اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في زمنٍ أصبحت فيه الهواتف الذكية امتدادًا لكافة أنشطة حياة إنسان هذا العصر اليومية، باتت الخصوصية الرقمية بعيدة المنال، بل ترفًا يصعب التمتع به. فحتى التطبيقات التي نستخدمها بثقة على أجهزة آيفون تخفي خلف واجهاتها البراقة عوالم مقلقة من المراقبة وجمع البيانات.
وكشف موقع 'ستاتيك ميديا' الأمريكي أن عددًا من هذه التطبيقات يتجاوز الحدود القانونية والأخلاقية في تتبع المستخدمين، جامعًا تفاصيل دقيقة عن مواقعهم وسلوكهم وأنماطهم الشخصية، ومنذ تحولت البيانات إلى “ذهب العصر الرقمي”، أصبح السباق نحو امتلاكها لا يعرف حدودًا.
سيري.. مساعد يسمع أكثر مما يجب
رغم أن شركة آبل تسوّق نفسها كحارسٍ أمينٍ للخصوصية، فإنّ تجربتها مع سيري تكشف العكس. ففي عام 2019، تبيّن أن الشركة استعانت بمتعاقدين للاستماع إلى تسجيلات المستخدمين لتحسين أداء المساعد الصوتي، وهي تسجيلات تضمنت مكالمات شخصية ونقاشات طبية وأحاديث داخل المنازل.
ومع تصاعد الغضب، اضطرت آبل للاعتذار وتعديل سياستها لتجعل المشاركة “اختيارية”. لكن في عام 2025 عادت القضية للواجهة، حين وافقت الشركة على دفع 95 مليون دولار لتسوية دعوى مدنية في الولايات المتحدة تتعلق بتسجيلات صوتية غير مصرّح بها، أعقبها تحقيق جنائي في فرنسا بتهمة “التنصت غير المشروع”، وهكذا، تحول المساعد الذكي إلى رمزٍ للمفارقة بين شعار “الخصوصية أولًا” والواقع الذي يكشف أن سيري ربما يسمع أكثر مما يجب.
جوجل كروم... تصفح خفي لا يخفي شيئًا
يُعدّ متصفح جوجل كروم من أكثر الأدوات استخدامًا على آيفون، لكنه أيضًا أحد أكثرها إثارة للجدل.
فقد كشفت دعاوى قضائية أن “وضع التصفح الخفي” ليس خفيًا كما يُروّج له، إذ استمرت جوجل في جمع بيانات المستخدمين حتى أثناء استخدامهم لهذا الوضع، وفي أبريل 2024، وافقت الشركة على حذف مليارات السجلات الخاصة بالتصفح لتسوية القضية.
كما أُجبرت لاحقًا في سبتمبر 2025 على دفع 425 مليون دولار بعد ثبوت تتبعها بيانات مستخدمي الهواتف، بما في ذلك أجهزة آيفون، رغم تعطيلهم خاصية التتبع.
وهكذا، يتضح أن “الخفاء” في العالم الرقمي ليس أكثر من وهمٍ تسويقي، وأن شركة جوجل — التي حذفت منذ 2018 عبارة “لا تكن شريرًا” من ميثاقها الأخلاقي — تواصل جمع كل ما يمكن جمعه من بيانات المستخدمين.
ميتا... الخصوصية بثمن الاشتراك
شركة ميتا، المالكة لتطبيقي فيسبوك وإنستجرام، واصلت انتهاج سياسات مثيرة للجدل في 2025، بعد اعتمادها نموذج “ادفع أو اسمح بالتتبع”، الذي أجبر المستخدمين على الاختيار بين مشاركة بياناتهم أو دفع اشتراك مالي للحصول على نسخة خالية من الإعلانات.
هذا النموذج اعتبره الاتحاد الأوروبي انتهاكًا لقوانين حماية البيانات، ما أدى إلى فرض غرامة قدرها 200 مليون يورو على الشركة.
ولم يتوقف الجدل عند هذا الحد، إذ رفعت نحو 200 وسيلة إعلام فرنسية دعاوى ضد ميتا بدعوى جمعها بيانات المستخدمين دون موافقة.
كما لا تزال الشركة تواجه إرثها السابق في حماية القُصّر، بعد أن فُرضت عليها غرامة 405 ملايين يورو في عام 2022 لانتهاكها قوانين خصوصية الأطفال عبر إتاحة حسابات تجارية مكشوفة لمن هم دون 18 عامًا، ويبدو أن ميتا وجدت طريقة جديدة لتحويل الخصوصية إلى سلعة مدفوعة الثمن.
تيك توك... ترفيه بثمن المراقبة
لم ينجُ تطبيق تيك توك من دائرة الشبهات رغم شعبيته الطاغية. ففي مايو 2025، غرّم الاتحاد الأوروبي الشركة 530 مليون يورو بعد ثبوت أن بيانات المستخدمين الأوروبيين كانت متاحة لموظفين في الصين، في انتهاك لقوانين حماية البيانات.
ومع ازدياد المخاوف من علاقة الشركة بالحكومة الصينية، حظرت عدة دول — منها كندا وأستراليا والنرويج — استخدام التطبيق على الأجهزة الحكومية. وفي الولايات المتحدة، تم سحب تيك توك مؤقتًا من متجري آبل وجوجل قبل أن يُعاد لاحقًا، فيما تواصل واشنطن الضغط لنقل ملكيته إلى طرف غير صيني.
ومع قدرته على تتبع أنماط الكتابة والنقرات، يتحول التطبيق من منصة للترفيه إلى أداة دقيقة لرصد سلوك المستخدمين، ما يجعله أحد أكثر التطبيقات إثارة للقلق في العالم الرقمي اليوم.
دور داش.. وجبات مع جرعة من التجسس
وراء خدمة التوصيل السريعة التي يقدمها دور داش، يكمن مستوى مقلق من جمع البيانات. إذ يطلب التطبيق الوصول إلى الموقع والجهات والمعلومات المالية وسجل التصفح — وهي بيانات تفوق كثيرًا ما يحتاجه لتوصيل وجبة طعام.
وفي عام 2024، فرضت ولاية كاليفورنيا على التطبيق غرامة قدرها 375 ألف دولار بعد اكتشاف أنه شارك بيانات المستخدمين مع شركات تسويق دون موافقة واضحة. كما واجه دعاوى قضائية جديدة في 2025 قبل أن تُحوّل القضية إلى تحكيم خاص، ورغم وعود الشركة بتحسين الشفافية، يبقى السؤال: ما الذي تحتاجه خدمة طعام من كل هذه المعلومات؟
تطبيقات الشبكات الخاصة الافتراضية المجانية... الخصوصية الزائفة
تُروَّج تطبيقات الشبكات الخاصة الافتراضية المجانية كوسيلة لحماية المستخدمين، لكنها كثيرًا ما تكون “ثغرة متنكرة”. فحين تمر كل بيانات المستخدم عبر خوادمها، تتحول من درع أمان إلى قناة مراقبة.
وكشف تحقيق تقني على 800 تطبيق من هذا النوع أن 6% منها تطلب صلاحيات نظام عميقة لا تحتاجها، وأن 25% منها تفتقر إلى إفصاح واضح عن نوعية البيانات التي تجمعها.
وبينما يستخدم كثيرون هذه التطبيقات للاتصال الآمن بشبكات الواي فاي العامة، ينصح الخبراء بالاعتماد على ميزة الترحيل الخاص المدمجة في أجهزة آبل أو استخدام خدمات مدفوعة موثوقة مثل نورتون للشبكات الخاصة، فكما يُقال: “إذا كان التطبيق مجانيًا، فالمستخدم هو السلعة”.
لينكد إن... شبكة مهنية أم شبكة تجسس ناعمة؟
يُنظر إلى لينكد إن عادة كمنصة مهنية آمنة، لكنّ تقارير عدة أثبتت أن التطبيق يجمع بيانات واسعة عن المستخدمين — تشمل سجل الوظائف، وجهات الاتصال، ومعرّفات الأجهزة.
في عام 2024، فرضت السلطات الأيرلندية غرامة قدرها 310 ملايين يورو على المنصة، بعد أن تبين أنها استخدمت بيانات المستخدمين لتحليل سلوكهم الإعلاني دون موافقة كافية.
كما كشفت أبحاث أن التطبيق بدأ تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة به على بيانات المستخدمين قبل إعلامهم بذلك رسميًا.
حتى في عالم العمل، يبدو أن البيانات لم تعد تخص أصحابها.
تطبيقات التنظيف... تنظيف الجهاز وجمع البيانات
رغم أنها تقدم نفسها كأدوات لتحسين أداء آيفون، فإن تطبيقات مثل منظف الهاتف تمثل نموذجًا آخر للغموض في عالم البيانات.
التحقيقات أظهرت أن التطبيق يجمع تسع فئات من البيانات، بينها الموقع الجغرافي والمعرفات الفريدة، ويشاركها مع أطراف ثالثة.
وتوصل تحليل أجرته شركة سيرف شارك عام 2025 شمل 10 تطبيقات تنظيف شهيرة، إلى أن 70% منها تشارك بيانات المستخدمين مع جهات خارجية، وبعضها مع وسطاء بيانات تجارية.
فما الحاجة إلى معرفة موقع المستخدم أو سجل مشترياته لتوفير مساحة تخزين؟
كيف تحمي نفسك؟
رغم أن المستخدم لا يستطيع منع كل أشكال جمع البيانات، إلا أن بوسعه الحد منها، وينبغي مراجعة أذونات التطبيقات بانتظام، ومنعها من الوصول إلى الكاميرا أو الميكروفون أو جهات الاتصال عند عدم الحاجة إلى ذلك، كما يُنصح بتفعيل خاصية الحماية المتقدمة للبيانات لتشفير نسخ آي كلاود الاحتياطية.


































