اخبار اليمن
موقع كل يوم -سبتمبر نت
نشر بتاريخ: ١٠ أب ٢٠٢٥
عميد ركن/ نجيب سعد الناصر
يعتبر التخطيط بالسيناريوهات أداة استراتيجية فعالة تتيح للمؤسسات الأمنية تصور المستقبل وتشكيل الاستعداد له، بدلاً من الاكتفاء برد الفعل عند وقوع الأحداث.
– ما هو التخطيط بالسيناريوهات؟
التخطيط بالسيناريوهات هو أسلوب تفكير وتخطيط يعتمد على بناء مجموعة من السيناريوهات المستقبلية المحتملة – سواء كانت إيجابية أو سلبية- ثم دراسة تأثيرها على المؤسسة، ووضع خطط للتعامل مع كل منها. ويُعد هذا النوع من التخطيط جزءًا من التخطيط الاستراتيجي، لأنه لا يتعامل مع التفاصيل اليومية (كما يفعل التخطيط التنفيذي)، ولا يركّز فقط على المواجهات القصيرة المدى (كما في التخطيط التكتيكي)، بل يهدف إلى بناء جاهزية شاملة للمستقبل على مدى زمني بعيد.
– لماذا يُستخدم في المجال الأمني؟
يستخدم التخطيط بالسيناريوهات في المجال الأمني لأن البيئة الأمنية بطبيعتها تتسم بالتعقيد والغموض، وتواجه أجهزة الأمن تحديات غير متوقعة، مثل الهجمات الإرهابية، الاختراقات السيبرانية، أو الكوارث الطبيعية. والتخطيط بالسيناريوهات يزوّد القادة الأمنيين بقدرة تحليلية وتوقعية عالية تُمكّنهم من الاستعداد لمجموعة واسعة من الظروف. فعلى سبيل المثال، يمكن لوحدة أمنية أن تبني ثلاثة سيناريوهات محتملة لفعالية شعبية: الأول تمر فيه الفعالية بسلام، والثاني يحدث فيه تدافع للجماهيري، والثالث تتعرض فيه الفعالية لمحاولة تفجير. في كل سيناريو، تُحدد الأدوار وتُجهز الموارد مسبقًا.
– أنواع السيناريوهات الأمنية
١- السيناريو المتفائل
يفترض هذا السيناريو أن الأوضاع ستكون مستقرة والتهديدات ضعيفة، يُستخدم هذا السيناريو في الخطط العادية لكن دون التراخي في الجاهزية.
٢- السيناريو الواقعي
يفترض هذا السيناريو حدوث مشكلات متوقعة، كارتفاع عدد الجمهور في الفعالية أو حدوث احتجاج محدود، لذلك يتم وضع خطط احتواء مناسبة في هذه الحالة.
٣- السيناريو المتشائم
في هذا السيناريو يتم وضع في الاعتبار اسوأ الاحتمالات، كحدوث أعمال شغب أو حدوث تفجير أو انقطاع اتصالات أو استهداف مباشر للمؤسسات العامة والخاصة ويُعد هذا السيناريو هو الأهم، لأنه يتطلب وضع خطط للعمليات الأمنية والتدريب بالمحاكاة وهنا يتم الاختبار العملي لمدى جاهزية الفرق الأمنية فعليًا.
– فوائد التخطيط بالسيناريوهات في المجال الأمني
١. تعزيز الجاهزية الأمنية ومدى التنبؤ و التوقع كونه يسمح ببناء خطط طوارئ مدروسة، بدلًا من ارتجالية القرار عند الطوارئ.
٢. اتخاذ قرارات مدروسة، بحيث عندما تظهر ملامح سيناريو معين، يمكن التفاعل معه بسرعة، لأن الخطط جاهزة سلفًا.
٣. تدريب الفرق على مختلف الاحتمالات، بحيث تُنفذ التمارين والمناورات الأمنية بناء على السيناريوهات.
٤. تقليل الهدر في الموار، من خلال توجيهها نحو السيناريوهات الأكثر احتمالًا.
ومن أمثلة ذلك أنه في المطارات تقوم إدارة الأمن بالمطار بإعداد سيناريوهات يومية تتضمن احتمال وجود طرد مشبوه أو هجوم مسلح، وتُدرّب الفرق على تلك الحالات.
وفي موسم الحج، في المملكة العربية السعودية تعتمد السلطات والأجهزة الأمنية السعودية على التخطيط بالسيناريوهات لتوقع سيناريوهات الازدحام، أو الحرائق، أو الكوارث الطبيعية، وتجهز خططًا موازية للاستجابة.
وختاماً
نؤكد على أن التخطيط بالسيناريوهات في المجال الأمني ليس ترفًا فكريًا بل ضرورة استراتيجية للمؤسسات الأمنية. لأنه يضع جهاز الأمن في موقع المسيطر والمتحكم وليس المتلقي، ويحوّل الغموض إلى فرص للتخطيط، ويمنح القادة القدرة على القيادة بثقة. في ظل ظروف وأوضاع متغيرة وغير مستقرة يصبح السيناريو الجيد هو الفارق بين السيطرة الأمنية والاختراق الأمني.