اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٢ حزيران ٢٠٢٥
تواجه إيران واحدة من أكثر اللحظات حساسية في تاريخها الحديث، وسط تصعيد عسكري غير مسبوق من إسرائيل، وتدخل مباشر من الولايات المتحدة، في وقت تتآكل فيه قدرة طهران على المناورة.
وبحسب تقرير نيويورك تايمز، فإن الضربات الأخيرة كشفت بوضوح هشاشة الدفاعات الإيرانية، وزادت من تعقيد موقف النظام داخليًا وخارجيًا.
الضربات العسكرية: إسرائيل تبدأ والولايات المتحدة تنضم
بدأت سلسلة الضربات العسكرية في 12 يونيو 2025، حين شنت إسرائيل هجمات على 15 موقعًا استراتيجيًا في إيران، شملت منشآت نووية مثل نطنز وفوردو وأصفهان. وأسفرت هذه الضربات عن مقتل ثلاثة من كبار قادة الأمن الإيرانيين، وفقًا لما أوردته التايمز.
وقد بنيت هذه العملية على تقديرات خاطئة من الحرس الثوري، الذي افترض أن إسرائيل لن تتحرك عسكريًا قبل استئناف محادثات نووية في العاصمة العُمانية، مسقط. لكن فجر الأحد 22 يونيو، شهد تحولًا مفاجئًا بدخول الولايات المتحدة رسميًا على خط الصراع عبر ضربات استهدفت منشآت نووية، أكدت وقوعها هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، ووصفتها بأنها 'انتهاك للقوانين الدولية ومعاهدة منع الانتشار النووي'.
إيران تحذّر من 'عواقب دائمة' للتدخل الأمريكي
في أول رد رسمي على الضربات الأمريكية، أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، عبر منصاته الرسمية أن طهران تحتفظ بحقها في الرد المشروع، واعتبر أن واشنطن خرقت ميثاق الأمم المتحدة عبر مشاركتها في الهجمات. وفي مقابلة مع شبكة NBC، قال عراقجي: 'الدفاع عن النفس حق مشروع لكل دولة. إذا تعرضنا لهجوم، سنرد'.
وكشفت الصحيفة أن إيران كانت تأمل، حتى اللحظة الأخيرة، أن يُثني مستشارو الرئيس دونالد ترامب إدارته عن الانخراط في الصراع، وهو ما لم يحدث، رغم المحادثات التي أجراها عراقجي في تركيا مع مسؤولين عرب وأوروبيين بهدف كسب دعم دبلوماسي، لكنها باءت بالفشل.
رضائي يلوّح برد شامل: الخليج ومضيق هرمز في دائرة الخطر
وقبل الضربة الأمريكية، حذر اللواء محسن رضائي، القيادي البارز بالحرس الثوري وعضو المجلس الأعلى للأمن القومي، من أن تدخل ترامب في الحرب قد يؤدي إلى هجمات على القواعد الأمريكية، وزرع ألغام بحرية في الخليج، إضافة إلى إغلاق مضيق هرمز، الذي تمر عبره نحو 20 مليون برميل نفط يوميًا.
وقالت الصحيفة إن مثل هذا التحرك من شأنه أن يُحدث صدمة في تجارة الطاقة العالمية، ويُضر بالاقتصاد الصيني، الذي يُعد الحليف الاقتصادي الأبرز لطهران.
الرد العسكري: مغامرة محفوفة بمخاطر الانهيار
حتى الآن، امتنعت إيران عن مهاجمة القوات الأمريكية بشكل مباشر، إلا أن قادتها العسكريين يلوحون بالتصعيد في حال استمرار الهجمات. ومع ذلك، فإن خيارات طهران تبدو شديدة التعقيد: فالرد المباشر قد يقود إلى حرب شاملة تهدد النظام، في حين أن القبول بوقف إطلاق النار قد يُنظر إليه داخليًا كاستسلام، ويُضعف مكانتها الإقليمية.
أزمة داخلية خانقة وثقة متآكلة داخل النظام
داخل إيران، تعكس رسائل مسرّبة من الحرس الثوري حالة من الصدمة والارتباك، حيث عبّر ضباط عن غضبهم من فشل الدفاعات الجوية في التصدي للغارات الإسرائيلية والأمريكية. وكتب أحدهم: 'أين دفاعاتنا الجوية؟!'، في مؤشر على فقدان الثقة داخل المؤسسات الأمنية.
كما حمّل مسؤولون في طهران القيادة الإيرانية مسؤولية تجاهل تحذيرات استخباراتية كانت قد نبهت إلى هجمات محتملة، ظنًا منهم أن إسرائيل لن تغامر بإفشال المفاوضات المرتقبة. هذا الخطأ الاستراتيجي سلط الضوء على ضعف بنية اتخاذ القرار في النظام الإيراني.
خيارات دبلوماسية محدودة بعد انهيار مسار مسقط
قبل بدء الهجمات، كانت طهران وواشنطن تخوضان مفاوضات غير مباشرة في عمان لاحتواء التوتر. واقترحت الإدارة الأمريكية، بحسب الصحيفة، تفكيك البرنامج النووي مقابل تخفيف العقوبات، مع إنشاء 'اتحاد نووي مدني' بمشاركة دول عربية. إلا أن طهران رفضت التخلي عن تخصيب اليورانيوم على أراضيها، وانهارت المفاوضات بعد بدء الضربات الإسرائيلية، التي سبقت اللقاء المرتقب بيومين.
وبعد دخول واشنطن الحرب، ازدادت التعقيدات. وقال رضا صالحي، محلل سياسي محافظ، إن 'التفاوض في هذا السياق سيقود إلى مطالب جديدة، مثل قدراتنا الدفاعية، مما يعقد الأمور أكثر'.
الميليشيات الحليفة: تأثير محدود وتراجع في الفاعلية
رغم تصاعد التوتر، لم تظهر الميليشيات الحليفة لإيران في المنطقة نشاطًا يغير قواعد الاشتباك. فـ'حزب الله' في لبنان و'حماس' في غزة أُنهكا بضربات إسرائيلية متكررة، والميليشيات العراقية تراجعت عن مهاجمة القواعد الأمريكية. وبرز الحوثيون في اليمن كأبرز تهديد، إذ حذر المتحدث العسكري يحيى سريع، يوم السبت، من استهداف السفن الأمريكية إذا واصلت واشنطن دعمها للهجمات الإسرائيلية، مهددًا بخرق هدنة مايو مع ترامب.
الرهانات الإقليمية: الصين وروسيا في موقف المتفرج
أشارت الصحيفة إلى أن الضغوط الإقليمية تمتد إلى الحلفاء. فالصين، رغم علاقاتها الوثيقة مع إيران، تجد نفسها في موقف حرج، بسبب اعتمادها على استقرار تجارة النفط. بينما اكتفت روسيا بإصدار بيانات دعم دبلوماسي، دون أي تحرك فعلي، ما يكشف عن ضعف ما تسميه طهران بـ'محور الاضطراب' الذي يضم إيران والصين وروسيا وكوريا الشمالية.
الضربات ترهق الدفاعات الإسرائيلية رغم تفوقها
وفي المقابل، حذّرت نيويورك تايمز من أن استمرار الهجمات الصاروخية الإيرانية بدأ يضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية، التي قد تستنزف صواريخها الاعتراضية قريبًا. ما قد يجبر تل أبيب على اتخاذ قرارات صعبة حول حماية مواقع بعينها، وسط استمرار التهديدات الإيرانية.
إيران أمام مفترق طرق: صراع على البقاء لا على النفوذ
خلصت نيويورك تايمز إلى أن إيران باتت أمام مفترق طرق حاسم. فالخيار العسكري قد يحفظ هيبة النظام، لكنه قد يُغرق البلاد في صراع شامل طويل الأمد. أما التراجع في ظل الهجمات فيهدد مكانتها الإقليمية ويضعف النظام داخليًا، خاصة بعد انهيار المفاوضات وانكشاف الثغرات الأمنية.
وقالت الصحيفة في ختام تحليلها: 'المستقبل القريب سيحدد ما إذا كانت إيران قادرة على الخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، أم أنها ستنحدر إلى صراع يهدد استقرارها داخليًا وإقليميًا'.