اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٨ تموز ٢٠٢٥
أبرزت صحيفة 'دي إن إيه أفريكا - DNE Africa'، المتخصصة في شؤون القارة الأفريقية، استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، وقد عقدا محادثات رفيعة المستوى في مدينة العلمين الساحلية، أمس الإثنين، لتأكيد التزامهما بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وتأتي هذه المحادثات في ظل التحديات الإقليمية المتزايدة في منطقة القرن الأفريقي وممر البحر الأحمر الاستراتيجي، وتسعى مصر والصومال إلى تعميق التعاون في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية لمواجهة التوترات الجيوسياسية المتفاقمة.
وركزت المحادثات على تعزيز التعاون العسكري والأمني، حيث أكد السيسي دعم مصر الكامل لاستقرار الصومال وسيادتها الوطنية، مشيرًا إلى الروابط التاريخية والثقافية العميقة بين البلدين.
وتناول الجانبان اتفاقية الدفاع الموقعة في أغسطس 2024، التي مهدت الطريق لتقديم مصر دعمًا تدريبيًا ولوجستيًا للقوات الصومالية، بما في ذلك تسليم معدات عسكرية متطورة مثل المركبات المدرعة وطائرات المراقبة بدون طيار.
كما أكدا على أهمية دعم بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة للاستقرار في الصومال، مع دعوة لتوفير تمويل دولي مستدام.
كما تناولت المباحثات خلال القمة قضايا أمن البحر الأحمر وباب المندب، حيث شدد الرئيسان على ضرورة تعزيز التنسيق البحري لمواجهة تهديدات القرصنة وتهريب الأسلحة والأنشطة المتطرفة.
وتأتي هذه المناقشات في وقت تسعى فيه مصر إلى تعزيز وجودها العسكري في الصومال، مما أثار مخاوف إثيوبيا التي ترى في ذلك محاولة لموازنة طموحاتها الإقليمية، خاصة بعد اكتمال سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي تعتبره مصر غير قانوني.
ويعكس هذا التعاون الاستراتيجي رغبة البلدين في حماية المصالح المشتركة في منطقة تشهد تنافسًا جيوسياسيًا متزايدًا.
في المجال السياسي، أشاد السيسي بجهود الرئيس محمود في تعزيز التوافق الوطني والمصالحة السياسية داخل الصومال، مؤكدًا دعم مصر للحلول التي يقودها الصوماليون لمواجهة التحديات الداخلية.
من جانبه، أعرب محمود عن شكره لمصر على دعمها التاريخي والمستمر، مشددًا على أن الصومال تعتبر القاهرة حليفًا حيويًا في مسيرة بناء الدولة.
كما ناقش الزعيمان توسيع التعاون في مجالات التجارة والتعليم والبنية التحتية، مع التركيز على استغلال الفرص في الزراعة والطاقة وتطوير الموانئ لخلق فرص عمل وتحقيق منافع متبادلة.
تُعد منطقة القرن الأفريقي، التي تشمل دولًا مثل الصومال وإثيوبيا وإريتريا وجيبوتي، ساحة استراتيجية بسبب موقعها الجغرافي على ممر البحر الأحمر، وهو أحد أهم الممرات التجارية العالمية.
تشهد المنطقة تنافسًا متزايدًا بين القوى الإقليمية والدولية، حيث تسعى دول مثل مصر والإمارات وتركيا وقطر إلى تعزيز نفوذها من خلال استثمارات في الموانئ، القواعد العسكرية، والمساعدات الاقتصادية.
هذا التنافس يعكس الأهمية المتزايدة للمنطقة في ضمان أمن الملاحة البحرية وتأمين طرق التجارة العالمية، خاصة في ظل التهديدات المستمرة من القرصنة والإرهاب.
تجدر الإشارة إلى أن القوى الإقليمية، مثل الإمارات وتركيا، سعت إلى بسط نفوذها في الصومال من خلال استثمارات في البنية التحتية وإدارة الموانئ، بينما تحاول مصر تعزيز وجودها عبر الدعم العسكري والدبلوماسي.
على سبيل المثال، أثارت صفقة إثيوبيا المثيرة للجدل مع جمهورية أرض الصومال المعلنة ذاتيًا، والتي تهدف إلى تأمين وصول إثيوبيا إلى البحر، توترات مع الصومال ودفعت مصر إلى تعزيز دعمها لمقديشو لمواجهة هذا التحرك.
هذه الديناميكيات تعكس سباقًا أوسع بين الدول الإقليمية للسيطرة على الموارد الاستراتيجية والنفوذ السياسي في المنطقة.
على الصعيد الدولي، تسعى قوى عالمية مثل الصين وروسيا إلى تعزيز وجودها في القرن الأفريقي من خلال استثمارات في البنية التحتية ومبادرات مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية، بينما تحافظ الولايات المتحدة على حضور عسكري في جيبوتي لضمان أمن المنطقة.
في هذا السياق، تبرز الشراكة بين مصر والصومال كمحاولة لتعزيز الاستقلال الإقليمي في مواجهة التدخلات الخارجية، مع التركيز على بناء قدرات محلية للتصدي للتحديات الأمنية والاقتصادية.
ومع ذلك، فإن نجاح هذه الشراكة يعتمد على قدرة البلدين على التنسيق بفعالية وسط هذا التنافس المتشابك.
ويعكس هذا اللقاء طموح مصر والصومال لتعزيز دورهما في استقرار القرن الأفريقي، في ظل التحديات المتزايدة التي تتراوح بين الإرهاب والتوترات الإقليمية.
ومع سعي مصر لتعزيز نفوذها في منطقة البحر الأحمر وشرق أفريقيا، وتطلع الصومال لاستعادة سيادتها الاستراتيجية، فإن هذه الشراكة قد تشكل نموذجًا للتعاون الأفريقي العربي.
ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الشراكة مرهونًا بقدرة البلدين على مواجهة التحديات الخارجية والداخلية معًا.