اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023، تعيش إسرائيل أزمة وجودية غير مسبوقة، إذ انكشفت هشاشة منظومتها الأمنية والاستخباراتية التي طالما تباهت بأنها 'الأكثر تقدمًا في العالم'. لكن ما جعل هذه الأزمة تتحول إلى زلزال سياسي وأمني هو التسريب الأخير لرئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي، الذي اعترف أمام عائلات الضحايا بأن إسرائيل كانت 'مخدّرة' لسنوات طويلة، وأن حماس نجحت في خداعها عبر آليات مدروسة من التضليل والتمويه، وفقًا لصحيفة 'تايمز أوف إسرائيل'.
وفي التسجيل المسرّب الذي بثته القناة 12 الإسرائيلية، قال هاليفي إن المؤسسة الأمنية التي كان يقودها آنذاك 'انخدعت' بالواجهة المدنية التي أظهرتها حماس، من تصاريح العمل إلى مشاريع البنية التحتية، بينما كانت الحركة تبني قوتها العسكرية في الخفاء.
وأضاف: 'لقد أقنعتنا حماس جميعًا – القيادة، والجيش، والاستخبارات، الشاباك والموساد – بأنها لا تريد الحرب، وهذا كان خطأً استراتيجيًا قاتلًا'.
وأكد أنه سيحمل وزر هذا الفشل 'حتى يوم وفاته'، في اعتراف غير مسبوق من مسؤول عسكري بهذا المستوى. وفقًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، وصف هاليفي سياسة السماح لحماس بإدارة غزة وتلقي التمويل الخارجي بأنها 'خطأ استراتيجي'، مشيرًا إلى أن الأموال التي كان يُفترض أن تذهب للمدنيين تم تحويلها لتعزيز القدرات العسكرية لحماس.
تفاصيل الخداع الذي 'خدّر' إسرائيل
واجهة مدنية مضللة: حماس قدّمت نفسها كجهة تسعى لتحسين ظروف المدنيين عبر مشاريع إنسانية، بينما كانت تستغل هذه الواجهة لبناء قوتها العسكرية.
ضبط الفصائل الأخرى: هاليفي أشار إلى أن حماس كانت تعاقب عناصر من حركة الجهاد الإسلامي حين يطلقون صواريخ، ما عزز الاعتقاد الإسرائيلي بأنها تسعى للاستقرار لا للحرب.
عملية 'حارس الأسوار' 2021: إسرائيل اعتبرت العملية نجاحًا عسكريًا، لكن حماس استخلصت منها أن الجيش الإسرائيلي متردد في استخدام قوات برية داخل غزة، ما شجعها على التخطيط لهجوم واسع النطاق.
التحذيرات التي أُهملت: كانت محللة استخباراتية إسرائيلية شابة قد رصدت تغيرًا حادًا في تدريبات حماس قبل الهجوم، لكن تحذيرها لم يُؤخذ على محمل الجد.
انعكاسات التسريب على الداخل الإسرائيلي
انهيار الثقة بالجيش، والضغط السياسي على نتنياهو، والغضب الشعبي المتصاعد شكّلوا معًا مثلثًا من الأزمات التي هزّت إسرائيل بعد تسريب اعترافات هرتسي هاليفي. فإقرار رئيس الأركان السابق بأن 'الجيش فشل' زعزع صورة المؤسسة العسكرية التي طالما اعتُبرت العمود الفقري للدولة، وأفقدها جزءًا كبيرًا من هيبتها أمام المجتمع الإسرائيلي. في الوقت نفسه، وجد نتنياهو نفسه تحت ضغط سياسي غير مسبوق، إذ اتُّهم بتجاهل التحذيرات وتغليب حساباته الشخصية على الأمن القومي، ما زاد من حدة الانقسامات الداخلية.
أما على المستوى الشعبي، فقد تحوّل الغضب إلى موجة احتجاجات ومطالبات بمحاسبة المسؤولين، حيث رفعت عائلات الضحايا صوتها مطالبة بتحقيقات مستقلة تكشف حجم الإخفاقات وتحدد المسؤوليات، في مشهد يعكس اهتزازًا عميقًا في بنية الثقة بين المجتمع ومؤسساته الأمنية والسياسية.
ودوليًا، خرجت إعادة تقييم صورة إسرائيل في الغرب عن إطار النقاشات الأكاديمية النظرية، لتتحول إلى مراجعة جذرية لصورة الدولة التي طالما وُصفت بأنها 'العين التي لا تنام'. فبعد الفشل الذريع في 7 أكتوبر، بدأت دوائر سياسية وإعلامية غربية تشكك في أسطورة التفوق الاستخباراتي الإسرائيلي، معتبرة أن ما حدث كشف عن ثغرات عميقة في بنية الأمن القومي.
ووصف العالم ما جرى بأنه 'فشل استخباراتي رهيب'، بينما أشار مركز مكافحة الإرهاب في 'ويست بوينت'، الاسم الشائع الأكاديمية العسكرية الأمريكية بنيويورك، إلى أن إسرائيل وقعت ضحية 'تحيزات معرفية' واعتماد مفرط على التكنولوجيا، ما جعلها غير قادرة على قراءة الواقع الميداني بشكل صحيح.


































