اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٥ تشرين الثاني ٢٠٢٥
رغم ما يبدو على السطح من متانة في أداء الاقتصاد الأمريكي، تكشف قراءات معمّقة عن مخاطر متصاعدة داخل قطاعات حيوية قد تنذر بانعطافة غير محسوبة في مسار النمو، فرغم تسجيل الناتج المحلي الإجمالي نمواً تجاوز 3% خلال الربعين الماضيين، واستمرار معدل البطالة عند مستوى منخفض تاريخيًا يبلغ 4.4%، تظهر تحت هذه المؤشرات العامة موجة من الاضطرابات التي قد تقود إلى تباطؤ حاد وربما ركود مفاجئ، وفق تقديرات خبراء الاقتصاد.
ويحذّر اقتصاديون من أن البيانات الإجمالية الشاملة تخفي تقلبات غير محتملة، إذ تنتقل أسواق العمل أثناء الأزمات من وتيرة تدهور تدريجية إلى قفزات حادة في معدلات البطالة خلال فترات زمنية قصيرة.
وفي الوقت الذي تبدو فيه مؤشرات التوظيف مستقرة، تؤكد التجارب السابقة أن التحولات الكبرى غالباً ما تُكتشف بعد وقوعها.
وتعكس تصريحات وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت جانباً من هذا القلق؛ إذ أكد أن قطاعات اقتصادية عدة تعيش 'ركوداً حاداً'، كاشفاً أن الإغلاق الحكومي الذي امتد 43 يوماً تسبب بخسائر دائمة للاقتصاد بنحو 11 مليار دولار.
ورغم تفاؤله بتحسن النمو العام المقبل بدعم من خفض أسعار الفائدة وآثار التخفيضات الضريبية، أقرّ بأن القطاعات الحساسة لسعر الفائدة، وفي مقدمتها الإسكان، دخلت بالفعل مرحلة ركود.
وتستعرض قراءة تحليلية نشرها موقع 'بيزنس إنسايدر' سبع علامات قاتلة تهدد مسار الاقتصاد الأمريكي، وجميعها تتركز في قطاعات تُعدّ من أكبر مصادر التوظيف في البلاد:
1- الإسكان
تشهد شركات بناء المنازل تراجعاً في نشاطها مع ارتفاع المخزون غير المُباع، ما يدفعها إلى خفض عمليات البناء الجديدة.
كما تشير تصاريح البناء إلى ضعف مستقبلي، ما يعني أن القطاع يحتفظ بعدد يفوق حاجته من العمال مقارنة بحجم نشاطه.
2- العقارات التجارية
انخفض الاستثمار في الهياكل التجارية خلال ستة أرباع متتالية.
وتظهر مؤشرات المعهد الأمريكي للمهندسين المعماريين ركوداً في فواتير التصميم، ما يعني غياب بوادر انتعاش قريب في بناء العقارات غير السكنية.
3- المطاعم
تراجعت مبيعات سلاسل الوجبات السريعة مثل 'شيبوتلي' و'سويت غرين'، خصوصاً بين الفئات العمرية الأصغر.
ومع ارتفاع تكاليف المواد الغذائية، تتعرض هوامش الربح لضغط حاد، فيما تشير بيانات الإنتاجية إلى زيادة أعداد الموظفين بشكل يفوق الحاجة، بما يمهد لموجة تسريح محتملة.
4- القطاع الحكومي
بينما يتركّز الضغط حالياً على مستوى الحكومة الفدرالية، بدأت حكومات الولايات والمقاطعات تواجه صعوبات مع انتهاء مخصصات كوفيد-19، ما يرجّح حدوث خفض في الوظائف على نطاق أوسع.
5- قطاع الشحن والنقل
انخفض عدد السفن الواردة من آسيا بنحو 30% مقارنة بالعام الماضي، وتراجعت حمولات السكك الحديدية بنسبة 6%، ومع تقلص البضائع، تتقلص الحاجة إلى السائقين والعمال، ما يرفع احتمالات حدوث خفض جماعي للوظائف.
6- التعدين والأخشاب
تتراجع التوظيفات الجديدة في قطاعي النفط والأخشاب بسبب انخفاض الأسعار دون مستويات الاستثمار المجدي، ما يؤدي إلى انكماش مستمر في الوظائف داخل هذه الصناعات.
7- التعليم العالي
تواجه الجامعات الأمريكية ضغوطاً بسبب تراجع معدلات الالتحاق وانخفاض التمويل الفيدرالي، ما يدفع المزيد من المؤسسات إلى تقليص موظفيها مع استمرار ضيق الميزانيات.
ويؤكد محللون أن تباطؤ سوق العمل بدأ بالفعل في الظهور عبر انخفاض فرص العمل وتراجع وتيرة التوظيف وارتفاع عمليات التسريح من مستوياتها المتدنية تاريخياً، وهو ما ينعكس بشكل أكبر على الفئات الأكثر هشاشة مثل الشباب والسود. كما أن اتساع رقعة التراجع داخل عدة قطاعات كبرى يرفع احتمال انتقاله إلى باقي السوق عبر دوامة انكماش متلاحقة، بما يمهد لركود غير خطي قد يظهر بصورة مفاجئة.
ورغم أن الصورة العامة للاقتصاد تبدو مستقرة من زاوية واسعة، إلا أن التيارات المختفية تحت السطح تشير إلى احتمالات اضطراب صعبة التجاهل، ما يجعل الاقتصاد الأميركي أمام مرحلة غموض تتطلب يقظة أكبر وتحليلاً أعمق للاتجاهات القطاعية قبل الحكم على المسار العام للنمو.


































