بـ3.5 مليار دولار.. شركات مصرية وإماراتية وصينية تطلق توسعات صناعية ضخمة في السخنة

في خطوة تعكس ترسيخ الثقة الدولية في الاقتصاد المصري، أعلنت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في أواخر أكتوبر 2025 عن توقيع اتفاق استثماري ضخم بقيمة 3.5 مليار دولار بين شركات مصرية وإماراتية وصينية، لتطوير ثلاثة مشروعات صناعية كبرى في منطقة السخنة. ووفقًا لصحيفة إيكوفن الإلكترونية، فإن الاتفاق يشمل إنشاء مصنع لإنتاج أنابيب الصلب غير الملحومة بطاقة سنوية تصل إلى 250 ألف طن، إلى جانب مصنع لإطارات السيارات، وآخر لإنتاج كابلات الألياف الضوئية.

تحالف ثلاثي: كيميت المصرية والقلعة ريد فلاج الإماراتية الصينية

الاتفاق تم توقيعه بين مجموعة كيميت للصناعات المصرية، وتحالف القلعة ريد فلاج الإماراتي الصيني، بحضور وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. ووفقًا لصحيفة إيكوفن الإلكترونية، فإن هذه المشروعات تهدف إلى دعم البنية التحتية الوطنية، وتقليل الاعتماد على الواردات، وتعزيز الصادرات الصناعية المصرية نحو الأسواق الإفريقية والآسيوية.

المصنع الأول سيركز على إنتاج أنابيب الصلب المستخدمة في مشروعات الطاقة والمياه، بينما يهدف مصنع الإطارات إلى تلبية الطلب المحلي المتزايد في قطاع النقل، في حين يسعى مصنع كابلات الألياف الضوئية إلى دعم التحول الرقمي في مصر، وتوفير مكونات استراتيجية لمشروعات المدن الذكية مثل العاصمة الإدارية الجديدة.

السخنة تتحول إلى محور صناعي عالمي

الموقع الاستراتيجي لمنطقة السخنة، على بعد 116 كيلومترًا جنوب شرق القاهرة، يمنحها ميزة تنافسية كبيرة، خاصة مع قربها من موانئ البحر الأحمر، وسهولة الربط اللوجستي مع إفريقيا وآسيا. وتوفر المنطقة الاقتصادية لقناة السويس حوافز استثمارية متعددة، تشمل الإعفاءات الجمركية، وتسهيلات في التراخيص، ودعم في تدريب العمالة المحلية.

بحسب تصريحات رسمية نقلتها صحيفة إيكوفن الإلكترونية، فإن هذه المشروعات ستوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وتُسهم في نقل التكنولوجيا الحديثة إلى السوق المصري، كما تعزز من مكانة مصر كمركز صناعي إقليمي في قطاعات المعادن والنقل والاتصالات.

رسائل اقتصادية وسياسية متعددة

يرى محللون أن هذا التحالف الثلاثي يحمل رسائل اقتصادية وسياسية مهمة، أبرزها أن مصر باتت قادرة على جذب استثمارات ضخمة من شركاء متنوعين، رغم التحديات العالمية. كما أن دخول شركات صينية في مشروعات استراتيجية داخل السخنة يعكس تنامي النفوذ الصناعي لبكين في منطقة الشرق الأوسط، في وقت تسعى فيه الإمارات إلى تعزيز شراكاتها الإنتاجية خارج حدودها، ومصر إلى ترسيخ موقعها كمركز تصنيع إقليمي.

وقد أشار تقرير نشرته صحيفة آراب ويكلي اللندنية إلى أن هذه التوسعات تمثل تحولًا نوعيًا في استراتيجية الاستثمار الأجنبي في مصر، حيث باتت المشروعات الصناعية تتصدر المشهد بدلًا من التركيز التقليدي على العقارات والسياحة.

نبض صناعي جديد في السخنة

في ظل هذه التوسعات، تتحول منطقة السخنة من مجرد منطقة صناعية إلى منصة إنتاج عالمية، تجمع بين التكنولوجيا الصينية، التمويل الإماراتي، والخبرة المصرية. ومع استمرار تدفق الاستثمارات، تبدو المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في طريقها لتكون أحد أعمدة الاقتصاد المصري الجديد، القائم على التصنيع والتصدير، لا على الاستيراد والاستهلاك.

أثر مباشر على الميزان التجاري وفرص العمل في محافظات القناة

من المتوقع أن تُسهم هذه التوسعات الصناعية في تقليص العجز المزمن في الميزان التجاري المصري، عبر زيادة الصادرات الصناعية وتقليل الاعتماد على الواردات في قطاعات حيوية مثل المعادن والنقل والاتصالات. فمصنع أنابيب الصلب، على سبيل المثال، سيغني عن استيراد مكونات أساسية لمشروعات البنية التحتية، بينما يفتح مصنع الإطارات الباب أمام تصدير منتجات مصرية إلى أسواق إفريقية كانت تعتمد سابقًا على واردات آسيوية. أما مصنع كابلات الألياف الضوئية، فيُعد خطوة استراتيجية نحو تصنيع مكونات رقمية محلية، ما ينعكس إيجابًا على فاتورة الاستيراد التكنولوجي.

وفي ما يتعلق بسوق العمل، تشير التقديرات الأولية إلى أن هذه المشروعات ستوفر أكثر من ١٢ ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، معظمها في محافظات السويس وبورسعيد والإسماعيلية. كما أن الشراكة مع شركات صينية وإماراتية تفتح المجال أمام برامج تدريب مهني متقدمة، ونقل تقنيات إنتاج حديثة إلى العمالة المصرية، ما يعزز من كفاءة القوى العاملة المحلية ويزيد من تنافسية المنتج المصري في الأسواق الدولية.