اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
معارك الفاشر تتصاعد وحصار المدينة يفاقم أزمة إنسانية حادة
تشهد مدينة الفاشر، أكبر مدن إقليم دارفور وعاصمة الولاية الشمالية، تصعيدًا عسكريًا وإنسانيًا متسارعًا، بعد أن فرضت ميليشيا الدعم السريع حصارًا على المدينة ابتداءً من 10 مايو 2024، عقب انحياز بعض الفصائل المسلحة لصالح الجيش.
ومنذ ذلك التاريخ تعاني الفاشر من شُح في الغذاء والدواء وحرمان شبه كامل من المساعدات الإنسانية.
أهمية استراتيجية وسعي للسيطرة على دارفور الغربي
ترى ميليشيا الدعم السريع في السيطرة على الفاشر محطة حاسمة، إذ تمثل آخر معقل كبير لمعارضيها في إقليم دارفور.
وسقوط الفاشر يعني، بحسب مراقبين، ترسيخ نفوذ الدعم السريع على كامل الإقليم الغربي، بعد سيطرتها السابقة على الجنينة ونيالا وزالنجي والضعين، ما يثير مخاوف من تكريس انقسام جغرافي يشبه سيناريوهات الانفصال والتجزئة في مناطق أخرى مثل ليبيا.
ويقطن إقليم دارفور نحو 9.5 مليون نسمة على مساحة تقارب 493 ألف كيلومتر مربع — ما يقارب نصف مساحة مصر — وهو إقليم غني بموارد طبيعية من نفط ويورانيوم وثلثي ثرواته الحيوانية، ما يمنح السيطرة عليه أبعادًا اقتصادية واستراتيجية إضافية.
جوع وأوبئة وتقديرات أممية مقلقة
أظهرت تقديرات أممية صدرت في يوليو أن 38% من الأطفال دون الخامسة في مواقع النزوح بالفاشر يعانون من سوء تغذية حاد، بينهم 11% في حالات سوء تغذية حادة وخطيرة.
ومع تكثيف الهجمات وحصار القوافل، تفاقمت أوضاع السكان المدنيين الذين يواجهون تهديدًا جديًا بخروج خدمات الصحة والتغذية عن الخدمة.
سيطرة مقر الفرقة السادسة وإعدامات ميدانية
أعلنت الدعم السريع مؤخرًا استيلاءها على مقر قيادة الفرقة السادسة مشاة في الفاشر، ما اعتبره الجيش انقلابًا على آخر معاقل وجوده بالمدينة.
وتبعه، بحسب تقارير وشهادات متداولة، تنفيذ حملات إعدامات ميدانية واعتقالات واسعة بحق مدنيين، ما أعاد إلى ذهني الذاكرة حالات العنف والطرد القَبَلي التي شهدها الإقليم سابقًا، ولا سيما جرائم ضد قبيلة المساليت في الجنينة.
كما وثّقت بعض المواد المصورة انتهاكات أثارت استنكارًا محليًا واسعًا.
وتعذر خروج بعض الصحفيين؛ فقد أُبلغ عن اعتقال صحفي محلي خلال محاولته مغادرة المدينة، فيما نزح مئات المدنيين شمالًا هربًا من المعارك.
تنديد أممي وتحذيرات من فظائع أوسع نطاقًا
حذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومفوضه فولكر تورك، من تقارير «مقلقة» تفيد بارتكاب فظائع بعد سيطرة الدعم السريع على أجزاء واسعة من الفاشر ومدينة بارا بشمال كردفان، مشيرًا إلى تصاعد خطر وقوع مزيد من الانتهاكات الواسعة الدوافع والنتائج.
ودعا تورك إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين وتأمين ممرات آمنة للمهجرين.
ضغط دبلوماسي ورفض لتكرار سيناريوهات التقسيم
وأكد مسؤولون غربيون، ومن بينهم كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس، سعي بلاده وشركائها إلى إقرار هدنة إنسانية وفق «خطة الرباعية» التي تقترح ثلاثة أشهر هدنة تليها مرحلة انتقالية، محذرين من أن التطورات في الفاشر قد تكون بداية لمرحلة تقسيم مشابهة لليبيا، وهو ما تصفه واشنطن وغيرُها بأنه «غير مقبول».
تهديد بالقصاص من القيادة السودانية
ردًا على التطورات، تعهد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بالقصاص لأهالي الفاشر، مؤكدًا أن القوات المسلحة والقوات المشتركة ستنتصر «وستقلب الطاولة» على من وصفهم بـ«المجرمين والمرتزقة»، معلنًا استمرار العمليات العسكرية حتى استعادة السيطرة وطهارة الأرض من العناصر التي وصفها بالخونة.
تجمع التقديرات أن الفاشر تتحول إلى بؤرة إنسانية وأمنية ذات بعد إقليمي. ومع استمرار الحصار والاشتباكات، باتت الحاجة ملحة لتحرك دولي فوري لفتح ممرات آمنة وتأمين إيصال المساعدات وفرز المسؤولية عن الانتهاكات ومحاسِبة مرتكبيها، قبل أن تتعمق كارثة إنسانية قد تمتد آثارها إلى كامل الإقليم وتشكل تهديدًا لاستقرار السودان والمنطقة بأسرها.


































