اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجومه الشرس على مجموعة البريكس، التي تضم البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا، وأعضاء جدد مثل مصر، إثيوبيا، إيران، والإمارات العربية المتحدة، واصفًا إياها بـ'المجموعة الصغيرة' التي تسعى إلى تقويض هيمنة الدولار كعملة احتياط عالمية.
وهدد ترامب، خلال توقيع قانون GENIUS Act، الذي يهدف إلى تنظيم العملات الرقمية المستقرة وتعزيز الابتكار المالي الأمريكي، بفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على دول البريكس إذا استمرت في محاولاتها لتقليل الاعتماد على الدولار في التجارة العالمية.
وألقى ترامب خطابًا ناريًا في البيت الأبيض، قال فيه: 'لن نسمح بانزلاق الدولار... خسارته تعادل خسارة حرب عالمية، وسأتأكد من أن ذلك لن يحدث'. وزعم ترامب أن اجتماعًا للبريكس عقب تهديده الأول شهد حضورًا ضعيفًا بسبب 'خوف الدول من الرسوم'، وفقًا لصحيفة نيوز ناو.
لم يكن هذا الهجوم الأول من نوعه. سبق أن هدد في يناير بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على أي دولة تدعم عملة بديلة للدولار، في إشارة واضحة إلى مناقشات البريكس حول تعزيز التجارة بالعملات المحلية. أثار هذا التصعيد موجة من التساؤلات حول نوايا البريكس ومدى جدية تهديدها لهيمنة الدولار، التي ظلت ركيزة النظام المالي العالمي لعقود.
هل يواجه الدولار الأمريكي تهديدات بالفعل؟
وأثارت تصريحات ترامب تكهنات واسعة حول سعي البريكس لتطوير آليات تسوية تجارية تعتمد على العملات المحلية، مثل اليوان الصيني أو الروبل الروسي، أو حتى أدوات مدعومة بالذهب، مما قد يقلل من الاعتماد على الدولار.
ونفت البريكس، في بيانات رسمية، وجود خطط لإنشاء عملة موحدة، مؤكدة أن تركيزها ينصب على تعزيز التجارة بالعملات الوطنية لتقليل تأثير تقلبات العملات الأجنبية وتعزيز الاستقلال الاقتصادي.
وعقدت البريكس قمة في ريو دي جانيرو في يوليو الجاري، حيث انتقدت الدول الأعضاء الرسوم الأمريكية الأحادية، لكنها تجنبت الإعلان عن خطة واضحة لتحدي الدولار مباشرة. وشدد الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا على موقف البريكس، قائلًا: 'تغير العالم، لا نريد إمبراطورًا يفرض إرادته على الجميع'. أكد لولا، وفقًا لمجلة تايم الأمريكية، أن البريكس تسعى إلى بناء نظام اقتصادي عالمي أكثر عدالة، بعيدًا عن الهيمنة الأحادية.
وتكتسب هذه المناقشات أهمية خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة، حيث تسعى دول مثل الصين وروسيا إلى تقليل اعتمادها على النظام المالي الغربي، لا سيما بعد العقوبات الغربية على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية. برزت مبادرات مثل تطوير نظام دفع مستقل بين دول البريكس كخطوة محتملة لتحقيق هذا الهدف، مما يثير مخاوف واشنطن من تراجع نفوذ الدولار على المدى الطويل.
تباين ردود الفعل العالمية
فيما أكدت جنوب إفريقيا، خلال القمة، أن البريكس لا تسعى لمنافسة أي قوة عالمية، بل تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين أعضائها. وفي الأثناء، دعت الصين، بدورها، إلى 'تعاون مربح للجميع'، نافية أي نية لاستهداف الولايات المتحدة أو الدولار، وفقًا صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست.
وحذرت صحيفة لوفيجارو الفرنسية من أن الرسوم الجمركية الأمريكية قد تدفع دول البريكس إلى تسريع جهودها لتقليل الاعتماد على الدولار، مما يعزز التحول نحو نظام مالي عالمي متعدد الأقطاب. أشارت الصحيفة إلى أن هذه السياسات قد تعكس قلق واشنطن المتزايد من صعود الاقتصادات الناشئة، لكنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية.
وأثار خطأ ترامب بإدراج إسبانيا ضمن دول البريكس جدلًا كبيرًا، إذ سارعت الحكومة الإسبانية إلى الرد، مؤكدة أنها 'ليست عضوًا في البريكس ولا دولة ناشئة'، وفقًا لصحيفة إل باييس. أضاف هذا الخطأ لمسة من السخرية إلى الجدل، حيث تساءلت وسائل إعلام أوروبية عن مدى دقة معلومات ترامب حول التحالفات الاقتصادية العالمية. علقت صحيفة دير شبيجل الألمانية بأن أسلوب ترامب العدواني قد يعزل الولايات المتحدة اقتصاديًا إذا استمر في استخدام الدولار كأداة للضغط السياسي.
تحليل اقتصادي معمق
وقلل خبراء اقتصاديون من تهديد هيمنة الدولار في المدى القريب، مشيرين إلى قوته المستمرة كعملة احتياط عالمية. وقد أظهرت دراسة لمركز الجيوإيكونوميكس التابع للمجلس الأطلسي أن الدولار يشكل 58% من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية، وظلت السلع الرئيسية، مثل النفط والغاز، تُتداول حصريًا بالدولار، وفقًا لموقع بي بي إس نيوز.
ويعزز هذا الواقع مكانة الدولار كركيزة لا غنى عنها في التجارة العالمية. لكن اكتسبت مبادرات البريكس لتطوير أنظمة دفع بالعملات المحلية، مثل اليوان الصيني والروبل الروسي، زخمًا ملحوظًا، خاصة بعد العقوبات الغربية على روسيا، التي دفعت موسكو إلى تعزيز التعاملات التجارية بالروبل مع شركاء مثل الصين والهند.
وأشار محللون إلى أن هذا التحول، رغم بطيئه، قد يشكل تحديًا طويل الأمد لهيمنة الدولار إذا استمر التوتر مع الولايات المتحدة. وأضافوا أن الاقتصادات الناشئة، مثل الصين والهند، تمتلك القدرة على إعادة تشكيل النظام المالي العالمي تدريجيًا، خاصة مع تزايد نفوذها في الأسواق العالمية. يرى البعض أن تهديدات ترامب قد تكون محاولة لإبطاء هذا التحول، لكنها قد تعجل به على العكس، إذ تدفع الدول إلى البحث عن بدائل مالية أكثر استقلالية.
هل يطلق ترامب العنان للرغبة في التحدي؟
وأثارت سياسات ترامب تساؤلات حول مدى فعاليتها في حماية الدولار. يرى مراقبون أن فرض الرسوم الجمركية قد يدفع دول البريكس إلى تكثيف جهودها لتطوير أنظمة دفع مستقلة، مما يعزز التحول نحو عالم مالي متعدد الأقطاب.
وأشار تقرير لصحيفة لوفيجارو الفرنسية إلى أن هذه السياسات تعكس قلق واشنطن من فقدان نفوذها الاقتصادي، لكنها قد تؤدي إلى نتائج كارثية إذا أدت في نهاية المطاف إلى عزل الولايات المتحدة على الساحة الدولية. أضاف تقرير لمجلة دير شبيجل الألمانية أن استخدام الدولار كسلاح سياسي قد يضعف ثقة الدول الأخرى فيه، مما يشجعها على البحث عن بدائل.