اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
في أعقاب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، بدأت تتكشف ملامح الدمار غير المسبوق الذي خلفته الحرب في قطاع غزة. لكن ما يثير القلق أكثر من حجم الخراب، هو الوسيلة المستخدمة في تدمير الأحياء السكنية وهي روبوتات متفجرة، تم الدفع بها إلى قلب المناطق المدنية، لتفجيرها عن بُعد وتحويلها إلى رماد.
بحسب تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي كثّف من استخدام هذه الروبوتات خلال الأشهر الأخيرة من الحرب، حيث تم تفجير عشرات منها داخل مربعات سكنية مكتظة، ما أدى إلى تسوية أحياء كاملة بالأرض. هذه الروبوتات، التي تُسوّق كأدوات ذكية، أثبتت أنها أكثر فتكًا من القنابل التقليدية، وتُستخدم في سياق سياسي وأمني يهدف إلى إعادة تشكيل غزة بالقوة.
لكن ما كشفته صحيفة الإندبندنت البريطانية في تقريرها الميداني بعنوان 'روايات على أنقاض المنازل… روبوتات متفجرة تدمر غزة'، يضيف بُعدًا إنسانيًا صادمًا إلى المشهد. فغزة لم تعد مدينة، بل 'أنقاض بلا معالم ولا هوية'. استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي هذه الروبوتات لتفجير أحياء بأكملها، ما أدى إلى تغيير شكل المربعات السكنية بالكامل، وتحويل المدينة إلى ما يشبه موقعًا زلزاليًا مدمرًا.
إحدى سكان غزة، عادت بعد وقف إطلاق النار لتفقد منزلها، لكنها لم تجد سوى كتل متشابكة من الأسمنت والحجارة. تقول إن معالم المدينة تغيرت بالكامل، وإنها لم تعد قادرة على التعرف إلى شوارعها التي حفظتها عن ظهر قلب. 'الزلزال العسكري' كما وصفته، محا كل ما كان مألوفًا.
وقبل بدء عملية 'عربات جدعون 2'، كانت غزة مكتظة بـ1.1 مليون نسمة. لكن خلال أسابيع قليلة، نزح أكثر من 600 ألف شخص قسرًا، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة. ومع توقف القتال، عاد كثيرون لتفقد منازلهم، ليكتشفوا أن ما تبقى لا يصلح حتى لنصب خيمة.
ووصف أحد سكان حي الزيتون، رحلته إلى منزله بأنها استغرقت أربع ساعات بسبب الطرق الوعرة، لكنه انهار من شدة الصدمة عندما رأى الحي وقد تحول إلى ركام. يقول إن الدمار كان شاملًا، حتى الأرصفة والأشجار لم تسلم، وإن شظايا العربات المفخخة كانت ظاهرة في كل شارع، وأسقف المنازل أصبحت كالرماد.
ووقفت إحدى سكان حي الكرامة، تبكي أمام بيتها المدمر جزئيًا، تقول إن البيت كان يمثل وطنًا صغيرًا، وإن فرحة العودة انعدمت تمامًا حين لم تجد جدرانًا تسترها. تضيف أن الأبنية التي كانت تحجب رؤية السياج الفاصل مع إسرائيل قد اختفت، وأصبح الدمار ممتدًا على مد البصر.
وأشار تقرير الإندبندنت إلى أن الدمار لم يكن عشوائيًا. فقد صرّح وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس بأن 'مدينة غزة ستتحول إلى شاهد قبر لحماس'، في إشارة إلى استراتيجية التدمير الشامل.
وأكد أستاذ السياسات العسكرية منصور أبو كريم في حديثه للصحيفة أن 'الروبوتات المفخخة استخدمت لتدمير مربعات سكنية بمساحة تصل إلى 200 متر مربع، ما جعل المدينة تبدو كأنها ضُربت ببركان'.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن 80% من مباني غزة مدمرة بالكامل، و90% من خيام السكان مهترئة. لا ماء، لا كهرباء، لا مأوى. أحد سكان حي الشيخ رضوان قال إن الناس في غزة يتحركون كأنهم موتى يبحثون عن أي حياة وسط بحر من الأنقاض، وكأن زلازل متتالية ضربت مناطقهم.
وعادت إحدى سكان حي الصبرة، لتفقد بيت صديقتها بعد توقف القتال، فوجدته قائمًا، لكن بعد أيام، اشتعلت فيه النيران. أرسلت صورة جديدة لصديقتها، لكن حتى هذا الخبر السعيد لم يصمد أمام حجم الدمار في الحي بأكمله.
وقالت الصحيفة البريطانية إن ما حدث في غزة لا يُعد مجرد دمار بفعل الحرب، بل تحول نوعي في أدوات القتال، حيث أصبحت التكنولوجيا وسيلة لإعدام الحياة. والروبوتات المتفجرة، رغم أنها تُسوّق كأدوات ذكية، أثبتت أنها أدوات صامتة للتهجير الجماعي وتفكيك المدن من الداخل.