اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
في ظل تصاعد الأزمات وتبدل موازين القوى في الشرق الأوسط، تواصل خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعادة ترتيب المشهد في غزة إثارة الجدل الإقليمي والدولي.
فبينما يصفها ترامب بأنها 'صفقة سلام عظيمة لإسرائيل والعالم العربي والإسلامي'، يرى المراقبون أن جوهرها لا يتجاوز محاولة سريعة لصناعة إنجاز سياسي في توقيت حساس.
تجدر الإشارة إلى أن الخطة التي تقوم على مرحلتين — تهدئة ميدانية عبر تبادل الأسرى، ثم الانتقال إلى نزع سلاح حماس — تحمل في تفاصيلها ما يشبه اللغم المؤجل، إذ إن التنفيذ الفعلي يعتمد على التزام طرفين لا يثقان ببعضهما، ورئيس أمريكي يواجه ضغوطًا انتخابية داخلية، وفقا لصحيفة تورنتو ستار الكندية.
من الجانب الإسرائيلي، يدخل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المفاوضات بوجهين: أحدهما دبلوماسي يرحب بالوساطة المصرية، وآخر عسكري يلوّح بالعودة للقتال إن لم تلتزم حماس ببنود الاتفاق خلال المهلة المحددة.
هذه الازدواجية، كما يراها مراقبون في تل أبيب، ليست جديدة في سياسة نتنياهو الذي طالما أدار الصراع أكثر مما سعى إلى حله. فالرجل الذي يفاوض تحت ضغط الشارع اليميني يحرص على ألا يظهر بمظهر المتنازل، ويقدّم كل خطوة تكتيكية باعتبارها 'نصرًا مؤقتًا' على المقاومة الفلسطينية.
أما حركة حماس، فهي تجد نفسها أمام اختبار وجودي لم تشهده منذ تأسيسها. فالموافقة على نزع السلاح تعني خروجها من المعادلة السياسية والعسكرية في غزة، في حين أن الرفض الصريح يهدد بتعطيل المفاوضات واتهامها بإفشال فرص السلام.
لذلك تتجه الحركة إلى ما تسميه 'تدوير الطاولة' — أي تحويل النقاش حول السلاح إلى قضية فلسطينية داخلية تشمل فصائل أخرى — لتفادي تقديم تنازل مباشر أمام إسرائيل أو واشنطن.
هذه المناورة تمنحها مساحة تفاوضية أكبر، لكنها في الوقت ذاته تثير شكوك الإدارة الأمريكية التي تريد جدولًا زمنيًا واضحًا لإنهاء ما تصفه بـ'الوجود المسلح غير الشرعي في غزة'.
وفي القاهرة، تدور المفاوضات وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة. فمصر، التي تحتضن جلسات التفاوض، تتعامل مع الملف بحذر بالغ، مدركة أن أي انزلاق سياسي أو أمني قد يعيد المنطقة إلى دوامة العنف.
كما تسعى القاهرة إلى ضمان تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق — تبادل الأسرى — باعتبارها خطوة رمزية لإثبات جدية الأطراف، لكنها تدرك أن القضايا الكبرى مثل نزع السلاح والانسحاب الإسرائيلي وإعادة الإعمار تتجاوز حدود الوساطة المصرية وتحتاج إلى توافق أمريكي–إسرائيلي أولًا، وفقا لشبكة سكاي نيوز.
المفارقة الكبرى تكمن في التناقض بين خطاب ترامب وواقع الميدان. فبينما يتحدث عن 'سلام شامل'، يربط نجاح الاتفاق بشرط أحادي هو امتثال حماس. لم يُلزم إسرائيل بجدول زمني للانسحاب، ولم يقدّم ضمانات دولية لتنفيذ البنود اللاحقة. وهنا يلتقي ترامب ونتنياهو عند نقطة واحدة: 'السلام من خلال القوة'. تلك العقيدة التي تعتبر أن الأمن الميداني الإسرائيلي مقدّم على أي اعتبارات سياسية أو إنسانية.
لكن رغم هشاشة الخطة التي لم تقدم تفاصيل كافية ولا جدول زمني محدد، يرى بعض الدبلوماسيين أن مجرد جلوس الأطراف إلى طاولة المفاوضات في شرم الشيخ يُعد تقدما نسبيًا في ظل انعدام الثقة.
فحتى لو لم تكتمل المرحلة الثانية، فإن تبادل الأسرى ووقف النار المؤقت يفتح نافذة جديدة أمام محاولات التهدئة. إلا أن مصير الاتفاق سيظل معلقًا على توازن المصالح بين ثلاثة أطراف: ترامب الساعي إلى إرث تاريخي، ونتنياهو المحاصر داخليًا، وحماس التي تحاول النجاة من فخّ نزع السلاح دون خسارة موقعها في معادلة القوة.
ويرجح الخبراء أن النهاية ما زالت مفتوحة، لكن الثابت أن خطة ترامب — مهما تعددت أسماؤها أو صيغها — تبقى رهينة صراع الإرادات لا منطق السلام ولا جدول زمني محدد.