اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٧ تموز ٢٠٢٥
بعد 21 شهرًا من الحرب المدمرة في قطاع غزة، تعود الآمال مجددًا في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مدفوعة بحراك دبلوماسي مكثف تتصدره زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن ولقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وبينما تخيم الشكوك على قدرة الطرفين على تجاوز الخلافات العميقة، فإن تصريحات ترامب ونتنياهو أوحت بأن اتفاقًا يلوح في الأفق، ولو بشكل مؤقت.
ترامب يضغط ونتنياهو يناور: حسابات السياسة والميدان
في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أكد ترامب أنه كان 'حازمًا للغاية' مع نتنياهو بشأن إنهاء الصراع، مشيرًا إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار 'قد يتم هذا الأسبوع'.
من جانبه، قال نتنياهو قبيل مغادرته إلى الولايات المتحدة إن لقاءه مع ترامب قد 'يساعد بالتأكيد في دفع هذا الهدف الذي نأمله جميعًا'، في إشارة إلى الهدنة المقترحة.
لكن تصريحات الجانبين تعكس أيضًا تباينًا في الأولويات: ترامب يسعى إلى استثمار سياسي خارجي يخفف من ضغوط الداخل الأميركي، بينما يناور نتنياهو بين مطالب اليمين الإسرائيلي ومطالب الحليف الأميركي، وسط تراجع شعبيته وتحديات ائتلافه الحكومي المتطرف.
مفاوضات غير مباشرة في الدوحة: تفاؤل حذر ومطالب معلقة
في الدوحة، استؤنفت المحادثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل بشأن اقتراح أميركي يشمل هدنة مؤقتة مدتها 60 يومًا، تتضمن إطلاقًا تدريجيًا للرهائن مقابل انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية وزيادة للمساعدات الإنسانية.
ووفقًا للمقترح، تُسلّم حماس 28 رهينة (10 أحياء و18 جثة) على خمس مراحل، على أن تكشف في اليوم العاشر عن حالة بقية الرهائن.
في المقابل، تُطلق إسرائيل عددًا من المعتقلين الفلسطينيين وتنسحب تدريجيًا من مناطق في شمال وجنوب القطاع.
لكن خلافات أساسية ما زالت قائمة، أبرزها:
طلب حماس انسحابًا كاملًا إلى ما قبل 18 مارس، وهو ما ترفضه إسرائيل خاصة في رفح ومحور موراج.
اعتراض الحركة على دور مؤسسة 'غزة الإنسانية' المدعومة من واشنطن وتل أبيب، وتفضيلها إشرافًا أمميًا على الإغاثة.
ضمانات تمنع إسرائيل من استئناف القتال بعد انتهاء المهلة الزمنية.
في غزة.. تعب من الحرب لا من السياسة
وسط هذه التطورات، تعيش غزة على وقع التفاؤل الحذر. ففي ظل وضع إنساني كارثي، يعبّر النازحون عن خوفهم من 'هدنة مؤقتة' قد تعيدهم إلى دائرة العنف مجددًا.
يقول نبيل أبو دية، أحد النازحين من بيت لاهيا: 'لا نريد هدنة.. نريد إنهاء الحرب. لا طعام، لا ماء، لا مأوى.. سئمنا انتظار الموت تحت الخيام.'
ووفق الأمم المتحدة، فقد أدى الحصار إلى نفاد الوقود، وانهارت معظم الخدمات الصحية والمياه والاتصالات، فيما تشهد المستشفيات حالات سوء تغذية حاد بين الأطفال.
ضغط داخلي في إسرائيل: الرهائن أولًا
تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا متزايدة من عائلات الرهائن والرأي العام، وسط احتجاجات شعبية طالبت بإبرام اتفاق فوري لإعادتهم.
وقال إيلاي ديفيد، شقيق أحد الرهائن الظاهرين في فيديوهات حماس: 'حان وقت إنقاذ الأرواح.. لا نريد جنازات جديدة، بل عودة أحياء.' وتظهر استطلاعات الرأي دعم نحو ثلثي الإسرائيليين لأي اتفاق يعيد الرهائن.
في المقابل، يعارض وزراء من اليمين المتطرف أي انسحاب أو هدنة دون 'نزع سلاح حماس'، وهو ما ترفضه الحركة بشدة وتعتبره 'إلغاءً لدورها المقاوم'.
نتنياهو بين ضغوط الداخل والميدان الإقليمي
أعادت الحرب القصيرة بين إسرائيل وإيران في يونيو رسم خريطة النفوذ الإقليمي، ومنحت نتنياهو هامش مناورة داخليًا، بعد أشهر من التراجع الشعبي. لكن الملف الغزي أكثر تعقيدًا، إذ أن استمرار الحرب يهدد بانهيار معنوي وعسكري، بينما قد تجره الهدنة إلى صدام مع حلفائه اليمينيين.
وفي ظل هذه المعادلة، يبدو أن نتنياهو يراهن على تسوية 'جزئية' تسمح له بإعادة بعض الرهائن دون تقديم تنازلات كاملة بشأن السيطرة على غزة.
ترامب وإعادة ترتيب الإقليم
في الخلفية، يسعى ترامب إلى استثمار الزخم السياسي لإنجاز سلسلة من الملفات الإقليمية:
دفع محادثات ترسيم الحدود بين إسرائيل وسوريا.
تسريع خطوات التطبيع مع السعودية.
إعادة إطلاق مفاوضات الملف النووي الإيراني.
ورغم إعلان 'تفاهمات مبدئية' بشأن هذه الملفات، يرى مراقبون أن نجاح أي منها مرتبط بوقف حرب غزة، التي تعيق حركة الأطراف المعنية في المنطقة.