اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١١ أب ٢٠٢٥
طوكيو- في اليابان، قلة من النساء يجرؤن على الإبلاغ عن تعرّضهنّ للاغتصاب، خصوصا عندما يكون المعتدي مسؤولا في العمل... وأحد أعلى المدعين العامين رتبةً في البلاد. لكنّ 'هيكاري' (اسم مستعار) تحلّت بالشجاعة للقيام بذلك، رغم الكلفة الباهظة على حياتها الشخصية والمهنية.
وقد وافقت هذه المدعية العامة، وهي في إجازة مرضية طويلة حاليا، على مشاركة قصتها في مقابلة مع وكالة فرانس برس شرط عدم الكشف عن هويتها الحقيقية.
تقول 'توقفت حياتي منذ الاعتداء (...) في أحد الأيام، بكى زوجي بصوت لم أسمعه من قبل، كان يطرق الحائط بقوة قائلا إنه لم يعد يحتمل'.
في هذه القضية التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، وجهت هيكاري إلى كينتارو كيتاغاوا - المدعي العام الرئيسي آنذاك في النيابة العامة في أوساكا - اتهاما باغتصابها عام 2018 بعد ليلة عمل. ولم يُقبض عليه ويُوجه إليه الاتهام ويُعلن عن اسمه إلا في حزيران/يونيو 2024.
وتوضح أنها فقدت وعيها في المساء بسبب عدم اعتيادها على الكحوليات القوية. وشهد زملاؤها بأنها استقلت سيارة أجرة للعودة إلى المنزل، لكن كيتاغاوا اقتحم المركبة عنوة.
وتقول 'الشيء التالي الذي أتذكره هو وجودي في منزله... وتعرضي للاغتصاب. كان الأمر أشبه بكابوس. لم أستطع الدفاع عن نفسي، كنت مرعوبة من أن يقتلني'.
'نفوذ وقوة' -
بعد الاعتداء، التزمت هيكاري الصمت. ووفقا لها، توسل إليها كيتاغاوا ألا تنطق بكلمة، قائلا إن ذلك سيضر بسمعة النيابة العامة، حتى أنه اقترح عليها الانتحار.
تقاعد بعد حوالى عام، لكن هيكاري تقول إنه لا يزال بإمكانه الإضرار بمسيرتها المهنية. وتضيف 'كان رجلا ذا نفوذ وقوة كبيرين، كنت أخشى ألا يصدقني أحد'.
في عام 2024، بعد ست سنوات من الأحداث التي أبلغت عنها، وبعد تشخيص إصابتها باضطراب ما بعد الصدمة وأخذها إجازة من العمل، رفعت هيكاري شكوى.
وتوضح 'لكي أعود إلى حياة هادئة مع عائلتي وأستأنف عملي في النيابة العامة، شعرتُ بضرورة تقديمه للعدالة'.
بعد عودتها إلى العمل لفترة وجيزة في أيلول/سبتمبر الماضي، تناهت إلى سمع هيكاري شائعات متداولة تزعم أنها كانت موافقة على العلاقة، وأنها لم تكن ثملة عند حصول الوقائع... عادت هيكاري للإجازة المرضية.
يخضع كينتارو كيتاغاوا حاليا للمحاكمة، وهو موقوف منذ حزيران/يونيو 2024.
خلال مثوله الأول أمام المحكمة في تشرين الأول/أكتوبر، لم يُنكر الوقائع واعتذر عن 'الضرر الجسيم' الذي تسبب به. لكن في كانون الأول/ديسمبر، طرأ تغيير على استراتيجيته: إذ يدّعي محاميه الذي لم يستجب لطلبات وكالة فرانس برس للتعليق، أنه يعتقد أن العلاقة كانت بالتراضي.
نشرت هيكاري رسالةً مكتوبةً بخط اليد أرسلها إليه كيتاغاوا عام 2019، قدّم فيها 'اعتذاره الصادق عن الضرر الذي سببتُه لك والذي لا يمكن إصلاحه'.
وقد رفعت نساء أخريات في اليابان الصوت للكشف عن تعرّضهن لارتكابات مشابهة: فقد كسبت الصحافية شيوري إيتو قضيةً تاريخيةً عام 2019 ضد مذيع تلفزيوني شهير، قبل أن تُحوّلها إلى فيلم وثائقي رُشّح لجائزة الأوسكار. واتهمت رينا غونوي، الضابطة العسكرية السابقة، زملاء لها بالاعتداء الجنسي، وحُكم على ثلاثة منهم بالسجن مع وقف التنفيذ.
وحظيت كلتاهما بالإشادة لشجاعتهما، لكنهما واجهتا في الوقت نفسه موجةً من الكراهية على الإنترنت.
- إغلاق المجال القانوني -
وفقا لإحصاءات الحكومة، تعرضت 8,1% من النساء اليابانيات لممارسات جنسية من دون رضاهن. ومن بينهن، لم تتواصل سوى 1,5% مع الشرطة، ولم تُخبر أكثر من نصفهن (55,4%) أحدا بما حصل معهن.
لكن وفقا لكاوري أوكاموتو من جامعة سيسن، 'بدأت فكرة الحديث عن العنف الجنسي تنتشر'. وبصفتها أخصائية نفسية سريرية، لاحظت تزايدا في الاستشارات في مراكز الدعم.
على الرغم من الوجود الضعيف لحركة 'مي تو' المناهضة للعنف الجنسي في اليابان مقارنة مع الولايات المتحدة أو كوريا الجنوبية، اندلعت احتجاجات في عام 2019 بعد تبرئة العديد من مرتكبي جرائم الاغتصاب.
وقد جرى إدخال إصلاحات في عام 2017، إذ وُسّع تعريف الاغتصاب، ومنذ عام 2023، لم تعد الضحايا بحاجة إلى إثبات تعرضهن للعنف أو التهديد. في النظام القانوني الياباني، يُعتبر العنف الجنسي، وفقا لهيكاري، 'أمرا شائعا'. وتقول إن 21 شخصا عوقبوا على هذه الجريمة في مكاتب النيابة العامة على مدار السنوات الست عشرة الماضية، بحسب السجلات العامة.
وتؤكد أن المدعين العامين، 'وفي غياب أي ضغط خارجي'، 'يشعرون بالسلطة المطلقة وهم يرتقون في المناصب'.
في كانون الثاني/يناير، قدّم مؤيدوها عريضة إلى الحكومة وقّعها 58 ألف شخص، تطالب بسجن كيتاغاوا. وتجاوز عدد التوقيعات منذ ذلك الحين 68 ألف توقيع.
وتقول هيكاري 'إذا واصلتُ التحدث علنا، فسيكون ذلك للتأكيد بصوت عالٍ وواضح أن الضحايا غير مذنبين. لا أعرف وجوهكم، لكنني أريدكم أن تعلموا أنني في صفكم'.