اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
في تصعيد نووي لفظي يعيد أجواء الحرب الباردة إلى الواجهة، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحات حادة ردًا على إعلان نظيره الروسي فلاديمير بوتين عن تجربة ناجحة لصاروخ كروز نووي جديد يُعرف باسم 'بوريفيستنيك' أو كما يسميه الناتو 'SSC-X-9 Skyfall'، وهو سلاح وصفه الكرملين بأنه 'لا يُهزم' وقادر على ضرب أي هدف على الأرض وتجاوز جميع أنظمة الدفاع الجوي المعروفة.
هذه المواجهة الكلامية بين زعيمي أكبر قوتين نوويتين في العالم لم تكن مجرد تبادل تصريحات، بل حملت رسائل استراتيجية عميقة تعكس تغيرًا في قواعد الردع العالمي.
ونشر موقع نيوزمكس الأمريكي تقريرًا مفصلًا في 27 أكتوبر 2025، أكد فيه أن ترامب، خلال رحلته على متن طائرة الرئاسة، آير فورس وان، وصف توقيت الإعلان الروسي بأنه 'غير مناسب'، خاصة في ظل تصاعد التوترات العالمية وتعثر مفاوضات السلام بشأن الحرب في أوكرانيا.
وقال ترامب: 'بوتين يجب أن يُنهي الحرب — حرب كان من المفترض أن تستغرق أسبوعًا، لكنها الآن تدخل عامها الرابع. هذا ما ينبغي عليه فعله بدلًا من اختبار الصواريخ'. هذا التصريح لم يكن مجرد انتقاد، بل تذكير ضمني بأن واشنطن ترى في استمرار الحرب الأوكرانية فشلًا استراتيجيًا لروسيا.
غواصة نووية أمريكية قبالة السواحل الروسية: ردع صامت أم تهديد مباشر؟
في لهجة لا تخلو من التهديد، أضاف ترامب: 'يعرفون أننا نملك غواصة نووية، هي الأعظم في العالم، تقف قبالة سواحلهم. لسنا بحاجة إلى قطع 8000 ميل. نحن لا نلعب معهم، وهم لا يلعبون معنا'.
هذه التصريحات، التي نقلتها أيضًا صحيفة الجارديان البريطانية، تعكس تغيرًا في نبرة الردع الأمريكي، حيث باتت واشنطن أكثر صراحة في الإشارة إلى قدراتها النووية الاستراتيجية، في وقت تتزايد فيه المخاوف من انهيار منظومة الردع التقليدية التي كانت قائمة على الغموض والتوازن.
وتعد الغواصات النووية الأمريكية، مثل 'أوهايو' و'كولومبيا'، من أكثر المنصات العسكرية تطورًا في العالم، وقادرة على حمل عشرات الرؤوس النووية، ما يجعل وجودها قبالة السواحل الروسية رسالة ردع لا تحتاج إلى تفسير.
ونقل موقع إم بي سي نيوز الأمريكي عن مسؤولين في البنتاجون أن 'الوجود البحري الأمريكي في المحيطات القريبة من روسيا ليس جديدًا، لكنه الآن يأخذ طابعًا أكثر رمزية'.
بوتين بالزي العسكري يشرف على الاختبار بنفسه: استعراض داخلي وخارجي
في المقابل، ظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرتديًا الزي العسكري في فيديو بثه الكرملين، وهو يشرف شخصيًا على تجربة الصاروخ الجديد.
ووجه أوامر إلى كبار الجنرالات الروس بالبدء في تجهيز البنية التحتية لنشر الصاروخ ضمن القوات النووية الاستراتيجية الروسية.
وقال بوتين: 'علينا تحديد الاستخدامات المحتملة لهذا السلاح، والبدء في إعداد البنية التحتية لنشره'، واصفًا الصاروخ بأنه 'اختراق تكنولوجي يعزز قوة الردع الروسية'.
هذا الظهور العلني لبوتين بالزي العسكري لم يكن موجهًا فقط للغرب، بل أيضًا للداخل الروسي، في محاولة لتعزيز صورته كقائد قوي في ظل تراجع شعبيته بسبب الحرب الطويلة في أوكرانيا.
واعتبرت مجلة فورين بوليسي أن 'الرسائل البصرية في خطاب بوتين لا تقل أهمية عن مضمون التصريحات، فهي جزء من استراتيجية دعائية تهدف إلى ترميم الهيبة الروسية داخليًا وخارجيًا'.
هل يشكل 'بوريفيستنيك' تهديدًا حقيقيًا؟
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن هذا الصاروخ، رغم قدراته النظرية، لا يزال يثير جدلًا واسعًا في الأوساط الاستخباراتية الغربية. فالتقارير حوله تعود إلى عام 2017، حين فشلت عدة تجارب أولية له، ويُعتقد أنه يعمل بالطاقة النووية، مما يمنحه قدرة على التحليق لأيام دون توقف، وضرب أهداف من اتجاهات غير متوقعة — بما في ذلك عبر القطب الجنوبي، حيث تكون الدفاعات الصاروخية الغربية أضعف.
لكن شبكة إن بي سي نيوز نقلت عن مسؤولين في البنتاجون أن الولايات المتحدة 'تختبر صواريخ طوال الوقت'، وأن الرد الأمريكي سيكون قائمًا على 'الاستعداد والقوة، لا على الذعر'.
أحد كبار المسؤولين الدفاعيين الأمريكيين وصف الاختبار الروسي بأنه 'بيان رمزي واستراتيجي أكثر منه تهديدًا مباشرًا'، مضيفًا: 'بوتين يريد أن يُظهر أن روسيا لا تزال قادرة على الابتكار وتهديد الاستقرار العالمي رغم العقوبات والنكسات العسكرية'.
الناتو يراقب... وأوروبا قلقة من انهيار الردع
في بروكسل، عبّر مسؤولون في حلف شمال الأطلسي عن قلقهم من التصعيد النووي بين واشنطن وموسكو. وقال مصدر دبلوماسي لموقع يورآسيا ريفيو إن 'أي اختبار نووي روسي يُعد خرقًا للمعايير الدولية، ويستدعي ردًا موحدًا من الحلفاء'.
وفي لندن، وصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر التجربة بأنها 'استفزاز غير مسؤول'، مؤكدًا أن 'التحالف الغربي يجب أن يبقى موحدًا في مواجهة الابتزاز النووي'.
القلق الأوروبي لا ينبع فقط من قدرات الصاروخ الروسي، بل من احتمال انهيار ما تبقى من الاتفاقيات النووية التي كانت تضبط إيقاع التسلح بين القوى الكبرى.
وحذرت صحيفة الجارديان من أن 'غياب الحوار النووي بين واشنطن وموسكو يُعيد العالم إلى مرحلة ما قبل معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية'.
ترامب: 'جاهزون لكل شيء'... ولكن بأي تكلفة؟
رغم نبرة التهديد، حاول ترامب أن يُظهر توازنًا في خطابه، فقال: 'نحن نختبر صواريخ طوال الوقت'، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة لن ترد بذعر، بل بقوة واستعداد.
وأضاف: 'نحن جاهزون لكل شيء'، في تصريح يعكس ثقة الإدارة الأمريكية في قدراتها الدفاعية، لكنه أيضًا يُبرز حجم القلق من أن تتحول هذه التصريحات إلى تصعيد فعلي.
واعتبرت شبكة نيوزماكس، المعروفة بتوجهاتها المحافظة، أن 'الرئيس أعاد الهيبة للردع الأمريكي'، وأن 'الغواصة النووية التي أشار إليها تقف كرمز للقوة الأمريكية في وجه التهديدات الروسية'.
وأضافت الشبكة أن 'الرد الحازم من ترامب يضع حدًا لاستعراضات بوتين ويعيد ضبط ميزان القوة'.
من يلعب بالنار؟
في عالم تتداخل فيه السياسة بالإعلام، وتُطلق فيه التهديدات من على متن الطائرات الرئاسية، يبقى السؤال: هل بات العالم أمام استعراض عضلات نووية... أم على حافة هاوية قد تؤدي إلى مواجهات نووية؟ تصريحات ترامب بأن 'الولايات المتحدة لا تلعب' ليست مجرد رد على بوتين، بل رسالة إلى العالم بأن واشنطن لا تزال القوة النووية الأولى، وأنها مستعدة للردع، ولكنها أيضًا تراقب بحذر.


































