اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٦ حزيران ٢٠٢٥
التقطيع في الصلاة، وعدم الانتظام فيها مشكلة تواجه عددا من المسلمين، ويبحثون لها عن حل يخرجهم من حالة التهاون والتقصير، ويقودهم إلى المحافظة على الصلاة كركن أساسي في حياتهم الدينية والروحية.
هذا البحث عن علاج لا ينبع إلا من إحساس صادق بالذنب ويقظة في الضمير، تعكس رغبة حقيقية في إصلاح العلاقة مع الله عز وجل، والعودة إلى الطاعة والاستقامة.
وفي هذا السياق، ورد سؤال إلى صفحة دار الإفتاء المصرية يقول فيه صاحبه: 'أعاني من التقطيع في الصلاة، حيث أنتظم أحيانا، لكن هناك فترات لا أصلي فيها نهائيا، فما الحل؟'، وكان الجواب من الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، واضحا وحاسما، حيث قال: 'على المسلم أن يستحضر عظمة الوقوف بين يدي الله، فالصلاة ليست مجرد عبادة شكلية، بل ميثاق غليظ بين العبد وربه، وتركها من أعظم الكبائر، ولا ينبغي للمسلم أن يستهين بأمرها'.
وأوضح الدكتور ممدوح أن من أسباب غياب الالتزام بالصلاة فقدان المعنى الروحي العميق لها، وأن كثيرا من الناس يؤدون الصلاة فقط كواجب روتيني، لا كعبادة خالصة لله تعالى.
وأضاف: 'إذا أردت أن تحب الصلاة وتلتزم بها، يجب أن تعيشها، لا أن تؤديها كواجب رتيب. فهناك فرق بين من يعبد الله، ومن يعبد العبادة ذاتها'، واستشهد بما قاله العارف بالله أبو يزيد البسطامي حين سئل: 'ما لنا نعبد الله ولا نجد لذة العبادة؟' فأجاب: 'إنكم عبدتم العبادة، ولو عبدتم الله لوجدتم لذة العبادة'.
وفي هذا السياق، جاء عن مجمع البحوث الإسلامية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبر الصلاة في أول وقتها من أفضل الأعمال، واستند إلى ما رواه الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن أفضل الأعمال فقال: “الصلاة في أول وقتها”، مما يدل على أهمية المبادرة وعدم التأخير.
أما عن أسهل الطرق للمداومة على الصلاة والتغلب على التقطيع، فقد حددها العلماء بعدة خطوات عملية:
1. الصلاة على وقتها: من أهم وسائل الالتزام بالصلاة أن يحرص المسلم على أدائها فور سماعه الأذان دون تأخير أو تسويف، لأن التأجيل يؤدي غالبا إلى النسيان أو التكاسل، وبالتالي الانقطاع.
2. الربط بين الصلاة والراحة النفسية: أداء الفريضة يمنح القلب طمأنينة، وكلما أدرك المسلم أثر الصلاة على حالته النفسية والروحية، تمسك بها أكثر، وأصبحت جزءا من توازنه الداخلي.
3. المتابعة الدينية المستمرة: من خلال مشاهدة البرامج الدينية، وسماع الخطب والدروس، يتجدد الوعي ويقوى الالتزام، لأن هذه المواد العلمية تبقي موضوع الصلاة حاضرا في الذهن، وتغذيه روحيا وفكريا.
4. تربية الأبناء منذ الصغر: غرس حب الصلاة في نفوس الأطفال يعد من أنجع وسائل الاستمرارية، لأن ما يتربى عليه الإنسان يصعب عليه التخلي عنه، بل قد يكون الأبناء أنفسهم سببا في تذكير الآباء بالصلاة لاحقا.
5. الصحبة الصالحة: للبيئة الاجتماعية دور لا يمكن تجاهله، فمن يصاحب الملتزمين بالصلاة سيجد دائما من يذكره ويشجعه، أما مرافقة المتهاونين بالصلاة فغالبا ما تؤدي إلى العدوى بالتراخي والتقصير.
وأخيرا، علاج التقطيع في الصلاة ليس أمرا مستحيلا، لكنه يحتاج إلى نية خالصة، وصدق في التوجه، وإرادة جادة في التغيير، ومجرد الشعور بالتقصير والرغبة في الإصلاح هو أول طريق العودة، قال الله تعالى:
{إن ٱلصلوٰة كانت على ٱلمؤمنين كتٰبۭا موقوتۭا}[النساء: 103]، فالصلاة ليست مجرد فرض، بل عهد يومي بين العبد وربه لا ينبغي أن يقطع.