحسب منصة برايم ماركت ترمينال.

وفي موازاة ذلك، أعلنت ستاندرد آند بورز جلوبال عن تحسن نشاط الأعمال الأمريكي، بينما تراجعت ثقة المستهلك وفق مؤشر جامعة ميشيجان المعدل.

وتزامن ذلك مع إعلان البيت الأبيض عن لقاء مرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج في كوريا الجنوبية، إضافة إلى فرض عقوبات جديدة على روسيا استهدفت شركتي لوك أويل وروسنفت، مما زاد من توتر الأسواق ودعم الطلب على الذهب كملاذ آمن.

تصحيح فني طبيعي وفرصة للشراء

وأوضح إمبابي أن الذهب حقق مكاسب استثنائية خلال العام الجاري بدعم من التوترات الجيوسياسية ومشتريات البنوك المركزية وتوقعات تيسير السياسة النقدية الأمريكية.

وأشار إلى أن عوائد السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات تراجعت إلى 3.989%، مما حفّز الطلب على الذهب رغم التصحيح الفني الأخير، بعد تسعة أسابيع متتالية من الصعود، وهي رابع أطول سلسلة ارتفاع منذ عام 1978.

وأكد أن فترات الصعود الطويلة عادة ما تتبعها تراجعات قصيرة لا تعني انعكاس الاتجاه العام، بل تمهّد لاستئناف الموجة الصاعدة على المدى الطويل.

توقعات البنوك العالمية: مكاسب جديدة في الأفق

رفعت عدة بنوك عالمية، بينها جي بي مورجان، توقعاتها لسعر الذهب خلال الفترة المقبلة، متوقعة أن يصل متوسط سعر الأوقية إلى نحو 5055 دولارًا في الربع الأخير من 2026، بدعم من استمرار مشتريات المستثمرين والبنوك المركزية بمعدل يقارب 566 طنًا فصليًا.

ويرى محللون أن التصحيح الحالي يمثل مرحلة تماسك صحية داخل الاتجاه الصاعد، وليس بداية لانعكاس سلبي في مسار المعدن النفيس، بينما يظل الذهب محتفظًا بجاذبيته كأداة للتحوط ضد التضخم والمخاطر الجيوسياسية.

الذهب يحافظ على جاذبيته كملاذ آمن

في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية وارتفاع معدلات التضخم، لا يزال الذهب يحافظ على مكانته كملاذ استثماري آمن، مع اعتبار أي تراجع في الأسعار فرصة للشراء.

ويؤكد خبراء أن السوق يدخل مرحلة إعادة توازن مؤقتة تمهيدًا لجولة جديدة من الصعود مدفوعة بموجة شراء مؤسسية قوية واستمرار الطلب من البنوك المركزية، ما يجعل الذهب مرشحًا لمزيد من المكاسب خلال الأشهر المقبلة.