اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٣ أيلول ٢٠٢٥
بعد عقدٍ من التوترات السياسية والدبلوماسية، دخلت العلاقات المصرية – التركية مرحلة جديدة من الانفتاح والتعاون، توصف بأنها الأوسع والأكثر استراتيجية منذ سنوات طويلة. فخلال عام 2024 تبادل الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان الزيارات الرسمية، في خطوة أنهت سنوات من الخلافات، وفتحت الباب أمام شراكات سياسية واقتصادية وعسكرية واسعة النطاق.
التقارب جاء مدفوعًا بإدراك الطرفين أن كلفة الصراع والمنافسة في ملفات إقليمية مثل ليبيا وسوريا والسودان وشرق المتوسط كانت باهظة، ولم تحقق الاستقرار المنشود. ومن هنا، برزت قناعة مشتركة بأن التعاون أكثر جدوى من التصادم، خصوصًا في ظل الضغوط المتزايدة من قوى دولية كبرى مثل الولايات المتحدة.
وقد انعكس هذا التحول بشكل ملموس على عدة أصعدة، أبرزها تبني القاهرة وأنقرة موقفًا مشتركًا في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث طالب وزراء الخارجية في البلدين بوقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية.
وعزز هذا الموقف صورة مصر وتركيا كقوتين إقليميتين تتحركان للدفاع عن الحقوق الفلسطينية، في وقت بدا فيه تراجع الاهتمام من بعض الدول الخليجية واستمرار الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل.
وزير الخارجية الأمريكي يبحث هاتفيا مع نظيره البريطاني الوضع في غزةكوريا الجنوبية تبدأ رسميا رئاستها الدورية لمجلس الأمن الدولي
وفي السياق نفسه، تتعرض مصر لضغوط داخلية وإقليمية لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه سياسات الاحتلال، خصوصًا مع تزايد المخاوف من مخطط تهجير سكان غزة إلى الأراضي المصرية. وهو ما دفع القاهرة إلى تعزيز تنسيقها مع أنقرة لتشكيل جبهة إقليمية ضاغطة على إسرائيل.
جانب آخر لا يقل أهمية يتمثل في التعاون الدفاعي، إذ تبحث مصر وتركيا توسيع الشراكة في مجال الصناعات العسكرية، وعلى رأسها مشروع المقاتلة التركية من الجيل الخامس 'كاان'. وقد شهدت الأشهر الماضية زيارات رفيعة المستوى بين قادة الجيشين، واطلاع الوفود المصرية على أحدث المنظومات الدفاعية التركية، وسط توقعات بتوقيع اتفاقات رسمية بنهاية 2025.
ويرى مراقبون أن مسار العلاقات المصرية – التركية بات يتجه نحو شراكة استراتيجية شاملة، تتجاوز الملفات الثنائية لتشكيل توازنات جديدة في الإقليم. فبينما تسعى واشنطن للحفاظ على نفوذها، تبرز القاهرة وأنقرة كطرفين قادرين على صياغة معادلات إقليمية قائمة على التعاون لا الصراع، وهو ما قد يضع أسسًا لنظام إقليمي أكثر استقرارًا خلال السنوات المقبلة.