اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٥ شباط ٢٠٢٥
في تاريخ الأدب الأمريكي، هناك أسماء لا تُذكر دون أن تُثير الجدل، وويليام بوروز (William S. Burroughs) واحد من هؤلاء.
لم يكن مجرد كاتب، بل كان ثائرًا على الأعراف، مُجددًا في الأسلوب، وصاحب رؤية أدبية صنعت موجة جديدة في الكتابة، أثرت على أجيال لاحقة من الأدباء والفنانين.
وُلد بوروز عام 1914 في سانت لويس بولاية ميسوري لعائلة ميسورة الحال.
التحق بجامعة هارفارد ودرس الأدب الإنجليزي، لكنه سرعان ما انحرف عن المسار التقليدي ليغرق في حياة مليئة بالمخدرات، والعنف، والتجريب الفني، وهي عناصر ستشكل جوهر أعماله الأدبية لاحقًا.
عاش حياة مضطربة بين المكسيك، ونيويورك، وباريس، وكان جزءًا من “جيل البيت” (Beat Generation)، وهي حركة أدبية ثورية نشأت في الخمسينيات وضمّت أسماء مثل جاك كيرواك وألين غينسبرغ، وسعت لكسر التقاليد الاجتماعية واللغوية في الأدب الأمريكي.
يُعد كتابه الأشهر “الغداء العاري” (Naked Lunch)، الصادر عام 1959، أحد أكثر الأعمال إثارةً للجدل في تاريخ الأدب الأمريكي.
لم يكن مجرد رواية، بل تجربة أدبية متحررة من القواعد التقليدية، حيث اعتمد على تقنية “القطع والتجميع” (Cut-Up) التي تخلط السرد وتفكك الزمن، ما يجعل النص أشبه بكابوس هذياني مليء بالمخدرات، الجنس، والجريمة.
واجه الكتاب معركة قضائية طويلة في الولايات المتحدة بسبب محتواه الصادم، لكنه في النهاية أصبح أحد أهم الأعمال الأدبية في القرن العشرين، وساهم في توسيع حدود حرية التعبير في الأدب.
تميزت أعمال بوروز بأسلوب تجريبي، حيث استخدم تقنيات السرد غير الخطي، المزج بين الواقع والخيال، واللغة الصادمة لكشف زيف المجتمع وتعرية النفس البشرية.
أثرت كتاباته على العديد من الفنانين والموسيقيين، من ديفيد بووي إلى كورت كوبين، وحتى سينما هوليوود.
رغم كل الفوضى التي عاشها، استمر بوروز في الكتابة حتى وفاته عام 1997.
وبقي حتى أيامه الأخيرة رمزًا للأدب المتمرد، ليظل اسمه محفورًا كواحد من أكثر الكتاب تأثيرًا وإثارةً للجدل في القرن العشرين.
لم يكن بوروز مجرد كاتب روائي، بل كان مفكرًا وفنانًا غيّر مفهوم الكتابة، وأعاد تعريف حدود الأدب الأمريكي.
قد لا يكون من السهل قراءة أعماله، لكنها بلا شك تجربة لا تُنسى، تترك القارئ أمام مرآة صادمة للمجتمع والذات.