اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في سابقة علمية هي الأولى من نوعها، رصدت مركبة 'بيرسيفيرانس' التابعة لوكالة الفضاء الأميركية ناسا نشاطاً كهربائياً في الغلاف الجوي الرقيق لـ كوكب المريخ، في اكتشاف وصفه العلماء بـ'الاختراق الكبير' في دراسة هذا الكوكب الغامض.
التسجيلات التي التقطتها المركبة صوتية وكهرومغناطيسية كشفت عن تفريغات كهربائية دقيقة ترافق أعمدة الغبار التي تظهر بشكل متكرر فوق سطح المريخ. ويؤكد العلماء أن ما تم رصده لا يُعد 'برقاً' بالمعنى التقليدي، بل شرارات صغيرة لا يتجاوز طولها بضعة مليمترات.
يقول عالم الكواكب بابتيست تشيد من معهد أبحاث الفيزياء الفلكية في فرنسا، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة المنشورة في مجلة نيتشر:'هذه التفريغات الكهربائية تمثل اكتشافاً كبيراً، ولها آثار مباشرة على فهم كيمياء الغلاف الجوي للمريخ ومناخه وصلاحيته للسكن، إضافة إلى مستقبل الاستكشاف الآلي والبشري.'
أما العالم رالف لورينز من جامعة جونز هوبكنز، فيوضح:
'ما رصدناه ليس برقاً حقيقياً، بل شرارات صغيرة لا تكاد تُرى.'
وفي تقرير لوكالة أسوشييتد برس، كشف فريق البحث أنه تم رصد 55 حالة من التفريغات الكهربائية خلال عامين مريخيين، معظمها أثناء العواصف الترابية والزوابع التي تشتهر بها تضاريس الكوكب الأحمر.
وبفضل ميكروفون المركبة المثبت على ارتفاع مترين، أمكن التقاط طقطقات دقيقة شبيهة بالكهرباء الساكنة، تبرز وسط هدير الرياح واصطدام حبيبات الغبار بالمعدات.
ويقول تشيديه:'يشبه الأمر العثور على قطعة ناقصة من أحجية معقدة. لقد بحث العلماء عن هذه الظاهرة منذ نصف قرن.'
ورغم قوة الأدلة، يشير الباحث دانيال ميتشاريد من جامعة كارديف الذي لم يشارك في الدراسة إلى أن التفريغات الكهربائية سُمعت ولم تُرصد بصرياً، مؤكداً ضرورة إرسال أدوات أكثر تخصصاً للتحقق النهائي.
حلل فريق البحث 28 ساعة من التسجيلات، وخلص إلى أن تفريغات الزوابع الترابية عادة ما تدوم ثوانٍ قليلة، بينما يمكن أن تمتد تلك الناتجة من العواصف الترابية الكبرى إلى 30 دقيقة.
ويُرجع العلماء هذه الظاهرة إلى أن الغلاف الجوي المريخي الرقيق والغني بثاني أكسيد الكربون يجعل الكوكب أكثر عرضة للشرر الناتج عن احتكاك الغبار مقارنة بالأرض.
ليست هذه المرة الأولى التي يقدّم فيها المسبار أصواتاً من الكوكب الأحمر، فقد سبق له تسجيل صوت عجلاته على التربة المريخية وأزيز مروحية 'إنجينيويتي' قبل توقفها عن الطيران.
ومنذ هبوطه عام 2021، يعمل المسبار على فحص دلتا نهر جاف، وجمع عينات صخرية بحثاً عن آثار حياة ميكروبية قديمة وتخطط ناسا لإعادة هذه العينات إلى الأرض، لكن المهمة تواجه تأجيلا بسبب التكاليف.
يمثل هذا الرصد غير المتوقع خطوة جديدة في فهم بيئة المريخ القاسية، وقد يسهم في تشكيل تصور أدق عن طبيعة العواصف والغلاف الجوي وإمكانات السكن البشري مستقبلاً.
ومع أن 'البرق المصغر' لا يشبه عواصف الأرض المدوية، إلا أنه يكشف عن نشاط خفي ظل العلماء يبحثون عنه لعقود.


































