اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٩ حزيران ٢٠٢٥
في واحدة من أكثر المواجهات العسكرية إثارة للجدل في التاريخ الحديث، جاءت الحرب على إيران بنتائج عكسية مدمرة لإسرائيل وتداعيات ثقيلة على عاتق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فأي ادعاء بأن إسرائيل 'انتصرت' في هذه الحرب ليس سوى وهم بعيد عن الواقع، كما أشار البروفيسور جيريمي سالت، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط الحديث بجامعة ملبورن، في مقال نشرته صحيفة 'بالستاين كرونيكل'، إذ بدأت إسرائيل، بدعم أمريكي، هجمات مكثفة على منشآت نووية وعسكرية إيرانية مستهدفةً تقويض قدرات إيران وإثارة انهيار داخلي.
لكن هذه العمليات، التي كان يُفترض أن تحقق انتصارًا استراتيجيًا، أسفرت عن خسائر اقتصادية وعسكرية غير مسبوقة لإسرائيل وتداعيات سياسية ودبلوماسية معقدة لترامب، ما جعل هذه الهزيمة واحدة من أسوأ النكسات في تاريخ إسرائيل.
ويبدو أن هذا الرأي يجد أصداءً واسعة النطاق في منشورات غربية عديدة، مثل مقال نشره موقع 'سبلينتر' الأمريكي، الذي أكد أن 'الهجوم الأمريكي - الإسرائيلي على إيران قد أخفق في تحقيق أهدافه المنشودة بالفعل'، مشيرًا إلى أن الاستراتيجية التي هدفت إلى زعزعة استقرار إيران، عززت بدلًا من ذلك وحدتها الوطنية.
واستهدفت إسرائيل ومن بعدها أمريكا منشآت نووية إيرانية رئيسية، ما تسبب في مقتل ٦١٠ أشخاص وإصابة ٤٧٤٦ آخرين في إيران، ولكن الرد الإيراني كان سريعًا وقويًا، إذ أطلقت صواريخ باليستية أصابت أهدافًا في النقب وبئر السبع، مما أدى إلى مقتل ٢٨ إسرائيليًا وإصابة حوالي ٨٠ آخرين.
اقتصاديًا، تكبدت إسرائيل خسائر هائلة تتراوح بين 3 و٥ مليارات دولار خلال الأسبوع الأول من الصراع، أي ما يعادل ٧٢٥ مليون دولار يوميًا، وفقًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
إذا استمر الصراع، قد تصل التكلفة إلى ١٢ مليار دولار شهريًا، مما وضع ضغطًا غير مسبوق على الاقتصاد الإسرائيلي، ناهيك عن تدمير آلاف المباني السكنية ومؤسسات حكومية، بما في ذلك وزارة الدفاع الإسرائيلية، يكشف عن فشل نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، الذي أصبح 'غير فعال' بحلول اليوم الثاني عشر، كما وثّق جيريمي سالت.
ولخصت التغريدات ومنشورات السوشيال ميديا تحليلات إعلامية غربية تساءلت عن جدوى الحرب وأبرزت فشلها في تحقيق الأهداف الاستراتيجية، وهو نفس استنتاج البروفيسور سالت، إذ خلص في مقاله إلى أن هدف نتنياهو في تغيير النظام في إيران قد تبدد.
بالنسبة لترامب، فإن قراره، بالمشاركة في الضربات على المنشآت النووية الإيرانية باستخدام قنابل 'بوكر باستر'، لم يحقق الأهداف المرجوة. واشتبك ترامب مع شبكة 'سي إن إن' الإخبارية بسبب تقرير استخباراتي أمريكي لم يرقه، ولكن صحيفة واشنطن بوست أشارت إلى أن الضربات أخرت البرنامج النووي الإيراني لبضعة أشهر فقط، ولم تؤدي لتدميره بالكامل، مما دحض ادعاءات ترامب بـ'تدمير كامل' للمنشآت النووية الإيرانية، كما نشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وصف الإيرانيون ترامب بـ'المقامر'، وفقًا لرويترز، ما يعكس صورة سلبية لقراراته المتسرعة. وهذا الرأي دعمته أصوات غربية، مثل النائب الجمهوري توماس ماسي، الذي أشار في منشور عبر منصة 'إكس' إلى أن الضربات الأمريكية 'غير دستورية'، متماشيًا مع انتقادات ديمقراطية من شخصيات مثل السيناتور تيم كين، الذي حذر من أن الضربات قد تؤدي إلى حرب شاملة دون موافقة الكونجرس، وذكر موقع 'إن بي سي نيوز' الإخباري أن هذه الانتقادات تؤكد أن مقامرة ترامب العسكرية لم تفشل فقط في إضعاف إيران، بل أثرت سلبًا على دعم الرئيس السياسي داخليًا.
على المستوى الإقليمي، عززت إيران موقفها الرمزي وقدرتها على الردع، على الرغم من خسائرها العسكرية، فعلى الرغم من تدمير بعض منشآتها، اكتسبت قيمة رمزية من خلال قدرتها على الرد بقوة، مما كشف عن نقاط ضعف إسرائيلية وأمريكية.
كما أن إعلان ترامب وقف إطلاق النار، لم يوقف التداعيات الاقتصادية والسياسية التي بدأت تظهر على الولايات المتحدة.
وردت إيران، التي فقدت ثقتها في الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ فترة طويلة، بقطع العلاقات مع الوكالة، ما عزز من تحديها لإسرائيل والغرب.
أبرز الانتقادات الداخلية الأمريكية لتورط الرئيس دونالد ترامب في الحرب ضد إيران
أبرز موقع 'سبلينتر' الأمريكي قلق بعض المحللين الغربيين من أن التصعيد كشف عن سوء تقدير استراتيجي من قبل إسرائيل والولايات المتحدة، وتركزت الانتقادات على عدة محاور رئيسية، تشمل الدستورية، والتداعيات السياسية، والمخاطر الاستراتيجية. فيما يلي تفصيل لهذه الانتقادات:
عدم دستورية التدخل العسكري دون موافقة الكونجرس.
وتعرض ترامب لانتقادات حادة من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين بسبب قراره توجيه ضربات عسكرية ضد منشآت إيران النووية دون استشارة الكونجرس.
صحيفة واشنطن بوست أشارت إلى أن معظم الديمقراطيين وبعض الجمهوريين شككوا في دستورية هذه التصرفات، معتبرين أنها تنتهك سلطة الكونجرس في إعلان الحرب.
السيناتور تيم كين قدم تشريعًا للحد من صلاحيات ترامب العسكرية ضد إيران دون تفويض من الكونجرس، محذرًا من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى صراع أوسع نطاقًا.
وعكست منشورات النائب توماس ماسي قلق الجناح المناهض للتدخلات الخارجية في الحزب الجمهوري.
معارضة تيار 'ماجا' والانقسام داخل الحزب الجمهوري:
واجه ترامب موجة غضب من تيار 'ماجا' (Make America Great Again) المناهض للتدخلات الخارجية، والذي يفضل سياسة انعزالية.
وقالت وكالة رويترز إن هذا التيار يرى أن تورط ترامب في الحرب يتناقض مع شعاراته السابقة كرئيس 'مناهض للحرب'، ورئيس للسلام، ما أثار 'غضبًا عارمًا' داخل التيار، وذهب المحلل السياسي المحافظ تاكر كارلسون إلى التحذير من أن تورط أمريكا في حرب ضد إيران قد يؤدي إلى 'سقوط الإمبراطورية الأمريكية' وإنهاء رئاسة ترامب فعليًا.
مخاوف من التداعيات الاستراتيجية والاقتصادية:
حذر محللون وخبراء أمريكيون من أن التدخل في الحرب قد يجر الولايات المتحدة إلى 'مستنقع' صراع طويل الأمد في الشرق الأوسط، مشابه لتجربة العراق.
وأكد مقال للكاتب روس دوثات في نيويورك تايمز، وصف الحرب بأنها 'صدى لكارثة العراق'، مشيرًا إلى أن ولاء اليمين الأمريكي لإسرائيل قد يؤدي إلى فشل سياسات ترامب.
كما أشارت مجلة فورين بوليسي، بقلم دانيال بايمن، إلى ضرورة التفكير العميق في التكاليف والمخاطر.
رفض شعبي للتدخل العسكري:
كشف استطلاع رأي أجرته مجلة الإيكونوميست خلال الحرب أن 44% من الأمريكيين يرفضون طريقة تعامل الرئيس دونالد ترامب مع إيران، بينما أعرب 41% عن رفضهم لتعامله مع إسرائيل، مما يعكس حالة من عدم الرضا الشعبي عن قراراته المتعلقة بالحرب.
الاستطلاع أشار أيضًا إلى أن 50% من الأمريكيين يعتبرون إيران عدوًا للولايات المتحدة، لكن 25% فقط يرونها كتهديد وشيك يبرر التدخل العسكري، مما يعزز الموقف المناهض للحرب بين قطاعات واسعة من الرأي العام.