اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٢ تموز ٢٠٢٥
تحولت ولاية ديار بكر جنوبي تركيا إلى وجهة جديدة مفضلة للسياح المحليين والأجانب، بفضل ما تزخر به من ثروات طبيعية ومعالم تاريخية فريدة، وخاصة المنطقة الواقعة على امتداد طريق الملوك حتى قلعة 'زرزوان' التاريخية.
وفي إطار عروض الترويج السياحي التي تنظمها وزارة الثقافة والسياحة التركية بهدف تعزيز تنوع الوجهات الداخلية، وثّق مراسلو الأناضول أبرز المواقع السياحية في ديار بكر.
وبدأت ديار بكر التي تملك طبيعة خلابة ومواقع تاريخية فريدة على امتداد طريق الملوك حتى قلعة 'زرزوان' التاريخية، تستحوذ على موقع رئيسي ضمن خريطة السياحة الداخلية والخارجية.
وتتصدر أسوار ديار بكر القديمة المدرجة في قائمة التراث العالمي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة 'يونسكو'، الواجهة التاريخية للمدينة، إذ يبلغ طولها نحو 5.5 كيلومترات، وتُعد من أهم المعالم التي تحيط بالمدينة القديمة.
ومن بين الأبراج البارزة في هذه الأسوار، يلفت برج 'كجي' (الماعز) الأنظار بإطلالته البانورامية وبنيته التاريخية، لذلك تحول خلال السنوات الأخيرة إلى معقل للعديد من الفعاليات الثقافية والفنية.
ويحتضن القسم الداخلي من أسوار المدينة القلعة الداخلية، إحدى أقدم مناطق الاستيطان في ديار بكر، وتضم العديد من المباني التاريخية والمتاحف التي تنتظر زوارها.
أما جسر 'أون كوزلو كوبرو' (العيون العشر) الذي يربط ضفتي نهر دجلة ويُعد من رموز المدينة، فبُني عام 1065، ويتميز ببنيته المكونة من عشرة أقواس.
ومن أبرز المعالم الدينية في المدينة، الجامع الكبير (أولو جامع)، الذي تحول إلى مسجد عام 639 ميلادية بعد أن كان كنيسة تعرف باسم 'مار توما'. ويعتبر هذا المعلم أحد أقدم المساجد في الأناضول، ويُعرف في العالم الإسلامي بكونه 'الحرم الشريف الخامس'.
كما تجذب مئذنة الأرجل الأربعة بجامع الشيخ مطر، الزوار ببنيتها المعمارية الفريدة التي تستند إلى أربعة أعمدة حجرية.
قلعة أغيل
وتقع قلعة 'أغيل، ذات التاريخ الممتد إلى الحقبة الآشورية، على نقطة استراتيجية تُشرف على نهر دجلة، وتتمتع بتاريخ عريق يمتد لـ3 آلاف عام.
وتضم القلعة أنفاقًا محفورة في الصخور، وخزانات مياه وغرف دفن، وتشكّل مشهدًا طبيعيًا متكاملاً مع بحيرة السد المحاذية لها.
تل تشاي أونو.. علامة فارقة
ويُعد تل 'تشاي أونو' من أبرز مواقع الاستيطان البشري في العصر الحجري الحديث، وتظهر فيه أولى بوادر الانتقال إلى حياة الزراعة وتربية الحيوانات، كما يحوي نماذج من أول أشكال القرى المنظمة والمساكن المعمارية الأولى.
وفي الموقع المذكور، تم العثور على دلائل تُعد من أوائل أمثلة الصناعة المعدنية في العالم، ما يضع التل في مصاف أبرز المواقع الأثرية في التاريخ الإنساني.
وفي حديثه للأناضول، قال ساواش صاري آلطن، عضو هيئة التدريس في قسم المتاحف بجامعة 'جناق قلعة 18 مارس' التركية، إنه بدأ المشاركة في أنشطة التنقيب الأثري في الموقع قبل 25 عاما حين كان طالبا.
وأضاف: 'تل تشاي أونو موقع أثري يجري التنقيب فيه منذ عام 1964. هذا العام تمر الذكرى 61 لبدء أعمال التنقيب الأولى في الموقع، الذي شهد حتى الآن 34 موسما من أعمال الحفر والتنقيب، وتمكن الآثاريون فيه من إماطة اللثام عمّا نسبته 15 ـ 17 بالمئة من بنيته الأثرية.
وتابع: 'يضم فريقنا حاليا 39 باحثا من نحو 8 جامعات، بالإضافة إلى 40 عاملًا ميدانيا. العام الماضي أجرينا أعمال تنقيب في قطعة أرض بمساحة ألف متر مربع خلال 3.5 أشهر، فيما نتطلع هذا العام إلى التنقيب في 4 آلاف متر مربع ضمن الموقع'.
وأردف صاري آلطن: 'نسعى في الواقع للتنقيب في الموقع بأكمله كما نتطلع لتنقيب ما نسبته 25 بالمئة من مساحة الموقع خلال السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة'.
وزاد أن موقع تل تشاي أونو يُعد علامة فارقة في علم الآثار العالمي، لكونه يعتبر مستوطنة مفتاحية تظهر مراحل انتقال الإنسان إلى حياة الاستقرار والزراعة.
ولفت الأكاديمي التركي إلى أن الموقع يُشكّل تراثا ثقافيا متكاملاً يمتد من أولى مراحل الاستقرار إلى الحقبة العثمانية.
قلعة زرزوان ومعبد 'ميثرس'
تعتبر قلعة 'زرزوان' التي تعود إلى العهد الروماني، موقعا عسكريا تاريخيا في قضاء 'جينار' بديار بكر.
وتضم القلعة معبدا سريا نادرا يُعرف باسم 'معبد ميثرس'، ويعتبر أحد أبرز النماذج النادرة المتبقية عن الديانة الميثرائية (طائفة باطنية منقرضة) التي انتشرت في عهد الإمبراطورية الرومانية.
وقال رئيس فريق التنقيب في القلعة البروفيسور آيطاش جوشقن، إن القلعة كانت بمثابة حامية حدودية، واستخدمها الآشوريون ثم الجيش الإسلامي بعد الفتح عام 639 ميلادية للمراقبة والسيطرة على الحدود.
وأوضح للأناضول: 'في فترات القوة الكبرى للإمبراطورية الرومانية، أُعيد بناء القلعة وتوسيعها وتحصين دفاعاتها. وكان فيها فيلق روماني خاص. أهم ما يميز القلعة وجود معبد ميثرس داخلها'.
وأضاف جوشقن أن أعمال التنقيب بدأت عام 2014، فيما جرى اكتشاف معبد 'ميثرس' عام 2017.
وأشار إلى أن القلعة تستقبل زوارا من أنحاء العالم، وتابع: 'هذا المعبد يُعد الأبعد شرقا ضمن حدود الإمبراطورية الرومانية. وقد أُدرجت القلعة والمعبد عام 2020 على القائمة المؤقتة للتراث العالمي لدى اليونسكو'.
طريق الملوك
وشهدت ديار بكر إطلاق 'مشروع مسارات المشي على طريق الملوك' بمبادرة من الولاية، وبالتعاون مع وكالة محلية للتنمية تعرف باسم 'قره جه داغ'، وإدارة تنمية منطقة جنوب شرق الأناضول، ووكالة الترويج والتطوير السياحي التركية، إلى جانب شركاء محليين في قطاع السياحة.
ويهدف المشروع إلى تسليط الضوء على مسار طريق الملوك في ديار بكر، الذي ترك بصماته على أرض بلاد الرافدين، وتحويله إلى مسار سياحي يدعم رياضات وأنشطة المشي في الطبيعة.
وبُني الطريق في القرن السابع قبل الميلاد بأمر من الملك الليدي 'جيغس'، ويمتد من أفسس غربي تركيا، إلى نينوى شمالي العراق، بطول نحو 2500 كيلومتر، واستُخدم على مر العصور لأغراض التجارة والهجرة والعبادة والاستكشاف والحروب.
متحف مدينة ديار بكر
ويضم قصر جميل باشا الذي يعكس التنوع الثقافي للمدينة، متحف مدينة ديار بكر، الذي يعرّف الزوار بالتراث المعماري والتقاليد الأصيلة والحرف والحياة الاجتماعية في المدينة.
كما تحتضن منطقة 'سور' التاريخية، وسط المدينة القديمة، عددا من الخانات العثمانية التي تقدم خدمات المقاهي والمطاعم، مثل خان حسن باشا وخان سولوكلو.