اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١١ نيسان ٢٠٢٥
ذكرت شبكة 'سي إن إن' الإخبارية في تقرير نشرته يوم 10 أبريل 2025 أن سوريا تحولت إلى مركز للتنافس بين إسرائيل وتركيا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، أصبحت سوريا مسرحًا لتدخلات متعددة الأطراف. إسرائيل، التي رأت في النظام السوري السابق حليفًا لإيران وحزب الله، نفذت مئات الغارات الجوية ضد أهداف عسكرية تابعة لإيران وحلفائها.
مع انهيار نظام الأسد وصعود حكومة جديدة بقيادة أحمد الشرع بدعم تركي، تغيرت المعادلة.
تركيا، التي دعمت فصائل المعارضة منذ سنوات، تسعى الآن لتثبيت نفوذها في الشمال السوري وما وراءه، مما أثار قلق إسرائيل التي ترى في هذا النفوذ تهديدًا استراتيجيًا محتملًا. هذا التوتر يعكس صراعًا أعمق حول من سيحدد مستقبل سوريا في مرحلة ما بعد الأسد.
تصريح 'الخط الأحمر': دوافع إسرائيل الاستراتيجية
أفادت صحيفة 'هآرتس' الإسرائيلية في عددها الصادر بتاريخ 9 أبريل 2025 أن مسؤولين عسكريين إسرائيليين اعتبروا أي تحركات تركية لإنشاء قواعد عسكرية في وسط سوريا، مثل تدمر، تهديدًا مباشرًا للأمن القومي. هذا التصريح يعكس عدة دوافع.
أولًا، إسرائيل قلقة من النفوذ التركي المتنامي، خاصة مع تقارير عن نية تركيا نشر قوات أو منظومات دفاع جوي في مناطق حيوية.
ثانيًا، إسرائيل تعتمد على حرية العمل في الأجواء السورية لضرب أهداف معادية، وأي وجود عسكري تركي متقدم قد يحد من هذه الحرية.
ثالثًا، هناك مخاوف من أن تركيا قد تسعى لإعادة بناء جيش سوري قوي تحت إشرافها، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدًا طويل الأمد.
هذه الدوافع تجتمع لتشكل موقفًا إسرائيليًا صلبًا يهدف إلى ردع أي تحركات تركية غير مدروسة.
ردود الفعل التركية: دبلوماسية الحذر
نقلت وكالة 'الأناضول' التركية للأنباء يوم 11 أبريل 2025 عن وزير الخارجية هاكان فيدان تأكيده أن تركيا تجري 'محادثات فنية' مع إسرائيل لتجنب أي سوء تفاهم في سوريا.
تركيا، التي تدرك حساسية الموقف، تسعى لتجنب التصعيد مع إسرائيل.
فيدان أشار إلى أن أولوية أنقرة هي دعم استقرار سوريا وإعادة إعمارها، وليس الدخول في مواجهات عسكرية.
ومع ذلك، لم تُخفِ تركيا طموحاتها في الحفاظ على وجود عسكري في الشمال السوري، خاصة في مناطق مثل إدلب وعفرين، مع خطط لدعم حكومة الشرع في دمشق.
هذا النهج يعكس محاولة تركية لتحقيق توازن بين تعزيز نفوذها وتجنب استفزاز إسرائيل، مع الاعتماد على وساطات دولية، مثل تلك التي تُجرى عبر أذربيجان، لتهدئة الأوضاع.
التداعيات المحتملة: سيناريوهات التصعيد والتهدئة
أشارت شبكة 'بي بي سي' في تحليل نشرته يوم 10 أبريل 2025 إلى أن التوترات بين إسرائيل وتركيا قد تؤدي إلى تصعيد محدود أو تفاهمات تقاسم النفوذ في سوريا.
السيناريو الأول يتمثل في تصعيد عسكري، حيث قد تُنفذ إسرائيل ضربات جوية ضد أهداف تركية إذا شعرت بتهديد مباشر، مثل نشر منظومات دفاع جوي متقدمة.
السيناريو الثاني يشمل حربًا بالوكالة، حيث تدعم كل دولة فصائل محلية معارضة للأخرى، مما يزيد من تعقيد النزاع السوري.
أما السيناريو الثالث، وهو الأكثر تفاؤلًا، فيتضمن التوصل إلى تفاهم ضمني يقسم مناطق النفوذ: تركيا في الشمال، وإسرائيل تحتفظ بحرية العمل في الجنوب.
هذه السيناريوهات تعتمد على مدى نجاح الوساطات الدولية، خاصة الأمريكية، في احتواء التوترات.
الدور الأمريكي: وساطة أم حياد؟
ذكرت صحيفة 'نيويورك تايمز' في مقال بتاريخ 8 أبريل 2025 أن إدارة الرئيس دونالد ترامب أبدت استعدادها للتوسط بين إسرائيل وتركيا لمنع التصعيد في سوريا.
الولايات المتحدة تجد نفسها في موقف دقيق، حيث تحافظ على تحالفات قوية مع كل من إسرائيل وتركيا. إسرائيل تعتمد على الدعم العسكري والسياسي الأمريكي، بينما تركيا تُعد عضوًا رئيسيًا في حلف الناتو.
قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا قد يُعزز النفوذ التركي، مما يثير قلق إسرائيل، لكنه في الوقت ذاته يُظهر التزامًا أمريكيًا بدعم إسرائيل ضد أي تهديدات.
هذا التوازن الدقيق يجعل الدور الأمريكي حاسمًا في تحديد ما إذا كانت التوترات ستتجه نحو التهدئة أو التصعيد.
تصريح إسرائيل بأن تغيير ترتيبات انتشار القوات في سوريا يُعد 'خطًا أحمر' لتركيا يُبرز التحديات الاستراتيجية التي تواجهها القوتان الإقليميتان في سوريا ما بعد الأسد.
إسرائيل تسعى للحفاظ على تفوقها العسكري وحرية عملها في الأجواء السورية، بينما تطمح تركيا لتثبيت نفوذها كقوة رئيسية في المنطقة. ردود الفعل التركية الحذرة والمحادثات الفنية تشير إلى رغبة في تجنب الصدام، لكن استمرار التوترات قد يؤدي إلى سيناريوهات غير محمودة.
في النهاية، يعتمد استقرار سوريا والمنطقة على قدرة الأطراف على التوصل إلى تفاهمات تحافظ على مصالحهم دون الانزلاق إلى صراع جديد، وهو ما يتطلب وساطة دولية فعالة ودبلوماسية متزنة.