اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٨ تموز ٢٠٢٥
أسَرَت قوالب جبنة يصنعها السجناء في بلغاريا قلوب الذواقة، وبات هؤلاء يقبلون بحماسة على شراء منتجات الألبان الآتية من وراء القضبان.
في سموليان، قرب حدود بلغاريا مع اليونان، وسط جبال رودوبي التي يلفّها الضباب، يُقلّب غيورغي فيليانوف بمهارة 500 لتر من الماء النقي في حوض كبير، مغطيا شعره بشبكة بيضاء.
ويرى الشاب الثلاثيني المحكوم عليه بالسجن لمدة عامين ونصف عام بتهمة الاتجار بالمخدرات أن 'هذا العمل الشيّق، غير الشديد الصعوبة وغير الكثير السهولة'، يساهم في جعل فترة المحكومية تمرّ بسرعة.
وإضافة إلى تخفيض عقوبته ستة أشهر، يحصل غيورغي على أجر شهري قدره مئات اليورو، ما يسهّل انخراطه مجددا في المجتمع.
ولم يعد مصنع 'غيرزوفيتسا' الكائن في مبنى من أربع طبقات، قادرا على تلبية طلب جميع زبائنه نظرا إلى الشهرة التي اكتسبها والتنامي الكبير للإقبال على شراء منتجاته.
- 'لا مواد حافظة ولا إضافات' -
وثمة نحو مئة سجين يقبعون وراء القضبان لأسباب تتعلق بجنايات وجنح مختلفة، من القيادة تحت تأثير الكحول إلى السرقة والقتل، ينفّذون جزءا من محكومياتهم وفق نظام العقوبات البديلة.
ويُعدّ المجتمع مسنّا في بلغاريا التي شهدت هجرة الملايين من مواطنيها بعد سقوط الشيوعية. وبالتالي لا مشكلة اكتظاظ، ويبلغ عدد السجناء 86 لكل مئة ألف نسمة، وهو معدل أقل بكثير من فرنسا (111)، وفقا لإحصاءات 'يوروستات'.
لكنّ ظروف الاحتجاز كانت عرضة في الماضي لانتقادات متكررة من مجلس أوروبا بسبب تهالك الزنازين، ونقص الموظفين المزمن، وقلة الأنشطة.
وسط هذا مشهد السجون الكئيب هذا الذي يشهد تحسّنا تدريجيا، يتميز سجن سموليان.
وكان وراء فكرة إنشاء معمل ألبان وأجبان المدير السابق لهذا السجن الواقع في وادٍ أخضر على طول طريق متعرج، داخل أسوار منجم يورانيوم سابق توقف العمل فيه عام 1989.
ويشرح خريستو سولاكوف قائلا 'في البداية، كنا نربي الماشية للحليب فقط، لكننا كنا نبيع بخسارة'.
وارتأى المدير استكمال الحلقة الإنتاجية، بتحويل الحليب، أي المادة الخام، إلى منتجات مصنّعة، فقرر خوض هذا الرهان الذي فاق نجاحه كل التوقعات.
ويتفاخر هذا المسؤول النشيط البالغ 62 عاما بأن كل منتجات المصنع، سواء أكان الحليب الرائب، أو جبنة الفيتا والزبادي البلغاريين، 'خالية من المواد الحافظة والمواد المضافة، وفقا للمعايير الرسمية'، وهذا يُبرر أيضا ارتفاع سعرها مقارنةً بالمنتجات المنافسة.
- خطط توسع -
ويخصص نصف الإنتاج لاستهلاك نزلاء السجون البلغارية، لكنّ القسم المتبقي يُصرّف بسهولة في عدد قليل من نقاط البيع المختارة.
وهذا ما يجعل العاملين في هذا المشروع يرغبون بالاستمرار فيه بعد إطلاق سراحهم.
ويوضح إيفان باتازوف أن لديه مشروعا مع عائلته، مشيرا إلى أنه سيفيد من المهارات والمسؤوليات التي اكتسبها. ويقطع السجين البالغ 31 عاما الجبن المُعتّق بعناية، ويزنه، ويوضبه في أكياس مفرغة من الهواء، يضع عليها ملصقات.
ويشرح سولاكوف بفخر أنه لن يكون أول من يسلك هذا السبيل. بعد ثلاث سنوات أمضاها هنا، افتتح سجين سابق مشروعه الخاص، وهو الآن يُدير ثمانية موظفين.
وفيما يرعى قطيع من نحو مئة معزاة بيضاء العشب تحت أنظار سجين آخر، يقول خريستو سولاكوف، في إشارة إلى مقاتلي المقاومة في الحرب العالمية الثانية الذين كانو ينهبون الفلاحين المساكين للتمكن من تأمين غذائهم والصمود في وجه النازيين وحلفائهم البلغار: 'في الماضي، كنا ننهب معمل الألبان. الآن نُنشئه في السجن'.