نصوب مواقف المقاومة لأننا جزءا منها

أبو بيروت:

ردًّا على المحترمين من بعض المحللين السياسيين اللبنانيين المقرّبين من المقاومة، والذين يتساءلون باستخفاف: من أنتم حتى تنتقدوا المقاومة؟

نحن الذين سُمِّي باب في القدس باسمنا (باب المغاربة) يوم لبّينا نداء صلاح الدين لتحرير القدس، ونحن الذين هببنا مشيًا على الأقدام لنصرة فلسطين سنة 1948 يوم اغتصبها الكيان الصهيوني، ونحن من سقطنا جرحى في موقعة 5 أوت 1955 ضد الاستعمار الفرنسي في صفاقس، وانخرطنا في صفوف الثورة الجزائرية (ولُقّب الوالد بالهوّاري)، ونحن من خضنا معركة الجلاء في بنزرت أكتوبر 1963، وتربّينا على خطابات القائد الخالد جمال عبد الناصر، ودوريات ومجلات العاصفة الفلسطينية، وبكينا قهرًا في نكسة 1967، ونحن من ركب أول طائرة شراعية هاجمت الكيان الغاصب (الشهيد ميلود نومة)، وشدّدنا الصفوف أمام قنصلية ليبيا للتطوع في حرب 1973، ونزلنا إلى الشوارع في ظل الديكتاتورية العميلة رفضًا لزيارة المقبور السادات لـ'إسرائيل'.

ونحن من قطعنا دراستنا والتحقنا بتنظيم المرابطون دفاعًا عن الثورة الفلسطينية وعلى لبنان، وأسمينا لاحقًا ابنتنا 'بيروت' عملًا بتوصية النساء الفلسطينيات واللبنانيات إثر مجزرة القرن في صبرا وشاتيلا. ونحن من قطع المسافات برًّا في 1991 لعراق العروبة، وعراق الشهيد صدام حسين، لتقديم ما تيسّر من التبرعات التي جمعها أهلنا لإخوتهم هناك، وشربنا من نهري دجلة والفرات (وأطلقنا اسم 'فرات' على ابننا). ونحن من سيّر 'المؤتمر الطائر' بين طرابلس وبنغازي في 1993 لكسر الحصار الجوي على ليبيا، ونحن من بشّر بالثورة في تونس منذ التسعينات (أسمينا ابنتنا 'ثورة')، ونحن من هتفنا لصمود مخيم جنين المعجزة في وجه آلة البطش الصهيوني (رُزقنا ببنت يومها فسُمّيت 'جنين')، واسألوا عن هذه الأسماء الآن إن كنتم جاهلين.

ونحن من حاصر سفارة أمريكا باعتبارها الشيطان الأكبر أثناء العدوان الصهيو-أمريكي على المقاومة في 2006، ونحن من ألقى حجرًا على الجنود الصهاينة الواقفين أمام 'بوابة فاطمة'، ونحن من وقف إلى جانب عمال الحوض المنجمي في تونس وأوصلنا صوتهم للعالم الخارجي رغم بطش بوليس بن علي بنا، ونحن من حوّل فعلاً فرديًا عند احتراق البوعزيزي إلى حالة ثورية غيّرت مجرى التاريخ، وزفّ أول شهيد من تنظيمنا الناصري الذي فجّر الثورة وتصدّى لمن ركبوا عليها من الإخوانجية وأعوان الاستعمار الذين حرّفوا مسارها، ونحن من أطلق شعار 'الشعب يريد' الذي صار شعارًا عالميًّا رُدّد حتى في شوارع نيويورك.

ونحن من تصدّى للمؤامرة الكبرى التي حِيكت ضد ليبيا وسوريا، ونحن من ساهم في إسقاط نظام مرسي صديق بيريز عبر شبابنا في حركة تمرد، ونحن من رفع العلم التونسي فوق جرود عرسال إلى جانب حزب الله الذي تربطنا به علاقات مميزة على جميع الصعد، ونحن من دقّ أول مسمار في نعش داعش الإرهابي أثناء ملحمة بن ڨردان البطولية يوم 7 مارس 2016، يوم التحم الشعب مع قواته العسكرية والأمنية لمنع إقامة إمارة داعشية، ونحن من ساند إعلاميًا ثورة البحرين وثورة اليمن، ونحن من وُضعنا على القوائم السوداء للمملكة السلمانية، ونحن من قدّم شهيدي الحرية والكرامة شكري بلعيد والحاج الإبراهمي، ونحن من أصدر أول بيان تنديد بـ'عاصفة الحزم' تحت اسم الشباب القومي العربي، ونحن من راهن على حركة أنصار الله ورأى فيها رافعة للثورة العربية، ونحن من دفع بشبابه 'شباب الثورة مستمرة' يوم 25 جويلية 2023 في تونس لتقويم المسار واستكمال أهداف الثورة والدفع بسلطة ترى بوجوب تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، ونحن من دُعينا إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية للاطلاع على نهضتها العلمية والفكرية واتفقنا معها، وانتقدناها مباشرة وعاتبناها عتاب الأخ لأخيه، وبكينا حرقة شهيد الأمة ونبيها سماحة السيّد، وحملنا لواء المقاومة الفكرية والسياسية والثقافية التي لا تقلّ أهمية عن المقاومة المسلحة.

ونحن من وقف ولا يزال في خندق محور المقاومة قولًا وفعلًا، وتحقّق ما استشرفناه (بفضل الله) منذ سنوات، لأن بوصلتنا فلسطين.

ولكل ما ذكرناه وما تقدّم، ولمن يريد أن يتحقّق، فمن حقّنا أن نساهم بآرائنا وفكرنا في معركة الوجود، وننقد أداء المقاومة ونصوّب مواقفها، لأننا جزء منها لا تنظيميًا ولكن فكريًا وسياسيًا، مع إجلالنا وتقديرنا وتذلّلنا للمجاهدين في الميدان، أما الساسة فليسوا فوق المساءلة.

كاتب من تونس