اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٥ تموز ٢٠٢٥
منذ انطلاقها قبل أكثر من عقد، واجهت مجموعة “بريكس”، التي تضم مجموعة من الاقتصادات الناشئة، تحديًا في إيجاد هدف مشترك يربط بين دولها.
لكن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ربما ساعدت في حل هذه المعضلة.
يُتوقع أن يتفق قادة “بريكس”، المجتمعون في مدينة ريو دي جانيرو هذا الأسبوع خلال قمة يستضيفها الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، على بيان مشترك يدين “تصاعد الإجراءات الحمائية الأحادية غير المبررة” و”الرفع غير المبرر” للرسوم الجمركية. وهذه صياغة مماثلة للتي أقرها وزراء خارجية الدول المؤسسة، المتمثلة في البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، خلال أبريل، وأكد عدد من المسؤولين أن هذا النص سيظل ضمن البيان الختامي.
ورغم أن البيان لن يذكر على الأرجح الولايات المتحدة بالاسم، إلا أن المجموعة تُرسل رسالة واضحة إلى إدارة ترمب عشية الموعد النهائي المحدد في 9 يوليو لبدء تطبيق رسومه الجمركية.
وأكد السفير زوليسا مابهونغو، كبير مفاوضي جنوب أفريقيا (المعروف أيضًا بـ”شيربا”)، في مقابلة أن جميع أعضاء المجموعة متفقون على أن “هذه الرسوم الجمركية غير مجدية”، مضيفًا: “إنها لا تخدم الاقتصاد العالمي، ولا تدعم التنمية”.
صعود “بريكس” وسط غياب واشنطن
في الوقت الذي يُنفر فيه ترامب حلفائه التقليديين ويتبع أجندته “أمريكا أولًا”، تسعى مجموعة “بريكس” إلى شغل الفراغ الذي تركه الرئيس الأمريكي. والنتيجة أن المجموعة، التي لطالما افتُرض أنها بديلٌ للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، بدأت الآن تُقدم نفسها كمدافع عن نفس القيم الجوهرية، بما في ذلك التجارة الحرة والتعددية.
وخلال اجتماع بنك التنمية الجديد، الذراع التمويلية لـ”بريكس”، صرح الرئيس البرازيلي لولا قائلًا إن “التعددية تمر بأسوأ مراحلها منذ الحرب العالمية الثانية”.
في السياق ذاته، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، خلال إفادة صحفية عقدتها في بكين يوم الأربعاء، أن الصين ستعمل مع الدول الأعضاء على “تعزيز الشراكة الاستراتيجية لمجموعة بريكس، والدفاع عن التعددية”.
ورغم أن سياسة ترامب أسهمت في تقريب مواقف دول المجموعة، إلا أن “بريكس” لا تزال على الأرجح بعيدة تمامًا عن بلوغ التأثير العالمي الذي لطالما سعى إليه أعضاؤها.
في هذا السياق، يغيب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن اجتماع “بريكس”، رغم زيارته الرسمية للعاصمة برازيليا في نوفمبر الماضي وتأكيد حضوره المرتقب لقمة المناخ “كوب 30” (COP30) التي تستضيفها البرازيل لاحقًا هذا العام. كما قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدم الحضور لتجنيب الحكومة البرازيلية الحرج الناجم عن اضطرارها اعتقال رئيس مطلوب بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.
اتساع “بريكس” دون أجندة موحدة
منذ تأسيسها في عام 2009، عانت مجموعة “بريكس” الأصلية طويلًا من غياب القيم المشتركة بين أعضائها، الذين لا يجمعهم سوى قواسم مشتركة محدودة، أبرزها كونهم اقتصادات ناشئة كبرى تسعى إلى نيل دور أكثر تأثيرًا في الشؤون العالمية التي تهيمن عليها واشنطن والغرب.
ومع انضمام دول جديدة مثل مصر وإثيوبيا وإيران وإندونيسيا والإمارات العربية المتحدة، تعزز التمثيل العالمي للمجموعة، إذ باتت “بريكس” الجديدة تمثل نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وما يقارب نصف سكان العالم. لكن هذا التوسع السريع يهدد أيضًا بتقويض درجة التماسك بين الأعضاء.
من اللافت أن تكتل “بريكس” يشهد انقسامًا حول مسألة الإشارات إلى الحرب، حيث تعارض كل من روسيا والصين إدراج أي إشارات بارزة بهذا الشأن، وفقًا لما أفادت به عدة وفود مشاركة. في المقابل، تضغط مصر باتجاه تضمين فقرة تتعلق بالسلام والأمن في الشرق الأوسط، في إشارة واضحة إلى رغبتها في التوصل إلى حل للحرب الدائرة على حدودها في غزة، بحسب شخص مطلع على الأمر.
تطرح سياسات ترمب العدوانية معضلة أمام المجموعة. على الرغم من أن الرسوم الجمركية التي فرضها أسهمت في توليد نوع من التوافق المشترك داخل التكتل، إلا أن بعض الأعضاء يحرصون على الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل من الولايات المتحدة والصين.
من المفارقات أن تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على دول “بريكس” في حال تخلت عن الدولار الأمريكي في تجارتها الثنائية قد دفع العديد من الدول إلى تطوير أنظمة دفع محلية وأدوات مالية بديلة تُسهل التجارة والاستثمار فيما بينها. ومع ذلك، أكد مسؤولون برازيليون أن فكرة التخلي عن الدولار ليست مطروحة للنقاش.
سجلت التجارة بين الدول الخمس المؤسسة لمجموعة “بريكس” نموًا بنسبة 40% بين عامي 2021 و2024، لتصل إلى 740 مليار دولار سنويًا، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي.