اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ١٠ تموز ٢٠٢٥
منذ مطلع العام 2025، لم تهدأ وتيرة القرارات الرئاسية والحكومية في اليمن بشأن تعيينات جديدة في المناصب الإدارية والقيادية داخل مؤسسات الدولة، بدءًا من وكلاء الوزارات، ومرورًا برؤساء الهيئات والمؤسسات، وصولًا إلى السفراء والقيادات المحلية.
وتأتي في وقتٍ يشهد به الوضع الاقتصادي تدهورًا متسارعًا؛ إذ تجاوز سعر صرف الدولار حاجز 2800 ريال يمني بالعملة الجديدة، وفي ظل غياب رؤية واضحة من الحكومة الشرعية لمعالجة الأزمة المالية الخانقة، أو لتحسين الخدمات الأساسية المنهارة.
*أبرز التعيينات
في 3 مايو/أيار الماضي، أعلن مجلس القيادة الرئاسي تعيين وزير المالية في الحكومة السابقة، سالم صالح بن بريك، رئيسًا جديدًا للوزراء، خلفًا لأحمد عوض بن مبارك الذي قدم استقالته من المنصب.
وفي ذات اليوم، صدر قرار رئاسي بتعيين بن مبارك مستشارًا لرئيس مجلس القيادة الرئاسي، في خطوة أثارت الجدل، حيث اعتبرها البعض بمثابة تبادل للمناصب أكثر من كونها إصلاحًا حقيقيًا في بنية الدولة.
ولم تقتصر التغييرات على ذلك، ففي 8 مايو/أيار، أصدر رئيس مجلس القيادة، الدكتور رشاد العليمي، قرارًا بتعيين خمسة نواب وزراء في عدد من الوزارات، وهم:'سعد محمد سعد، نائبًا لوزير العدل، محمد سريع باسردة، نائبًا لوزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، مجاهد أبو شوارب عيسى بن عفرار، نائبًا لوزير المياه والبيئة، أنور العمري، نائبًا لوزير الأوقاف والإرشاد، معين أحمد، نائبًا لوزير الإدارة المحلية'.
وفي 6 يوليو/تموز الجاري، أعلنت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) صدور قرار جمهوري جديد بتعيين الدكتور علي عطبوش عوض محمد اليمني مديرًا لمكتب رئيس مجلس الوزراء، خلفًا لأنيس باحارثة الذي أقيل من منصبه قبل أشهر.
وعلى الرغم من الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد والانهيار المتواصل للعملة، تدأب الحكومة الشرعية على إصدار قرارات تعيين جديدة، الأمر الذي أثار تساؤلات الشارع اليمني حول جدوى هذه الخطوات، ومدى انسجامها مع أولويات المرحلة الحرجة التي تتطلب ترشيد الإنفاق، لا توسيع الهيكل الإداري؟
*استمرار المحاصصات
وتعليقا على ذلك، يقول الصحفي' عامر دعكم'. إن:' استمرار الحكومة الشرعية في إصدار قرارات تعيين متتالية، بينما الشعب غارق في الجوع والعملة تلفظ أنفاسها، مجرد استمرار في المحاصصات التي لا فائدة منها'.
وأضاف لـ'المهرية نت': ' في حين تشهد اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمعيشية، تتصرف الحكومة كما لو أن البلاد تعيش حالة رخاء واستقرار'.
ومضى قائلا:' اليوم، لسنا بحاجة مناصب جديدة تُضاف إلى جسد دولة مرهقة ومتهالكة، بل نحتاج إلى قرارات شجاعة ومسؤولة تُعلي من مصلحة الوطن وتضع معاناة الناس في المقدمة، وتدفع بالمعركة الوطنية نحو استكمال التحرير'.
بدوره، يقول الصحفي صدام الحريبي لـ' المهرية نت' إن:' من المفترض أن يكون سبب التعيينات هو سعي الحكومة إلى إعادة ترتيب أو ملء الشواغر في مواقع قيادية، بهدف تحسين الأداء التنفيذي، خاصة في المؤسسات المرتبطة بإدارة الدولة والملف الاقتصادي، تمهيدًا لتحرير البلاد'
وأضاف لـ' المهرية نت': ' لكن الواقع هو أن المواطن ينظر إلى هذه التعيينات بعين الريبة، خصوصًا حين تأتي في سياق تدهور اقتصادي متسارع، وتراجع الخدمات، وانهيار العملة، وتأخر صرف المرتبات، وهو ما يثير تساؤلات حول أولويات الحكومة'.
وتابع 'هذه التعيينات تبقى محل جدل وشك بسبب أداء الحكومة السابق، وانعدام الثقة بها من قبل الشعب، فغياب الشفافية في الاختيار، وعدم ربط التعيين بخطط إصلاح حقيقية أو تقييمات أداء، يجعل كثيرًا منها يُقرأ كمحاصصة سياسية أو إرضاءات حزبية ومناطقية لا تصب في مصلحة الدولة أو المواطن'.
وبشأن تأثيرها على ثقة المواطنين، يقول الحريبي إن:' التأثير غالبًا سلبي، لأن المواطن الذي يلمس يوميًّا تراجع مستوى المعيشة وانعدام الخدمات، يرى في هذه التعيينات دليلًا إضافيًّا على انفصال الحكومة عن الواقع الشعبي، وهذا يزيد من فجوة الثقة بين الحكومة والمجتمع'.
*محاولة لإعادة ترتيب الأولويات
أما الصحفي المهتم بالشأن السياسي والإنساني عز الدين الصوفي، فيرى أن:' استمرار الحكومة الشرعية إصدار قرارات التعيين، رغم ما تمر به البلاد من تدهور اقتصادي حاد وتردّي الخدمات الأساسية، يطرح عدة تساؤلات مشروعة حول أولويات إدارة الدولة، ومدى مواءمة هذه القرارات لمتطلبات المرحلة الجارية'.
وأضاف لـ' المهرية نت' من الناحية السياسية، قد تُفسَّر هذه التعيينات كمحاولة لإعادة ترتيب أوراق السلطة، وضخ دماء جديدة في مواقع اتخاذ القرار، خصوصًا في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الحكومة داخليًا وخارجيًا'.
وتابع' كما يمكن النظر إليها ضمن محاولات استيعاب قوى وشخصيات معينة داخل هياكل الدولة، كنوع من إدارة التوازنات والتحالفات، لا سيما في السياق المعقّد الذي تمر به اليمن'.
*تغييرات شكلية
وبشأن تأثير التعيينات على الجانب الاقتصادية والاجتماعية يقول الصوفي إن' هذه التعيينات تبدو غير مفهومة في نظر كثير من المواطنين، وتُكرّس حالة فقدان الثقة، خصوصًا عندما تفتقر إلى الشفافية وتعتمد على الولاءات بدلًا من الكفاءات'.
وأوضح الصوفي أن' المواطن اليوم أصبح ينتظر إصلاحًا اقتصاديًا، وقرارات تعالج التضخّم وانهيار العملة، لا تغييرات شكلية في المناصب'.
وبخصوص جدوى هذه التعيينات يقول أنها:' لا تثمر فعليًا إلا إذا كانت جزءًا من رؤية شاملة للإصلاح الإداري، مرفقة بخطط واضحة للمحاسبة وتقييم الأداء، وخلاف ذلك، فإنها تتحوّل إلى مجرد تدوير للنخب، وتعزيز لصورة حكومة مترهّلة تفتقر إلى البوصلة'.