اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
اقترحت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعيين رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، في منصب قيادي لإدارة قطاع غزة، ضمن خطة لإعادة إعمار المنطقة بعد الحرب.
وفق هذا المقترح، سيكون بلير بمثابة نائب للرئيس ترامب نفسه، وهو ما يطرح قضايا حساسة تتعلق بالسيادة الفلسطينية والوصاية الغربية، بالإضافة إلى المخاطر الناجمة عن سجله الطويل في انتهاكات حقوق الإنسان.
لكن سجل بلير في العراق يثير القلق بشكل خاص؛ فقد قرر في عام 2003 الانضمام إلى الغزو الأمريكي للعراق، ووثقت سلسلة من الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين والمعتقلين هناك. وارتكب الجنود البريطانيون الذين خدموا تحت قيادته اعتداءات جسدية وجنسية بحق الأسرى، تضمنت إجبارهم على التعري والتعرض لإذلال جنسي، إضافة إلى ممارسات نفسية وعقلية قاسية، مثل الصراخ في وجه المعتقلين والتهديدات المستمرة، والمعاملة المهينة التي شملت الإهانات العنصرية والجنسية. وقد أظهرت التحقيقات الرسمية، بما فيها تقرير باها موسى، أن هذه الممارسات كانت جزءًا من سياسات رسمية اعتمدتها وزارة الدفاع البريطانية تحت إشراف بلير، مع غياب كامل للمساءلة الفعلية عن الانتهاكات.
وثائق التدريب العسكرية البريطانية تضمنت تعليمات صريحة لاستغلال 'الإحباط الجنسي' للمعتقلين كأسلوب للضغط والإخضاع، وهو ما يُظهر بعدًا صارخًا للانتهاكات التي كانت تحصل تحت إشراف الحكومة البريطانية آنذاك.
كما أن غياب المساءلة كان واضحًا: الجنود الذين ارتكبوا اعتداءات مروعة، بما في ذلك إجبار الأطفال على أعمال خطيرة أدت إلى الوفاة، تمت تبرئتهم، بل ورُقي بعضهم بحجة أنهم تصرفوا بـ'حماسة خاطئة'، وهو ما يوضح بيئة إفلات من العقاب شديدة الخطورة.
الخبراء الحقوقيون يشيرون إلى أن هذه البيئة كانت خصبة لارتكاب جرائم حرب واسعة النطاق، وأن إشراف بلير على قطاع غزة قد يكرّر هذا التاريخ المأساوي.
أما ردود الفعل الفلسطينية والدولية، فكانت فورية، إذ يعتبر الفلسطينيون خطوة تعيين بلير محاولة لتهميشهم واستبعادهم من أي دور في إدارة مستقبلهم، بينما حذّر خبراء حقوق الإنسان من أن برامج 'مكافحة التطرف' التي قد يقودها بلير يمكن أن تتحول إلى أدوات عقاب جماعية، تشمل الاعتقال القسري والضغط النفسي والجسدي، ما يهدد بارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب.
وفي ظل هذه الظروف، تتردد في مناقشات الخبراء والأكاديميين شكوك جدية حول ملاءمة الشخصيات ذات السجل الحقوقي الملوث لتولي مسؤوليات حساسة تجاه شعوب تعرضت للعنف والتمييز، مثل الفلسطينيين في غزة. وبينما يسعى البعض إلى تصوير هذه الخطة كوسيلة لإعادة الاستقرار، فإن التجربة التاريخية لبلير وتحذيرات حقوق الإنسان تشير إلى أن الإشراف الدولي على غزة من قبله قد يؤدي إلى المزيد من الانتهاكات والمعاناة، بدلًا من تحقيق العدالة والسلام.