اخبار اليمن
موقع كل يوم -سبأ نت
نشر بتاريخ: ١١ أيلول ٢٠٢٥
غزة – سبأ:
لم يكد قلب 'أم أيمن' يلتقط أنفاس الفرح بعد فقدانها لطفل قبل سنوات، حتى رزقها الله بفلذة كبدها الجديد، فغمرته بحنان مضاعف، وألبسته مكانة لا يوازيها شيء. كانت ترى في ابتسامته الصغيرة خلف كاميرا هاتفها، الدنيا وما فيها، وتمنّت أن يعوضها عن كل ما سلبه الفقد.
لكن غزة التي تحاصرها المجاعة، لم تُبقِ لهذا الحلم حياة. فقد صارع 'أيمن'، الذي لم يتجاوز عامًا ونصف، شبح الجوع الذي ظل ينهش جسده النحيل لقرابة نصف عام. ومع انعدام الحليب والعلاج، بدأ وزنه يتهاوى حتى وصل إلى 4 كيلوغرامات فقط، بدلًا من وزنه الطبيعي الذي كان ينبغي أن يبلغ 10 كيلوغرامات.
خال الطفل، علاء عبد الغفور، يقول لوكالة 'صفا' الفلسطينية: 'أيمن مات بسوء التغذية بعد معاناة طويلة، ومعيشة صعبة جدًا لوالديه. الولد كان طبيعي مثل الوردة، لكن الجوع أنهكه حتى توقف قلبه'، مضيفًا أن توفير الحليب كان معضلة لأسرته بسبب ندرته وارتفاع سعره الجنوني.
في أروقة مستشفى ناصر الطبي بخانيونس، جلست والدته تصارع دموعها، فيما كانت جدته تخرج مرارًا تناشد بتوفير العلاج والحليب له. لكن الموت كان أسرع من كل مناشدة، وفي ليلة من ليالي المعاناة، توقف قلب 'أيمن'، ليطفئ قلب أمه مرة أخرى.
شقيق الأم يختصر حجم المأساة قائلًا: 'هذه ثاني مرة تفقد طفلًا في مدة قصيرة، وكانت متعلقة بأيمن بشكل كبير.. معاناتها فوق طاقة البشر'، بينما يضاف اسم 'أيمن' إلى قائمة طويلة من ضحايا التجويع في غزة.
فقد كان 'الرقم 393' في سجل الوفيات نتيجة المجاعة، بينهم 140 طفلًا، وفق إحصائية رسمية، فيما ارتفع عدد من فقدوا حياتهم منذ إعلان الأمم المتحدة رسميًا عن حالة المجاعة في القطاع إلى 115 شخصًا، بينهم 25 طفلًا.
أيمن لم يكن مجرد رقم.. كان حياة كاملة لأمٍّ تبحث عن فرحة، فإذا بالجوع ينتزعها من بين يديها، ويتركها مجددًا وحيدة في مواجهة فقدٍ لا يُحتمل.
هكذا رحل 'أيمن' بجوعٍ قاتل لم يمهله حتى يكمل طفولته، تاركًا أمه تغرق في وجعٍ يتجدد للمرة الثانية. لم يكن مجرد رقم جديد في سجلات المجاعة، بل كان شاهدًا صغيرًا على جريمة تُطفئ قلوب الأمهات وتسرق أحلامهن، لتبقى غزة تنزف أطفالها واحدًا تلو الآخر في صمت العالم وعجزه.
إكــس