اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في تحول غير مسبوق في سياسات وزارة الدفاع الأمريكية، يقود وزير الدفاع بيت هيجسيث جهودًا لتحويل البنتاجون إلى منصة مركزية لتسويق الأسلحة الأمريكية عالميًا، عبر إصلاحات هيكلية واسعة تهدف إلى تسريع عمليات البيع، وتوسيع النفوذ العسكري الأمريكي من بوابة التصدير الدفاعي.
ووفقا لتقرير نشرته مجلة ريسبونسبل ستيتكرافت اليوم الخميس الموافق ٦ نوفمبر ٢٠٢٥، يستعد هيجسيث لعقد اجتماع مع كبار قادة الصناعة الدفاعية في واشنطن للإعلان عن تغيير تنظيمي كبير، يتمثل في نقل وكالة التعاون الأمني الدفاعي — المسؤولة عن مبيعات الأسلحة الأجنبية — من مكتب السياسات إلى مكتب التوريد والاقتناء داخل البنتاجون. هذه الخطوة تهدف إلى دفع مسؤولي التوريد إلى إعطاء أولوية أكبر لما يرغب الحلفاء في شرائه، وجعل المنتجات الأمريكية أكثر تنافسية في الأسواق العالمية، وفقًا لما نقلته مجلة بوليتيكو.
يعمّق هذا التغيير التداخل بين القطاعين العام والخاص، إذ يُحوّل مسؤولي البنتاجون فعليًا إلى شركاء تصميم مع شركات الأسلحة، في محاولة لجعل منتجاتهم أكثر جاذبية دوليًا. ويأتي ذلك رغم أن الصناعة الدفاعية الأمريكية تحقق بالفعل أرباحًا ضخمة عالميًا، حيث بلغ حجم مبيعات الأسلحة الأجنبية أكثر من ٨٤٥ مليار دولار في عام ٢٠٢٤، ما يجعل الولايات المتحدة أكبر مصدر للأسلحة في العالم.
النموذج الاقتصادي الذي تعمل به شركات الأسلحة الأمريكية فريد من نوعه، إذ يتم تطوير معظم المنتجات بموجب عقود حكومية من نوع 'تكلفة + ربح'، ما يعني أن الحكومة — أي دافعو الضرائب — تتحمل تكاليف البحث والتطوير، بينما تحصل الشركات على أرباح إضافية. هذا النموذج يجعل المواطنين الأمريكيين أشبه بمستثمرين في مشاريع لا تعود عليهم بأي أرباح مباشرة، على عكس المستثمرين التقليديين.
ورغم أن قانون مراقبة تصدير الأسلحة الذي أقره الكونجرس عام ١٩٧٦ ينص على ضرورة أن تسدد الدول الأجنبية تكاليف البحث والتطوير عند شراء الأسلحة الأمريكية، إلا أن القانون يسمح بطلب إعفاءات من هذه الرسوم. وقد كشف تقرير لمكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي عام ٢٠١٨ أن وكالة التعاون الأمني الدفاعي وافقت على إعفاءات بنسبة ٩٩٪ خلال ست سنوات، ما يعني أن الشركات تحقق أرباحًا من منتجات لم تموّلها بنفسها، بينما يُحرم المواطنون من أي عائد على استثماراتهم الضريبية.
وانتقد دان جرازيير، الباحث في مركز ستيمسون والزميل السابق في مشاة البحرية الأمريكية، هذه السياسات بشدة في مقاله بمجلة ريسبونسبل ستيتكرافت، معتبرًا أن تحويل مسؤولي الاقتناء في البنتاجون إلى 'موظفين ملحقين بشركات الأسلحة' يُعدّ صفقة سيئة للمواطنين الأمريكيين. وأكد أن على الحكومة أن تضمن استفادة الشعب من هذه الترتيبات، لا أن تتحول إلى وكيل مبيعات لصالح الشركات.
كما شدد على أن الأولوية يجب أن تكون لتطوير أدوات فعالة للجيش الأمريكي تُسلّم في الوقت المحدد وضمن الميزانية، بدلًا من التركيز على تسويق الأسلحة في الخارج. واعتبر أن تجنب الإخفاقات المتكررة في الاقتناء خلال الـ٢٥ سنة الماضية سيكون أكثر فاعلية في تحسين صورة الأسلحة الأمريكية عالميًا من أي إصلاح تنظيمي.
وفي أغسطس ٢٠٢٥، أعلن البنتاجون عن توقيع عقد ضخم مع شركة RTX بقيمة ٥٠ مليار دولار، يمتد حتى عام ٢٠٤٥، ويشمل توريد أنظمة ومنتجات نهائية وقطع غيار وخدمات دعم، ما يعكس مركزية هذه الشركة في الاستراتيجية الدفاعية الجديدة.
تجدر الإشارة إلى أن التحول الذي يقوده هيجسيث لا يقتصر على الجانب الاقتصادي، بل يحمل أبعادًا استراتيجية عميقة. فالبنتاجون، وفقًا لهذه الرؤية، لم يعد مجرد مؤسسة دفاعية، بل أصبح أداة مركزية في السياسة الخارجية الأمريكية، تستخدم السلاح كوسيلة لبناء التحالفات، وفرض النفوذ، وموازنة القوى في مناطق النزاع.
ويُتوقع أن تؤدي هذه السياسات إلى زيادة كبيرة في صادرات الأسلحة الأمريكية خلال السنوات المقبلة، مع تركيز خاص على الأنظمة الدفاعية المتقدمة، والطائرات بدون طيار، والتقنيات السيبرانية، ما يعزز مكانة واشنطن كمصدر أول للتكنولوجيا العسكرية في العالم.


































