اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
سلط العدد الجديد من جريدة القاهرة، الصادرة عن وزارة الثقافة، الضوء على أهمية الفن كمرآة للنفس البشرية لأنه يملأ الفجوة بين الإحساس و التعبير.
وذكرت جريدة القاهرة، أن الإنسان لا يتحدث دائما بما يشعر وهذه الحقيقة تمثل جوهر الفهم العميق للنفس البشرية، فالكلمات على الرغم من قوتها تبقى أحيانا قاصرة عن التعبير عن التجربة الوجدانية الكاملة التي يعيشها الفرد، فهناك مشاعر لا تقال لأنها أعمق من اللغة وهناك أفكار لا تفصح عنها العقول لأنها مؤلمة أو مربكة أو غير مقبولة اجتماعيا ، ومن هنا يأتي دور الفن ليملأ تلك الفجوة بين الإحساس و التعبير.
ولفتت إلى أهمية الفن في أن يصبح الوسيط الأكثر صدقا بين الإنسان وذاته والمرآة التي تعكس ملامح النفس كما هي دون تزييف أو مواربة كما ذكرت عالمة النفس المشهورة مارجريت ناومبورج في كتاباتها أن الفن لغة اللاوعي والصور التي يبدعها الفرد في جلسات العلاج بالفن هي مفاتيح لفهم ذاته الأعمق.
وأضافت الجريدة، أن الفرد حين يمسك بالفرشاة أو يختار لونا معينا ، فإن اختياره ليس اعتباطيا فاللون الأحمر قد يحمل غضبا أو شغفا أما الأزرق فقد يعكس حزن دفينا أو بحثا عن سلام داخلي والخطوط المتقطعة أو الحادة في الرسم، قد تشير إلى اضطراب داخلي، بينما الانحناءات اللينة قد تعبر عن راحة أو تصالح مع الذات.
وتصبح اللوحة مرآة صادقة لما يجري في الداخل تعكس ما تخفيه الكلمات، وتكشف ما يحاول الوعي إخفاءه عن نفسه كما أن الإيقاع في الموسيقى أو الحركة على خشبة المسرح هما لغة آخرى من لغات الروح تتيح للإنسان أن يعبر عن ذلته بحرية دون خوف من الحكم أو الرفض وكأن الجسد والصوت واللون يتحولون جميعا إلى مرايا متقابلة تعيد إليه صور مشاعره العميقة.
وعندما يرسم الطفل بيتا بلا أبواب أو شمسا باهتة ، فإن ذلك لا يكون صدفة بريئة بل قد يكشف عن إحساس دفين بالانعزال أو فقدان الأمان، بينما طفل آخر يضع في ورقته ألوان صارخة ويرسم دوائر متكررة ، وهو الأمر الذي قد يعبر عن قلق داخلي أو طاقة زائدة يبحث لها عن مخرج وهنا يتحول العمل الفني إلى مرآة نفسية دقيقة تكشف خيوط المشاعر المختبئة خلف الوعي.
ولا يكون الهدف في جلسات العلاج بالفن البحث عن الجمال الشكلي للعمل، بقدر الاهتمام بالرسالة الكامنة وراءه فاللوحة أو القصيدة القصيرة التي يكتبها الطفل أو حتى حركاته البسيطة أثناء تمثيله لدور ما على خشبة المسرح جميعها رسائل تنتظر الإصغاء أكثر ما تنتظر التقييم.