اخبار اليمن
موقع كل يوم -الميادين
نشر بتاريخ: ٢٩ أذار ٢٠٢٤
10 سنوات على العدوان.. كيف أثّرت الحرب على العادات الرمضانية في اليمن؟
بعد 10 سنوات من عدوان التحالف، تغير شكل العادات الرمضاية في اليمن، من جراء الحصار وتأثيره المباشر على الوضع الاقتصادي في البلاد، بالإضافة إلى انعدام الأمن.
اعتاد ناصر القفري على قضاء شهر رمضان في قريته بمحافظة إب وسط اليمن، حيث يجتمع في منزل والده مع إخوته وأسرهم الذين يعيشون في محافظات مختلفة.
لكن الأمر تغير اليوم. إنها المرة الأولى التي لم يستطع القفري قضاء شهر رمضان في قريته منذ 26 عام، مع أهله وعائلته.
يشتاق القفري للأجواء الروحانية في مزارعهم الواسعة، لكنه وإخوته لم يعودوا قادرين على السفر نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وعدم قدرتهم على توفير تكاليف السفر والإقامة هناك.
ويقول للميادين نت: 'العدوان السعودي الإماراتي والآن العدوان الأميركي البريطاني والحصار المفروض على البلاد انعكست سلباً على مستوى الدخل، وبالتالي أصبح معظم الناس بالكاد يوفرون لقمة العيش الضرورية'.
تبدو الصورة واضحة أيضاً على المناطق والمتنزهات الطبيعية في ضواحي صنعاء، والتي كانت مزاراً لأهالي العاصمة يقصدونها لقضاء ساعات العصر حتى قبيل المغرب.
ومن هذه الأماكن موقع دار الحجر الأثري ووادي ظهر. لقد كان المئات من الناس يذهبون إلى هناك يومياً ويصطحبون أطفالهم ونساءهم، ويمارسون هواية القنص أو ما يسمى باللغة الدارجة 'النصاع'، حيث يضعون علبة مياه فارغة في ظهر الجبل ويبدأون بإطلاق النار عليها لاختبار مهاراتهم في القنص والتصويب الجيد.
لكن المشهد تغير اليوم، ثمة بضعة أشخاص فقط يتجولون في السفح الذي يطل على الوادي، لم يكن هناك أطفال ولا نساء، وعندما سأل أحد أهالي المنطقة عن مستوى إقبال الزوار، أجاب: 'تراجع إقبال الناس على زيارة الوادي وممارسة التنصاع منذ بداية العدوان السعودي الإماراتي على اليمن، لكن هذا العام هو الأسوأ'، إذ لا يتجاوز عدد الزوار أحياناً خمسة أشخاص، وغالباً يكونون من فئة الشباب، وفق قوله.
كثيرة هي العادات الرمضانية التي ظلّ الأهالي يمارسونها على مدى قرون من الزمن، على الرغم من تغير الظروف واختلاف نمط العيش بين فترة وأخرى، غير أن سنوات من الحصار والعدوان السعودي الإماراتي والأميركي البريطاني تسبب في عدم قدرة الأهالي على ممارستها أو اختصار بعضها.
صلة قربى
الأمر لا ينحصر على السفر لقضاء شهر رمضان في الأرياف، فحتى العائلات التي تقضي الشهر في صنعاء، لم تعد قادرة على ممارسة الكثير من العادات الرمضانية، ومن أهم هذه العادات اجتماع العوائل في بيت كبير الأسرة لتناول وجبة الفطور.
يقول الستيني سالم عُبيد: 'أشعر بالحرج من خواتي وإخوتي، فأنا لم أعد قادراً على استضافتهم لتناول وجبة الإفطار كما يحدث كل عام'، لقد اعتاد عُبيد وهو الأخ الأكبر لثلاثة إخوة وأختين جميعهم متزوجين، أن يستضيفهم وأسرهم في منزله مرتين أو ثلاث مرات خلال شهر رمضان.
ويضيف في حديثه لـلميادين نت: 'لقد كنا نجتمع في منزل الوالد، ومنذ وفاته قبل ما يقارب 17 عاماً تجتمع الأسرة كاملة في منزلي باعتباري الأخ الأكبر، وهذا هو رمضان الأول الذي لم أستطع توجيه الدعوة لهم'.
موائد مفتوحة
ومثلما ساهم العدوان في تراجع واختفاء بعض العادات الرمضانية، فقد مثل حافزاً عند الأهالي للقيام ببعض السلوكيات الإيجابية التي تساهم في التكافل بينهم ومساعدة المحتاجين.
ومن هذه العادات إحضار الإفطار إلى ساحات المساجد وصنع موائد كبيرة ومفتوحة تمكن المحتاجين من الحصول على وجبة إفطار متكاملة.
يقول الشيخ عبد السلام الوجيه من أهالي مدينة يريم وسط اليمن: 'في السابق كان الغالبية يحضر التمر والقهوة إلى الجامع للإفطار، وأحياناً الشفوت (وهي وجبة تتكون من الخبز اللين واللبن) لكن الوضع تغير اليوم'.
وبحسب حديث الوجيه لـلميادين نت، 'عندما أدرك الأهالي بأن الكثير من الناس قد لا يجدون ما يكفيهم في بيوتهم، أصبح المقتدرون يحضرون إلى المساجد ومعهم جميع الوجبات التي اعتادوا على تناولها في رمضان في منازلهم مثل السلتة، بنت الصحن، والفحسة، وهذه وجبات شعبية مشهورة في اليمن'.
تقديم هذه الوجبات في سُفر المساجد عند الإفطار وبكميات جيدة، يوفر للكثيرين وجبة متكاملة، وفقاً للوجيه، الذي أضاف: 'كميات الأكل الذي يحضره الناس معهم إلى المساجد سمحت للمحتاجين باصطحاب كميات منه إلى منازلهم لإطعام أسرهم'.
انعكاس واقع غزة على اليمنيين
'لا نستطيع تقديم المساعدات الغذائية لسكان غزة الجوعى والمحاصرين، لكننا نستطيع أن نفعل ذلك مع المحتاجين في اليمن'، هكذا تحدث عبد الرحمن الشامي من أبناء منطقة الجراف الغربي شمال العاصمة صنعاء.
وقال الشامي لـلميادين نت إنّ 'الصور والمشاهد التي تنقل لنا واقع إخواننا الغزاويين المحاصرين في القطاع وما يعيشونه من مجاعة حقيقية بسبب العدوان والحصار الإسرائيلي، شحذ هممنا ولفت نظرنا إلى الكثير من الأسر اليمنية التي نال منها العدوان والحصار المفروض علينا منذ عام 2015 حتى الآن'.
ويتابع اليمنيون أدق التفاصيل التي يعيشها إخوانهم في غزة بحزن شديد، مستشعرين المسؤولية تجاههم وتجاه الكثير من أبناء اليمن ممن تسبب العدوان السعودي الإماراتي والأميركي البريطاني بوضعهم في مربع الحاجة لأبسط مقومات الحياة.
