اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ٥ حزيران ٢٠٢٥
شهدت مديرية قشن بمحافظة المهرة قبل أيام، عرضًا عسكريًا مثيرًا للجدل نظمته قوات 'درع الوطن'، بمناسبة تخرج دفعة جديدة من مجنديها، وسط غياب تام للعلم الوطني وظهور رموز سلفية متشددة إلى جانب ضباط سعوديين، ما أثار تساؤلات حادة حول هوية هذه القوة، ومدى تبعيتها للدولة ومؤسساتها الشرعية الرسمية.
وأظهر العرض مئات المجندين في زي موحد، وهم يستعرضون إلى جانب طابور من العربات القتالية والآليات المصفحة، جميعها ترفع شعار 'درع الوطن' دون أي رمزية للجمهورية اليمنية. في المقابل، تصدّر المنصة قائد التشكيل في المهرة، الشيخ السلفي عبد الله بن سديف الجدحي، مرتديًا الزي الديني التقليدي، إلى جانب شخصيات مدنية وعسكرية وضباط سعوديين، في غياب لافت لأي تمثيل رسمي يمني، مدنيًا أو عسكريًا.
موجة غضب شعبية وتحذيرات من انفجار مذهبي
لاقى العرض استنكارًا واسعًا في أوساط أبناء المهرة الذين رأوا فيه تمهيدًا لتأسيس ميليشيا خارج إطار الدولة، وقال ناشطون إن العرض يعكس انحرافًا خطيرًا عن المسار المؤسسي والوطني، حيث ظهرت القوة بلا علم يمني، ولا حضور لأي من قادة وزارة الدفاع أو السلطة المحلية.
وقال أحد النشطاء في حسابه المسمى 'مؤشرات سياسية' إن :'تشكيل قوة عسكرية بلا انتماء للدولة، تحت مظلة فكر ديني سلفي، يُعد تهديدًا للأمن والاستقرار وليس تطويرًا للمنظومة الأمنية'.
وأضاف: 'قوة بلا ولاء وطني خطر مؤكد. لا يمكن أن تُبنى الدولة عبر مليشيات متفرعة خارجة عن الدستور والقانون'.
وأشار إلى أن هذا المشهد ليس 'تطويرًا للأمن'، بل إنشاء كيان شاذٍ خارج الدستور والقانون، يُهدد الاستقرار ويُغذّي الفوضى'، متسائلاً : |كيف تُبنى قواتٌ بلا ولاء للدولة؟ وكيف تُسلّح جماعاتٌ بلا رقابةٍ دستورية؟
ودعا 'الجهات المعنية إلى كشف الغموض حول هذه القوات، ووقف أيّ تشكيلات عسكرية غير خاضعة للدولة قبل أن تتحول إلى أداةٍ لتقسيم البلاد أو إشعال الصراعات. *اليمنُ بحاجة إلى جيشٍ واحدٍ يحمي سيادتها، لا ميليشياتٍ تفتتها.*
في السياق ذاته، حذر رئيس اللجنة الأمنية لاعتصام أبناء المهرة، مسلم رعفيت، من خطورة ما وصفه بـ'التشكيل العسكري المرتبط بالسعودية'.
وأكد أن أبناء المهرة يرفضون رفضًا قاطعًا أي وجود عسكري لا يخضع للدولة، مشيرًا إلى أن محاولات إضعاف المؤسستين الأمنية والعسكرية عبر تأخير الرواتب لا تخدم سوى مشاريع الهيمنة الخارجية.
خروقات ميدانية واعتداءات متكررة
الكاتب والصحفي أنيس منصور أشار إلى أن أبناء المهرة الذين التحقوا سابقًا بهذه القوات انسحبوا بعد تعرضهم لما وصفه بـ'سلوك قمعي واستفزازي يمس القبيلة والنسيج الاجتماعي'، متحدثًا عن اعتداءات ارتكبتها هذه القوة بحق مدنيين ومزارعين وسكان محليين، بل ودخولها في صدام مباشر مع إدارة أمن قشن والسلطة المحلية، وقيامها بمهام أمنية وإدارية خارج صلاحياتها.
وأشار أنيس في مداخلة مع قناة 'المهرية'، أن 'هناك صدام بين القوى الاجتماعية ممثلة بالقبائل مع هذه القوات بسبب كثير من الانتهاكات وهناك تصادم حصل بين هذه القوات مع السلطة المحلية لإتخاذ بعض القرارات وبعض الإجراءات وهي من مهام السلطة المحلية'.
خلفية: ما هي 'درع الوطن'؟
يُشار إلى أن قوات 'درع الوطن' في المهرة بدأت بالظهور مطلع العام الجاري، ضمن ما يُنظر إليه كتقدم سعودي حذر نحو توسيع نفوذهها بالمهرة، طمعا في ثرواتها وموقعهاالاستراتيجي، لذلك حاولت التوغل وإيجاد نفوذرغم بعدها عن خطوط التماس مع الحوثيين.
وقد تأسست هذه القوة رسميًا مطلع عام 2023، بموجب قرار من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، باعتبارها 'قوة احتياط رئاسي'، لكنها عمليًا لا تخضع لوزارة الدفاع اليمنية، بل ترتبط مباشرة بالمملكة العربية السعودية، ويقودها العميد السلفي بشير المضربي.
وتُعرف 'درع الوطن' بخطابها الديني المحافظ، لا سيما في قيادتها، وتُظهر استقلالًا متناميًا عن البنية العسكرية الرسمية، سواء على مستوى الهوية التنظيمية أو الشعارات، وغالبًا لا ترفع العلم اليمني في مناسباتها.
ووفقًا لموقع 'ديفانس لاين' المتخصص في الشأن العسكري، يبلغ قوام القوة أكثر من 20 ألف مقاتل موزعين على 14 لواءً في عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية، وتُعتبر في نظر كثيرين الذراع السعودية العسكرية، في مقابل قوات 'العمالقة' المدعومة من الإمارات والمرتبطة بعضو مجلس القيادة عبد الرحمن أبو زرعة المحرمي.
وتُواجه تحركات ما تسمى 'درع الوطن' في المهرة رفضًا شعبيا وقبليا واسعا لعل أبرزها لجنة الاعتصام السلمي التي وقفت منذ بداية التوغل السعودية داخل المهرة، وتصدت بتحركاتها السلمية، للكثير من المحاولات الساعية إلى نهب ثروات المحافظة واحتلال موانئها ومنافذها وتحويلها إلى ساحة نفوذ وصراع، ومنطلق للفوضى والفتنة.