اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
أعلنت جماعة الحوثي، يوم أمس الثلاثاء، طرح الإصدار الثاني من الورقة النقدية فئة 200 ريال للتداول، ابتداءً من يومنا هذا الأربعاء، مفيدة في بيان للبنك المركزي في صنعاء أن هذه الورقة 'طُبعت وفق أحدث المعايير والممارسات العالمية في مجال طباعة الأوراق النقدية'.
ويوم الأحد، الموافق/13 يوليو، أصدرت الجماعة عملةً معدنيةً نقدية جديدة من فئة 50 ريالاً، ، في ثاني إصدار من نوعه بعد عملة من فئة 100 ريال، التي أصدرتها في آذار/مارس 2024، موضحةً أن هذه الطبعة جاءت بناء على الحاجة إلى استبدال الأوراق النقدية التالفة وتحسين جودة العملة الوطنية.
وجاءت خطوة يوم أمس في وقت يشهد فيه الواقع المصرفي في صنعاء نقل المزيد من البنوك لمراكزها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن، استجابة لطلب البنك المركزي في عدن، وخوفًا من تضررها عقب تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية بشكل كامل من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية.
وبناء على ذلك اتهمت الحكومة الشرعية جماعة الحوثي بتعميق الأزمة الاقتصادية في البلاد، عبر استمرارها في سياسات أحادية، وخطوات كارثية، محذرةً من خطورة هذه الممارسات على استقرار الاقتصاد الوطني ومعيشة المواطنين.
من جانبه وزير الإعلام، معمر الإرياني،. أكد أن هذه الخطوة لن توقف الانهيار المعيشي ولن تنقذ المواطن من الجوع، بل ستعمل على تفاقم الأزمة الإنسانية.
وكان البنك المركزي، المعترف به دوليًا، قد رفض إعلان الحوثيين بشأن سك عملة جديدة، معتبرًا ذلك استمرارًا للحرب الاقتصادية التي تشنها الجماعة على اليمنيين، ونهبًا لمقدرات الدولة لتمويل أنشطتها المشبوهة داخليًا وخارجيًا، دون أي غطاء قانوني أو نقدي.
كما حذر البنك في بيان له المواطنين، والبنوك، وشركاتِ الصرافة، من التعامل مع العملات الحوثية المزورة – سواء الجديدة أو القديمة – مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل انتهاكًا واضحًا لإعلان 23 يوليو 2024 الذي رعته الأمم المتحدة، محملًا الجماعة الحوثية كامل المسؤولية عن العواقب الاقتصادية الكارثية المترتبة على ذلك.
محللون وصحفيون يرون أن هذه الإجرات ستؤدي إلى مزيد من الانقسام المصرفي ومزيد من معاناة المواطنين المعيشية؛ وستعمل على الازدواج المالي والنقدي ، وعرقلة توحيد النظام المصرفي، وتوسيع الفجوة الاقتصادية، وخلق اقتصادٍ موازٍ لا يخضع للدولة، وارتفاع معدلات التضخم في السوق نتيجة توسيع الكتلة النقدية دون غطاء إنتاجي أو نقدي.
تعميقُ الانقسام المالي
بهذا الشأن يقول الصحفي والمحلل السياسي، عبدالواسع الفاتكي: إن' إقدام الحوثيين على إصدار عملة معدنية جديدة وطباعة نقد إضافي ، ويتمثل ذلك في صك عملة معدنية من فئة 50 ريالًا، إلى جانب إصدار نقد ورقي جديد من فئة 200 ريال، خطوة تصعيدية خطيرة وتحدٍ صارخ للنظام المالي الوطني ، وانتهاك مباشر للسيادة النقدية للدولة'.
وأضاف الفاتكي لـ' المهرية نت' لا يمكن تفسير هذه الخطوة على أنها مجرد إجراء إداري داخلي ، بل تُعد تصعيدًا ممنهجا ذا أبعاد سياسية واقتصادية خطيرة، من شأنه أن يعمق الانقسام المالي والنقدي في اليمن، ويقوض أي جهود تبذل لإعادة توحيد السياسة النقدية بين مناطق الحكومة الشرعية ومناطق سيطرة الحوثيين'.
وأردف' يعد هذا الإجراء نسفًا للتفاهمات التي حاول المبعوث الأممي إلى اليمن بلورتها، لا سيما في بيانه الصادر في 23 يوليو 2024 م، والذي جاء عقب تراجع البنك المركزي اليمني عن قرارات سابقة تتعلق بحظر التعامل بالعملة القديمة وفرض عقوبات على بعض البنوك التي رفضت نقل مقراتها إلى مناطق الشرعية، وقد مثّلت تلك الخطوة حينها مبادرة لبناء الثقة ، غير أن جماعة الحوثي ، بإصدارها النقدي الجديد ، تجهض تلك المبادرات وتغلق الباب أمام أي تفاهمات مستقبلية'.
وأشار إلى أن' الإجراءات المالية الحوثية الجديدة ستؤدي إلى تعزيز الازدواج المالي والنقدي ، وعرقلة توحيد النظام المصرفي ، وتوسيع الفجوة الاقتصادية، وخلق اقتصاد مواز لا يخضع للدولة، وارتفاع معدلات التضخم في السوق نتيجة توسيع الكتلة النقدية دون غطاء إنتاجي أو نقدي، وانتعاش السوق السوداء وتوسّع ما يُعرف باقتصاد الظب، مع كل ما يترتب على ذلك من فساد وانفلات مالي'.
وأكد' ستتحمّل الفئات الأشد فقرًا عبء هذه السياسات؛ إذ ستؤدي الخطوة الحوثية إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين بشكل كبير، وصعوبة في التنقل المالي والتجاري بين المناطق الخاضعة للحوثيين وتلك التابعة للحكومة الشرعية ، وفرص عزلة اقتصادية متزايدة على سكان مناطق الحوثيين؛ نتيجة رفض العملة الجديدة في الأسواق والمناطق الأخرى، وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وزيادة نسب الفقر والجوع ، وزعزعة الثقة في الريال اليمني، وبالتالي خلق بيئة مالية غير مستقرة ومعطلة للتنمية والاستثمار'.
ولفت إلى أن' هذه الخطوة تأتي في سياق محاولة حوثية لترسيخ سياسة الأمر الواقع الاقتصادي، على غرار السيطرة العسكرية، بما يشير إلى سعي حثيث نحو تكريس انفصال اقتصادي فعلي عن الدولة اليمنية، في تحدٍ خطير لمفهوم الدولة الموحدة، في سياق فرض نظام نقدي خاص بالجماعة، يخدم مصالحها ويمنحها السيطرة الكاملة على الكتلة النقدية في مناطقها'.
وواصل' هذه الإجراءات هي محاولة بما تفضي إلى إرباك عمل الحكومة الشرعية وتعطيل أدواتها النقدية في سعيها لضبط الاقتصاد الوطني، حيث تعمل جماعة الحوثي على فرض سلطتها ككيان مستقل اقتصادياً وسياسيا ، بغض النظر عن الأضرار الكارثية التي تلحق بالمواطنين في مناطق سيطرتها'.
حربٌ صامتة يدفع ثمنها المواطن
في السياق يقول الصحفي والناشط السياسي وليد الجبزي إن' هذا الإجراء يعد خطوةً تصعيدية خطيرة تؤكد على المضي في تكريس الانقسام النقدي والاقتصادي داخل الوطن الواحد، في تحدٍّ صارخ للاتفاقات الموقعة؛ بل إنه يفتقر لأبسط القواعد الاقتصادية المعترف بها دولياً'.
وبحسب الجبزي فإن' هذه التطورات تمثل انقلابًا ماليًا حقيقيًا على اتفاق 24 يوليو 2024م، الموقع برعاية أممية، والذي قضى حينها بتجميد الإجراءات النقدية أحادية الجانب، خصوصًا طباعة أو سكّ عملات جديدة، لما لذلك من تداعيات كارثية على الاقتصاد اليمني المنهك أصلًا، وعلى حياة المواطن الذي بات لا يملك من أمره شيئًا سوى انتظار المجهول'.
ومضى قائلا ' هذه الخطوة الحوثية لا تعدو كونها محاولة بائسة لفرض أمر واقع نقدي، وتعزيز فصل الاقتصاد بين الشمال والجنوب، وهو ما يُسهم بشكل مباشر في تآكل الثقة بالعملة الوطنية، ويدفع نحو ازدواج اقتصادي يشبه في آثاره الحرب الصامتة التي يكتوي بها المواطن كل يوم'.
وأردف' المؤلم أن هذه العملات الجديدة تُفرض قسريًا على المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين، في وقت يعتبرها البنك المركزي اليمني في عدن، وهو الجهة الرسمية المعترف بها دوليًا، بأنها عملات غير قانونية ومزوّرة، لا تستند لأي غطاء نقدي أو قانوني، مما يضع المواطنين بين مطرقة الجوع وسندان العملة الفاقدة للشرعية'.
وتابع' في المقابل، يعيش المواطن في مناطق الحكومة الشرعية على وقع مأساة اقتصادية أخرى؛ إذ يشهد الريال اليمني انهيارًا مستمرًا أمام العملات الأجنبية، يرافقه ارتفاع جنوني للأسعار، وشلل في المرتبات، وانهيار في الخدمات، مما يجعل الواقع المعيشي في عموم البلاد كابوساً لا يرحم، ويفتح الباب واسعًا أمام مجاعة محتملة تهدد الملايين'.
ولفت إلى أن' الحكومة الشرعية عبّرت عن قلقها من هذه الإجراءات واعتبرتها نسفاً لما تبقى من التفاهمات، مؤكدة أن الهدف منها هو إفشال جهود البنك المركزي اليمني لعزل الحوثيين اقتصاديًا، وإعادة توحيد السياسة النقدية، غير أن تلك التصريحات تبقى دون فاعلية حقيقية في ظل غياب الحسم السياسي والاقتصادي اللازم'.
ووضح' لقد تحوّلت العملة في اليمن من أداة نقدية موحّدة، إلى سلاح اقتصادي بيد أطراف الصراع، تُستخدم لترسيخ الانقسام وفرض السيطرة، في وقت أصبح فيه المواطن وحده من يدفع الثمن الباهظ، بين مطرقة الانهيار الاقتصادي في الجنوب، وسندان العبث النقدي في الشمال'.
وشدد الجبزي على ضرورة تحرك الأطراف الدولية بجدّية، من أجل فرض حل اقتصادي عادل يُنهي فوضى النقد ويعيد للريال اعتباره، فإن القادم لا يبشّر إلا بالمزيد من الانهيار، والمزيد من الجوع، والمزيد من الفوضى التي لا تُبقي ولا تذر'.
المتضرر هو الشعب وحده
بدوره يقول الصحفي عميد المهيوبي إن' طباعة عملة جديد تفتقد لأبسط القواعد الاقتصادية المعترف بها دوليًا يؤكد العبث الذي تقوم به جماعة الحوثي ويؤكد صمت المجتمع الدولي عن هذه الأفعال التي من شأنها أن تزيد من معاناة المواطن المعيشية التي يعاني منها باستمرار'.
وأضاف المهيوبي لـ' المهرية نت' العملة الممزقة ليست مبررا كافيًا للقيام بإجراءات كهذه، فهذه الإجرات في الحقيقة لا تصب في مصلحة المواطن على الإطلاق بقدر ما ستزيد من عنائه عندما تذهب القيمة لهذه العملة التي كانت لها قيمة أفضل بكثير من العملة المحلية الجديدة المتداولة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي انهارت مؤخرًا لأدنى مستوى لها'.
وتابع' جماعة الحوثي أقدمت على عمل هذا وهي تدرك أنها ستربح من وراء هذا العمل، حتى وإن تعب الشعب فقاداته سينعمون بخير وفير، والأيام القادمة كفيلة بإثبات ذلك'.
وواصل' طباعة العملات أو انهيارها لن يؤثر إلا على الشعب المغلوب على أمره الذي بات يتضور جوعًا ويعيش في مجاعة محققة أما المسؤولون سواء في مناطق سيطرة الحوثيين أو مناطق سيطرة الحكومة الشرعية فهم يعيشون بخير وفير ويمتلكون المال الكثير الذي يجعلهم ينسون شعبهم وما يعاني'.