اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١ تشرين الأول ٢٠٢٥
في خطوة أثارت دهشة الكثير من المراقبين نظرا لندرة التوافق في ملفات عديدة بين واشنطن وبكين، أعلنت الصين دعمها الصريح لـ 'خطة ترامب للسلام في غزة'، وهي الخطة التي تقوم على وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين مقابل تهدئة طويلة الأمد.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة أوت لوك، فإن بكين رحبت بالمبادرة ورأت أنها فرصة لإخماد دائرة العنف المستمرة وإعادة إدماج الملف الفلسطيني في مسار سياسي جديد.
لكن ما منح هذه الخطة زخمًا غير مسبوق هو أنها لا تقتصر على ترتيبات أمنية مؤقتة، بل تقوم على صيغة وصفها مراقبون بأنها 'الكل أو لا شيء'.
وكما أوضحت صحيفة جابان تايمز، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أراد بهذه الصياغة أن يقلب الطاولة على إسرائيل نفسها، عبر فرض التزامات صارمة لم يسبق أن واجهتها الحكومات الإسرائيلية في أي جولة تفاوضية سابقة.
هذه المعادلة الجديدة جعلت واشنطن تظهر، ولو بشكل مفاجئ، كطرف يضغط على تل أبيب لا كطرف يمنحها غطاءً بلا حدود.
واللافت هو أن الصين من جهتها لم تُخفِ ارتياحها لهذه الصياغة، إذ اعتبرت أن أي مشروع يوقف دوامة العنف ويمهد لتسوية شاملة يصب في مصلحة استقرار الشرق الأوسط، وهو استقرار ترى بكين أنه ضروري لحماية مصالحها الاقتصادية ومبادراتها الاستراتيجية مثل 'الحزام والطريق'.
كما حرصت الدبلوماسية الصينية على تقديم نفسها شريكًا متوازنًا، قادرة على دعم حتى المبادرات الأمريكية حين تتوافق مع مبادئ السلم والتنمية، ما يعكس مسعى أوسع لإبراز الصين كقوة مسؤولة لا كخصم جيوسياسي فقط.
على الجانب الإسرائيلي، قوبلت الخطة بعاصفة من الجدل. ففكرة 'الكل أو لا شيء' بدت وكأنها فُصّلت لإحراج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي اعتاد إدارة الصراع بدلًا من حسمه.
الخطة تضعه أمام خيارين أحلاهما مر: إما الانخراط في تسوية قد تهز تحالفاته اليمينية الداخلية، أو رفضها وبالتالي مواجهة ضغوط أمريكية وإحراج دولي غير مسبوق.
أما في الساحة الفلسطينية، فالمشهد أكثر تعقيدًا. حركة 'حماس' تنظر بحذر إلى المبادرة، خشية أن تتحول إلى فخ سياسي يفرض عليها تنازلات استراتيجية، لكنها قد تجد في بند الإفراج عن الأسرى عنصرًا يبرر أمام جمهورها قبول تسوية مؤقتة ولو بشروط صعبة.
وأشارت الصحيفة اليابانية إلى أن الخطة أعادت خلط الأوراق في الإقليم. فثمة دول مثل مصر وقطر وتركيا سارعت إلى تأكيد أدوارها كوسطاء أساسيين.
القاهرة على وجه الخصوص شددت على أن أي تسوية مستدامة في غزة لا يمكن أن تتم دون البوابة المصرية، ما يعزز سردية أن مصر لا تزال اللاعب المركزي في الملف رغم التحولات الإقليمية.
وفي المشهد الدولي الأوسع، بدا واضحًا أن دعم الصين لا يعكس فقط رغبتها في لعب دور بناء، بل أيضًا محاولة للتموضع داخل فراغ استراتيجي نشأ مع تراجع ثقة العالم في انفراد واشنطن بإدارة النزاعات. فإذا نجحت الخطة، ستجد بكين نفسها شريكًا لا يمكن تجاوزه.
وإذا فشلت، فإنها ستخرج بمظهر القوة التي حاولت دفع عجلة السلام، تاركة واشنطن أمام سجل جديد من الإخفاقات.
وبذلك، لم تعد خطة ترامب في غزة مجرد مبادرة أمريكية، بل تحولت إلى اختبار دولي يكشف حدود النفوذ الأمريكي مقابل الصعود الحذر للصين، ويضع إسرائيل لأول مرة أمام معادلة قاسية: إما القبول بحل شامل، أو مواجهة عزلة متنامية حتى من أقرب حلفائها.