اخبار اليمن
موقع كل يوم -الأمناء نت
نشر بتاريخ: ٢٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
كتب /غازي العلوي :
في مدن الجنوب، وتحديدًا في العاصمة عدن، لم يعد الليل يختلف كثيرًا عن النهار، فكلاهما غارق في العتمة والضيق والوجع.
التيار الكهربائي، الذي يُفترض أن يكون عصب الحياة، غاب عن بيوت الناس لأكثر من عشرين ساعة يوميًا، تاركًا خلفه أجسادًا أنهكها الحر، وأرواحًا تختنق من ضيق العيش، وأطفالًا لا يجدون حتى مروحة تبرد أنفاسهم المرهقة.
في الأحياء الشعبية، يمكنك أن ترى مشهدًا مؤلمًا متكررًا كل ليلة: أسر تفترش الأرض أمام منازلها بحثًا عن نسمة هواء، كبار سن يلهثون من شدة الحر، وأمهات يروين لأطفالهن قصص الصبر بدلًا من قصص النوم.
المدينة كلها تغلي، ليس بحرارة الصيف وحده، بل بحرارة الغضب واليأس.
المرتبات منقطعة منذ أشهر، والناس يطحنهم الغلاء، وحين يطالبون بأبسط حقوقهم يسمعون ذات الأسطوانة القديمة:
الأزمة مؤقتة.. الحل قريب.. الحكومة تعمل ليل نهار...'
لكن لا الليل أطفأ ظلامهم، ولا النهار أضاء بيوتهم.
إنها ليست أزمة كهرباء فقط، بل أزمة كرامة وإنسان.
كيف يُعقل أن يعيش المواطن بلا كهرباء، بلا ماء، بلا راتب، ثم يُطلب منه الصبر؟
الكهرباء ليست رفاهية، بل حياة؛ وغيابها يعني موتًا بطيئًا للمسنين والمرضى والطلاب الذين يدرسون على ضوء الشموع، بينما يتحدث المسؤولون عن “تحسين المنظومة” من غرفٍ مكيفة.
ورغم هذا السواد، يظل هناك بصيص ضوء في الجهود التي يبذلها وزير الدولة محافظ العاصمة عدن، الأستاذ أحمد حامد لملس، الذي يعمل بإخلاص وسط ظروف بالغة التعقيد.
فقد ظلّ لملس، منذ توليه قيادة العاصمة، يطرق أبواب الجهات المعنية داخليًا وخارجيًا لتأمين الوقود لمحطات الكهرباء، ويطلق المبادرات للتخفيف من معاناة المواطنين، ويسابق الزمن للبحث عن حلول واقعية رغم محدودية الإمكانيات وغياب الدعم الكافي من الحكومة المركزية.
جهوده الميدانية ومتابعته اليومية لحالة الخدمات تمثل شعاع أمل في ظلامٍ يلف المدينة، ورسالة بأنّ هناك من لا يزال يشعر بمعاناة الناس ويحاول ما يستطيع للتخفيف منها.
ومع ذلك، تبقى الجهود الفردية مهما كانت صادقة، عاجزة عن مواجهة مأساة بحجم ما تعانيه عدن.
فالمسؤولية تقع أولًا وأخيرًا على الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، اللذين لا يكفيهما الصمت ولا الوعود الفضفاضة.
الناس لا يريدون بيانات ولا تصريحات، بل كهرباء تضيء بيوتهم، وراتبًا يسد رمق أطفالهم، وحياة تليق بإنسانيتهم.
يا حكومة الوعود ويا مجلس الصمت، كم يحتاج المواطن من العذاب حتى تصغوا إليه؟
لقد أرهقهم الانتظار حتى فقدوا الثقة بكل تصريح، وصاروا يقولون بمرارة:
“لن نصدق إلا حين نرى الضوء في بيوتنا، لا في كلماتكم.”
في النهاية، ما يحدث في عدن ومحافظات الجنوب ليس مجرد خلل فني في محطة كهرباء، بل خلل في ضميرٍ إنساني يجب أن يستيقظ.
وحين يُطفأ النور في بيوت الناس، تنطفئ معه الثقة في الدولة والقيادة، ويبقى الأمل معقودًا على من يعمل بصمت وإخلاص كالأستاذ أحمد حامد لملس، الذي اختار أن يكون بين الناس، لا فوقهم.













































