اخبار مصر
موقع كل يوم -الدستور
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الثاني ٢٠٢٤
كيف يمكن توجيه الشباب لتوعيتهم بمخاطر الانسياق وراء الدعايات المضللة؟
- يجب توجيه رسالة واضحة للشباب، مفادها أن العقل المصرى معروف بوعيه وانحيازه للوطن، وأن من يسعى إلى تقويض المشروع الوطنى للدولة ليس معارضًا، بل عدو يسعى للتدمير، خاصة أن المعارضة الحقيقية تبنى وتقدم بدائل، بينما الهدم لا يخدم سوى أعداء الوطن. والشباب يجب أن يدركوا أن الكثيرين ممن انساقوا وراء الدعايات المضللة فى السابق، سواء من جماعة الإخوان أو قوى الشر، قد ندموا لاحقًا عندما اكتشفوا أنهم كانوا على الطريق الخطأ.
لذا، على الشباب أن يجعلوا العقل هو سلاحهم الرئيسى، وأن يتحلوا بالوعى فى التمييز بين النقد البنّاء والمخططات الهدامة.
قال الدكتور ثروت الخرباوى، الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية، إن جماعة الإخوان الإرهابية تعتمد على نشر وترويج الشائعات لتحقيق هدفها المرحلى، الذى يتمثل فى أن يفقد المواطن ثقته بمؤسسات الدولة، مع تشويه صورة مشروعاتها الوطنية، تمهيدًا للوصول لمرحلة هدم الدولة بأكملها، وإقامة نظام إخوانى بديل.
وأوضح «الخرباوى»، فى حواره لـ«الدستور»، أن الجماعة تستغل وسائل التواصل الاجتماعى بشكل مكثف خلال الآونة الأخيرة، على رأسها تطبيق «تيك توك» وتقنيات الذكاء الاصطناعى لتخريب العقل الجمعى، بعد أن تلقت كوادرها تدريبًا من أجهزة استخبارات خارجية على إدارة الحملات الإعلامية المضللة، مشيرًا إلى أن الحكومة بذلت ما فى وسعها من جهود لمواجهة حرب الشائعات، وتمكنت من تفكيك العديد من اللجان الإعلامية الإخوانية، لكن فى المقابل فإن الشعب، بمؤسساته وجمعياته وأحزابه، لم يضطلع حتى الآن بالدور المطلوب منه.
■ بداية.. ما الدوافع وراء تصاعد حرب الشائعات التى تشنها جماعة الإخوان الإرهابية ضد الدولة المصرية فى الآونة الأخيرة؟
- جماعة الإخوان الإرهابية تعتبر أن المجتمع المصرى بأكمله مجتمع جاهلى، ووفقًا لما كتبه القيادى الإخوانى سيد قطب فى أدبياتهم فإنه لا يمكن إصلاح هذا المجتمع بل يجب هدمه بالكامل مع هدم الدولة، حتى تقوم دولة الإخوان بدلًا منها أو مكانها.
وهذه الأفكار ليست من تأليفنا أو من اتهام الآخرين لهم، وإنما هى مكتوبة بوضوح فى أدبيات التنظيم، لذا تعتمد الجماعة الإرهابية على وسائل متعددة لتحقيق أهدافها، من أبرزها نشر الشائعات، التى تهدف إلى أن يفقد المواطن ثقته بالدولة، مع تشويه صورة مشاريعها الوطنية والتقليل من قيمتها فى عيون الناس.
وتستهدف الجماعة من ذلك إثارة غضب الأفراد ضد مؤسسات الدولة، وعندما يتزايد هذا الغضب، تسعى الجماعة إلى توجيه العقول الغاضبة نحو تحقيق أهدافها، التى تتضمن هدم الدولة المصرية، لذا، تمثل الشائعات أداة جوهرية فى مشروع الإخوان الإرهابى.
■ هل هناك تنسيق بين «الإرهابية» وبعض الجهات الخارجية فى إدارة حرب الشائعات ضد مصر؟
- بالتأكيد، هناك تنسيق بين جماعة الإخوان وأجهزة استخبارات خارجية، وهذا التنسيق يشمل تدريب كوادر الجماعة على أساليب متقدمة لنشر الشائعات وإدارة الحملات الإعلامية المضللة، وهذا حديث عن علم وعن معرفة يقينية.
كما أن بعض الشخصيات التى تظهر بمظهر «المعارضة» تعمل فى الحقيقة ضمن إطار مدروس وموجّه من الخارج، حيث تلقت تدريبات مكثفة على يد جهات استخباراتية أجنبية.
■ كيف تستخدم الجماعة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى لنشر الشائعات وتنظيم الحملات المضللة؟
- تعتمد الجماعة على عدة وسائل فى هذا السياق، فأولًا، يتحرك أعضاؤها وسط الجماهير لنشر الشائعات بينهم، إذ يمتلكون أعدادًا لا تزال نشطة فى المجتمع، وهؤلاء الأفراد يعملون على نشر الأكاذيب دون التصريح بانتمائهم للجماعة، وذلك عبر التواصل المباشر مع العاملين فى المؤسسات الحكومية أو مع عامة الناس، أو عبر استخدام شبكة الجيران والأقارب.
وثانيًا، تستغل الجماعة وسائل التواصل الاجتماعى بشكل مكثف، مع التركيز على منصات مثل «تيك توك» بالأخص، الذى تم توجيه أفراد الإخوان إلى استخدامه بكثرة فى هذه الفترة، بالإضافة إلى مواقع مثل «فيسبوك» و«إكس» وغيرهما، وتعتمد أيضًا على وسائل إعلامية خارجية يديرها إعلاميون تابعون للتنظيم ممن هربوا من مصر.
وإضافة إلى ذلك، يتم دعم هذه الجهود بإنتاج مواد إعلامية عالية الاحترافية من حيث المونتاج والإخراج، ما يضفى مصداقية على حملاتها، لأنها ليست مجرد فيديوهات عادية يصنعها بعض الهواة.
كما تستخدم الجماعة، أيضًا، تقنيات حديثة، مثل الذكاء الاصطناعى، الذى اتجهت إليه بكثرة ومارسته بحرفية، بعد أن تلقى أعضاؤها تدريبات متقدمة من مؤسسات مخابراتية غربية، وأيضًا فيديوهات الرسوم المتحركة، لصناعة قصص تسير فى اتجاه يخدم الأهداف الخاصة بهم، مع نشر رسائلهم الدعائية على نطاق واسع.
كما يستخدمون أدوات نفسية لإدارة العقلية الجمعية، يتم عبرها توجيه العقول بالمجتمع نحو موضوعات محددة وأهداف تخدم مشروعهم التخريبى، وتتنوع هذه الأساليب النفسية بهدف تشويه الواقع وتضخيم الغضب وزرع الأفكار الهدّامة بين المواطنين.
■ ما الأهداف الاستراتيجية التى يسعى الإخوان لتحقيقها من خلال هذه الحملات المضللة؟
- تهدف الجماعة الإرهابية فى المرحلة الحالية إلى إحداث حالة غضب شعبى واسع، مع فقدان الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وعلى المدى الطويل تسعى الجماعة إلى تحقيق هدفها الرئيسى، وهو هدم الدولة المصرية بالكامل، لإقامة نظام بديل يخدم مصالحها وأيديولوجيتها.
■ هل هناك سوابق تاريخية عملت فيها الجماعة على تضليل الرأى العام؟
- لجماعة الإخوان تاريخ طويل من تضليل الرأى العام، بدءًا من فترة المؤسس حسن البنا، ومرورًا بفترات قياداتها الأخرى، مثل حسن الهضيبى وعمر التلمسانى، ومن أبرز الأمثلة على ذلك أحداث الفتنة فى منطقة الزاوية الحمراء فى عام ١٩٨١، حيث لعبت الجماعة دورًا رئيسيًا فى إشعال التوترات.
والأمثلة كثيرة، لأن التضليل كان دائمًا جزءًا أساسيًا من استراتيجية الجماعة.
■ كيف يمكن للمواطن العادى التمييز بين الأخبار الحقيقية والشائعات؟
- الشائعات غالبًا ما تتضمن أكاذيب غير منطقية أو مبالغات، وينبغى على المواطن أن يتحلى بالوعى والثقة، لأن الدولة لا تسعى أبدًا إلى إفشال مشاريعها الوطنية، وإنما تسعى إلى النجاح، الذى قد يتطلب أحيانًا إجراءات صعبة تسبب بعض الألم، وهذا شىء طبيعى حتى فى العمليات التى يجريها الطبيب الجراح للمريض، فهى ستؤدى فى النهاية إلى نجاته من موت محقق وحتى وإن كان سيتألم بعض الشىء.
وهنا ينبغى أن نتعلم كيف نتحمل الألم، فعلى سبيل المثال استطاع الشعب المصرى تحمل ظروف شديدة الصعوبة بعد نكسة ١٩٦٧، حيث دعم المواطنون مشروع الدولة رغم قساوة المرحلة، وتحملوا أشياء لا يمكن أبدًا لأى شعب آخر أن يتحملها.
وفى ذلك الوقت، كان أعضاء جماعة الإخوان فى السجون ولم يتمكنوا من قيادة حملات تضليل، لكن اليوم، ومع امتلاك الجماعة أدوات دولية وإقليمية لنشر الشائعات، يجب على المواطن أن يدرك أن هدف الجماعة الأساسى ليس الإصلاح، فهى لا تسعى إلى الخير أبدًا ولا تستهدفه، ولكنها تريد القضاء على الدولة المصرية وهدمها بالكامل.
■ فى رأيك.. هل تملك الدولة المصرية استراتيجيات فعالة لمواجهة حرب الشائعات وتوعية المواطنين بمخاطرها؟
- الدولة المصرية ليست الحكومة، بل هى كيان متكامل يتضمن الحكومة والشعب، ويمتلك مؤسسات وأحزابًا سياسية وجمعيات أهلية، لذا لا ينبغى تحميل الحكومة وحدها مسئولية التصدى للشائعات، لأن باقى مكونات الدولة عليها دور كبير فى هذا الصدد، وينبغى أن تكون فاعلة ومؤثرة.
وفى الحقيقة، فإن الحكومة المصرية بذلت ما فى وسعها من جهود لمواجهة حرب الشائعات، ولعبت الأجهزة الأمنية دورًا رئيسيًا وناجحًا فى مكافحة الإرهاب والتصدى للشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعى، وتمكنت من تفكيك العديد من اللجان الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية.
ولكن فى المقابل، فإن الشعب، بمؤسساته وجمعياته وأحزابه، لم يضطلع بدوره المطلوب، وحتى الآن لم يظهر أى حزب سياسى لديه موقف واضح وقوى ضد الإرهاب وأفكاره، بل إن الأحزاب انشغلت بالصراعات الانتخابية أو البحث عن حضور إعلامى دون تقديم جهود ملموسة فى مواجهة الشائعات.
والاستثناء الوحيد كان حزب «التجمع» اليسارى، الذى أطلق مبادرات محدودة فى هذا السياق، لكنها تراجعت لاحقًا.
أما الجمعيات الأهلية والمراكز الفكرية التى كانت قائمة لهدف التنوير ومكافحة الفكر المتطرف، فقد تراجعت أو اختفت، ولم تعد تسهم بدور فعّال فى مواجهة الشائعات.
وبالتالى، فإن المسئولية الكبرى، بنسبة ٨٥٪، تقع على عاتق الشعب ومؤسساته، بينما الحكومة تتحمل النسبة المتبقية فقط، وقد أدت دورها وفق الإمكانات المتاحة.
■ ما مدى تأثير الشائعات على الاستقرار الاجتماعى والسياسى فى مصر؟
- نشر الشائعات يشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار الاجتماعى والسياسى، ويؤدى إلى خلخلة ثقة الشعب فى حكومته ومؤسساته.
وأذكر أنه أثناء حرب ١٩٦٧ كانت طائرات العدو تلقى منشورات فى مناطق قناة السويس ومحافظات أخرى، تحتوى على شائعات تهدف إلى زعزعة الثقة بين الشعب والحكومة.
وحاليًا، تمارس جماعة الإخوان الإرهابية نفس الأسلوب، ما يعكس استهدافًا مباشرًا لاستقرار الدولة ومؤسساتها، وهذا يشير إلى أن من يسعى لتقويض أركان الدولة لا يمكن اعتباره فصيلًا سياسيًا وطنيًا، بل هو عدو بكل المقاييس.