تحرير عدن من الحوثيين..معركة اسطورية وملحمة فدائية خلدها التاريخ

4 مايو / تقرير/محمد الزبيري

لم تكن ليلة 27 رمضان 2015 عادية بالنسبة لأبناء الجنوب،ففي تلك الليلة المباركة كان شعب الجنوب على موعد مع صناعة التاريخ بعد معركة اسطورية وملاحم بطولية خاضتها المقاومة الجنوبية بمساندة قوات التحالف العربي وانتهت باستعادة العاصمة الجنوبية عدن من مليشيات الحوثيين وقطع يد التدخل الإيراني في المنطقة وتوجيه ضربة قاتلة للحلم الفارسي بإسقاط العاصمة عدن كخامس عاصمة عربية تسقط في أيدي المجوس.

في هذا التقرير سنتذكر تفاصيل تلك المعركة الخالدة،ونستعيد ذكريات الأفراح العارمة التي اجتاحت الجنوب كله،كما إنها فرصة لتذكر تضحيات الشهداء الأبرار الذين رووا بدماءهم الزكية تراب الجنوب،ومنهم شهداء الجيش العربي الإماراتي الذين سقطوا فداء للجنوب وفاضت أرواحهم على تربة العاصمة عدن الطاهرة.

المغول قادمون

منذ اللحظة الأولى لوصول الرئيس هادي للعاصمة عدن وإفلاته من قبضة الحوثيين وإعلانه عدن كعاصمة للبلاد،كان واضحاً أن الجنوب على موعد مع غزو بربري سيتفوق في همجيته على غزو صيف 94.

أعلن الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح التعبئة العامة،ووجهوا كل أسلحتهم ومعداتهم ومواردهم لاجتياح الجنوب.

كانوا يبحثون عن مبرر للحرب على الجنوب والقضاء على تطلعات شعبه في الحرية والاستقلال،وإسقاط المشروع الجنوبي بضربة قاضية من خلال أبادة أكبر قدر من شعب الجنوب وتشريد سكانه وتدمير بنيته التحتية،واستهداف معالم الهوية الوطنية الجنوبية.

بوصول الرئيس هادي للعاصمة عدن وجدت مليشيات الحوثي وعفاش المبرر المناسب لانطلاق الغزو وبدأ الزحف.

الموت القادم من كهوف الشمال يجتاح الجنوب

بدأ قطعان المغول القادمون من أدغال الشمال وكهوف صعدة غزوهم الهمجي للجنوب.

استخدمت المليشيات الإرهابية مختلف الأسلحة المحرمة دولياً من أجل التسريع بإسقاط المدن الجنوبية.

قصفت المليشيات مدن الجنوب بعشوائية بالأسلحة الثقيلة واستخدمت الطائرات في قصف العاصمة عدن خلال الأيام الأولى للغزو.

بدأ مخطط الأبادة الجماعية لسكان الجنوب بسقوط مئات الشهداء اغلبهم من النساء والأطفال.

رغم الوحشية والهمجية وتخلي المليشيات عن كل القوانين والأعراف في حربها على الجنوب إلا أن المقاومة الجنوبية قاتلت بشراسة.

المليشيات تتفاجأ بالمقاومة الجنوبية الأسطورية

كان عفاش قد اقنع المليشيات الحوثية أن الجنوب سيسقط خلال أيام وأن شعب الجنوب لن يكون بمقدره التصدي للجحافل الشمالية المزودة بأعتى الأسلحة ولن يقوى على مواجهة آلة الموت والدمار المجردة من الإنسانية والمتنصلة من أخلاقيات وقوانين الحرب.

لكن المفاجأة كانت صادمة للحوثيين على أبواب العاصمة عدن.

حمل ابناء عدن السلاح صغاراً وكباراً وتوجهوا لأطراف العاصمة.

ورغم القصف الهستيري وتدمير البيوت واقتناص كل ما يتحرك على الأرض،لم تستطع المليشيات التقدم بعد أن أبدى شباب الجنوب مقاومة شرسة وسطروا ملاحم بطولية بأسلحتهم الخفيفة الأمر الذي فاجأ الحوثيين وحليفهم عفاش.

كانت وحشية الحوثيين تزيد بمرور الوقت وبسبب التهور ومحاولات اسقاط العاصمة عدن بكل الوسائل وبأي تكلفة خسرت المليشيات المئات من قطعانها الذين أعادتهم المقاومة الجنوبية جثثاً نافقة.

المليشيات تنتقم لخسائرها باستهداف المدنيين

سببت الضربات الموجعة التي تلقتها المليشيات الحوثية على يد مقاتلي المقاومة الجنوبية ضرراً هائلاً على سمعتها وبدأت صور قتلى الحوثيين التي ملأت شوارع دار سعد وخور مكسر وأطراف العريش وجعولة تتسرب لوسائل الإعلام فعملت على تغطية خسائرها باستهداف المدنيين والأبرياء.

مجزرة التواهي شاهدة على وحشية المليشيات الحوثية

وسط ضغط الحوثيين وقصفهم الهستيري للبيوت والمنشآت وتدميرهم لكل مقومات الحياة اضطر الآلاف من أبناء عدن لمحاولة النزوح والهروب من جحيم المليشيات.

تجمع المئات من المواطنين في رصيف التواهي محاولين النزوح عبر البحر إلا أن المليشيات الحوثية الإرهابية وجدت في هؤلاء الأبرياء تعويضاً عن خسائرهم الفادحة فوجهوا نيران وقذائف دباباتهم نحوهم وتحولهم خلال لحظات إلى أشلاء ممزقة استمرار لجرائم الإبادة المروعة التي يرتكبها الشمال ضد شعب الجنوب الأعزل منذ سقوط الجنوب في 94.

المليشيات تتقدم رغم المقاومة الشرسة

رغم المقاومة الشرسة التي ابداها شباب عدن والمقاومة الجنوبية إلا أن فارق التسليح المهول والخبرة القتالية بدأت ترجح كفة الحوثيين فبدأوا بالتوغل في مديريات وأحياء العاصمة غير مبالين بسقوط الكثير من مقاتليهم.

في الجهة الشرقية استطاعت المليشيات تجاوز خور مكسر واندفعت باتجاه كريتر والمعلا والتواهي وسقط عشرات الشهداء وعلى رأسهم العميد علي ناصر هادي قائد المنطقة الرابعة وهم مستميتون في الدفاع عن عدن.

عملية السهم الذهبي وملحمة التحرير ليلة 27 رمضان

انطلقت عملية السهم الذهبي لتحرير بعد أن تدخلت القوات المسلحة الإماراتية لإسناد المقاومة الجنوبية وقامت بإنزال بحري للأسلحة والمعدات والجنود.

كانت معركة رأس عمران بروفة لانطلاق معركة تحرير العاصمة عدن حيث تمكنت المقاومة من تحرير رأس عمران وقتلت العشرات من المليشيات ودمرت الكثير من أسلحتهم ومعداتهم

تمكنت المقاومة الجنوبية من السيطرة على المطار وخور مكسر واستعادة جزيرة العمال وساحة العروض ومعسكر بدر

بتاريخ 17يوليو كانت العاصمة عدن على موعد مع النصر والتحرير بعد أن فرت قطعان المليشيات تجر وراءها أذيال الهزيمة والعار.

الجيش الإماراتي...شريك التضحيات والانتصارات

لن ينسى الجنوبيون مناظر العربات المدرعة التابعة للجيش الإماراتي وهي تلاحق الحوثيين في أحياء وشوارع وأزقة خور مكسر والمطار.

التحم جنود الجيش الإماراتي الشقيق بقوات المقاومة الجنوبية،وقاتلوا إلى جانبهم كتفاً لكتف بل وتقدموا الصفوف فداء لعدن،فسقط منهم العديد من الشهداء والكثير من الجرحى.

في كل عام يتذكر الشعب الجنوبي شهداء الإمارات بمشاعر الفخر والحب والعرفان،وتخليداً لهم أصبحت العديد من شوارع المدن الجنوبية تحمل اسماءهم إلى جانب أسماء شهداء الجنوب الأبرار.

الجنوب يحتفل بذكرى التحرير ويتذكر ابناءه الشهداء

يحرص الجنوبيين في ذكرى تحرير العاصمة عدن على الاحتفال واحياء المناسبة التاريخية بالألعاب النارية والتجمعات والمهرجانات كما أن هذه المناسبة فرص لاستذكار الشهداء وقصص استشهادهم،تخليداً لتضحياتهم وتعريفاً للأجيال الجديدة بمن صنعوا فجر الجنوب المشرق.

دفع المئات من ابناء الجنوب حياتهم ثمناً لتحرير بلدهم،كما تعرض الآلاف منهم لإصابات بالغة منهم من أصيبوا بإعاقة مستديمة،ومنهم الكثير ممن فقدوا أطرافهم أو أعينهم أو تعرضوا لتشوهات جسدية.

يحاول المجلس الانتقالي ورغم الإمكانيات المحدودة توفير الرعاية لأسر الشهداء والجرحى وكذلك الرعاية الطبية للجرحى حيث تلقى الكثير من الجرحى العلاج في الخارج على نفقة المجلس الانتقالي الجنوبي وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة.