من العلاج إلى السجن.. اليمنيون في مصر بين الاعتقالات التعسفية وصمت السفارة

كشفت عشرات القصص الموثوقة عن معاناة مئات اليمنيين في مصر، الذين يتعرضون لاعتقالات تعسفية، ومصادرة أموالهم وهواتفهم، واحتجازهم في ظروف إنسانية مروعة.

وتصل يوميًا رسائل من ضحايا وعائلاتهم تؤكد أن الاعتقالات تستهدف يمنيين وسودانيين بتهمة 'تجارة العملة'، رغم انتهاء السوق السوداء بعد توحيد سعر الصرف.

سجون مكتظة وانتهاكات مهينة

وحسب مصادر مطلعة، فإن المعتقلون يُحتجزون في غرف ضيقة مع تجار مخدرات وعصابات، حيث يُحشر أكثر من 70 شخصًا في زنزانة واحدة، ويتم تقييدهم بسلاسل حتى أثناء دخول المرحاض، دون مراعاة للكرامة الإنسانية.

إحدى القصص المروعة تتحدث عن رجل سُجن مع ابنته، ودخلا الحمام مقيدَيْن معًا، فيما وُضعت طفلة أخرى في زنزانة مع مجرمين بتهم مخدرات.

تلفيق التهم ونهب الأموال

رغم زوال تجارة العملة، تواصل السلطات المصرية اعتقال اليمنيين والسودانيين، وتعلن وزارة الداخلية يوميًا عن مصادرة ملايين الجنيهات من أموالهم.

الضحايا يؤكدون أن التهم ملفقة، وأن الاعتقالات تستهدف نهب أموالهم تحت غطاء قانوني. حتى كبار السن والمرضى الذين قدموا للعلاج لم يسلموا، حيث سُجنوا وصودرت أموالهم ثم رُحّلوا دون تلقّي العلاج.

السفارة اليمنية: تواطؤ أم إهمال؟

بالمقابل، تتجاهل السفارة اليمنية في مصر معاناة مواطنيها، رغم اعترافها بالانتهاكات. فقد أمد بعض الضحايا أن السفارة توكل محاميًا مصريًا يطلب آلاف الجنيهات دون تقديم أي مساعدة فعلية.

وبلغ الإهمال حدًا جعل البعض يتهمون السفارة بالتواطؤ مع الأجهزة الأمنية المصرية في استمرار هذه الانتهاكات المنظمة.

مسؤولية السفارة

في ظل صمت السفارة اليمنية وتجاهلها المتعمد، يُطالب نشطاء وحقوقيون بتحميلها المسؤولية الكاملة عن انتهاكات حقوق اليمنيين في مصر، كما يُطالب المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالتحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات التي تُنتهك أبسط معايير حقوق الإنسان.

هذه الممارسات لم تعد سرًا، فالصفحات الرسمية للأمن المصري تتباهى بهذه 'الإنجازات' باعتقال مرضى ومسنين، مما يؤكد أن الحملة ممنهجة ومتفق عليها.

ونهاية الشهر الماضي، كشف سفير اليمن لدى مصر، خالد محفوظ بحاح، عن معاناة العشرات من أبناء الجالية اليمنية، بينهم مرضى ومستثمرون وطلاب، جراء تعرضهم للاعتقال بتهم تتعلق بحيازة العملة الأجنبية، وما تبعه من ترحيل قسري ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم.

وقال بحاح خلال لقاءه مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون القنصلية والمصريين في الخارج، السفير تامر المليجي، أن نحو 140 يمنياً تعرضوا خلال الفترة الماضية للاعتقال، ورُحل منهم 75 شخصاً رغم صدور قرارات قضائية بالبراءة وإخلاء السبيل.

وأشار إلى أن بين المرحّلين مرضى جاءوا للعلاج، ومستثمرين ساهموا في السوق المصري، وطلاباً كانوا في سنواتهم الدراسية الأخيرة.

وأضاف أن السلطات صادرت مبالغ مالية تقدر بنحو 16 مليون جنيه مصري و34 هاتفاً محمولاً، ما شكل صدمة كبيرة للمجتمع اليمني المقيم والزائر في مصر.

وأعرب بحاح عن أمله في اتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة هذه القضايا الإنسانية المؤلمة، خاصة في ظل انتهاء السوق السوداء للعملة بعد تحرير أسعار الصرف في مصر، مؤكداً أهمية توفير الحماية القانونية لليمنيين الذين يتواجدون في مصر للعلاج أو الدراسة أو الاستثمار.