اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد اليمني
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في تطور لافت يحمل دلالات سياسية واسعة، يستعد الاتحاد الأوروبي لإقرار حزمة عقوبات جديدة على عبد الرحيم دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع في السودان، وسط تصاعد المخاوف من الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان وتفاقم الأزمة الإنسانية، وتأتي هذه الخطوة بينما تعيش البلاد واحدة من أسوأ الحروب في تاريخها الحديث، ومع تمدد سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق استراتيجية أبرزها الفاشر، ما أثار قلقًا دوليًا من احتمال وقوع 'عمليات قتل جماعي'.
تحرك أوروبي متسارع: عقوبات مرتقبة على دقلو
قال ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين إن الاتحاد الأوروبي يستعد، خلال اجتماع لوزراء الخارجية في بروكسل، لإقرار عقوبات مباشرة على عبد الرحيم دقلو، تشمل حظر السفر إلى دول الاتحاد وتجميد الأصول، في خطوة تمثل ضغطًا دبلوماسيًا متزايدًا على قوات الدعم السريع.
ويأتي هذا التوجه بعد تقارير دولية تتحدث عن انتهاكات 'ممنهجة'، تشمل القتل خارج القانون، والتطهير العرقي، والاعتداءات الجنسية، خاصة بعد سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع الشهر الماضي.
ويرى محللون أن هذه العقوبات ستكون الأشد منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، وأنها تمهد لمسار أكثر صرامة في مواجهة الانتهاكات، خصوصًا مع تفاقم الأزمة الإنسانية وتقلص ميزانيات المساعدات العالمية.
مخاوف من مجازر بعد سقوط الفاشر
يشكّل سقوط الفاشر — كبرى مدن دارفور — نقطة تحول خطيرة في مسار الحرب. فقد حذرت الأمم المتحدة من مخاطر 'إعدامات جماعية' وعمليات انتقام واسعة، بينما روى شهود عيان مشاهد مروعة عن إطلاق النار على المدنيين في الشوارع، ودهس المارة بالشاحنات، واستهداف أحياء كاملة بغارات بطائرات مسيّرة.
وترى منظمات حقوقية أن السيطرة على الفاشر تعطي قوات الدعم السريع نفوذًا استراتيجيًا في إقليم دارفور، ما يرفع مستوى الانتهاكات ويصعّب من إمكانية وصول المساعدات الإنسانية.
موقف فرنسي واضح: لا إفلات من العقاب
وفي السياق ذاته، قالت مصادر دبلوماسية فرنسية إن باريس 'ملتزمة تمامًا' بوقف إطلاق النار في السودان، ودعم الجهود الدولية لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات.
وأكد مصدر فرنسي أن بلاده تدعم 'استخدام كل الوسائل المتاحة'، بما فيها العقوبات الأوروبية، لضمان عدم إفلات المتورطين من المحاسبة.
وبحسب مصادر أخرى داخل الاتحاد الأوروبي، يوجد إجماع كامل على فرض العقوبات على عبد الرحيم دقلو، الشقيق الأصغر لمحمد حمدان دقلو 'حميدتي'، قائد قوات الدعم السريع. ويشير هذا الإجماع إلى رغبة أوروبية موحدة في إرسال رسالة قوية ضد استمرار الحرب.
نهج تدريجي يترك الباب مفتوحًا للحوار
رغم التشدد الأوروبي، تؤكد مصادر دبلوماسية أن العقوبات ستتبع نهجًا تدريجيًا، بحيث تسمح بترك 'نافذة للحوار' إذا تغيّرت مواقف الأطراف المتحاربة، أو ظهرت مؤشرات على إمكانية الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ويرى مراقبون أن الاتحاد الأوروبي يحاول الموازنة بين الضغط السياسي وإمكانية استئناف المفاوضات، خاصة أن استمرار الحرب يهدد بانهيار كامل للدولة السودانية.
كارثة إنسانية تتفاقم: الملايين بلا مأوى
وفق تقديرات الأمم المتحدة، يعيش السودان اليوم أكبر أزمة إنسانية في العالم. فقد نزح أكثر من 12.5 مليون سوداني داخل البلاد وخارجها حتى منتصف أكتوبر الماضي، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ السودان.
كما فر أكثر من 140 ألف شخص منذ بدء الهجوم على الفاشر وبلدات كردفان، فيما يعاني الملايين من الجوع وانعدام الأمن الغذائي، وسط انهيار شبه كامل للخدمات الصحية والإنسانية.
وتصف الأمم المتحدة الوضع بأنه 'انهيار كامل لمنظومة الحياة'، مع استمرار المعارك في مناطق مكتظة بالسكان، وتقييد وصول الإغاثة، وانعدام الأمن.
رواية الدعم السريع: تحقيقات 'مزعومة' ونفي مسؤولية
في المقابل، قال قائد في قوات الدعم السريع إن 'تحقيقات جارية' لمعرفة مرتكبي الانتهاكات، مؤكدًا أن أي شخص يثبت تورطه سيُحاسب. لكنه اتهم الجيش السوداني وحلفاءه بـ'المبالغة' في التقارير المتعلقة بالجرائم في الفاشر.
وتشير منظمات حقوقية إلى أن هذه التصريحات تتكرر في كل المناطق التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع سابقًا دون أن تظهر نتائج تحقيقات ملموسة.
تحرك أممي: بعثة مستقلة لتقصي الحقائق
على صعيد آخر، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالإجماع قرارًا بتشكيل بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق بشأن 'القتل الجماعي' في الفاشر.
وتُكلَّف البعثة بالتحقيق في:
الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان
جرائم ضد الإنسانية المحتملة
تحديد المسؤولين المباشرين وغير المباشرين
دعم جهود المساءلة القانونية
وأدان القرار 'بشدة' تصاعد العنف في الفاشر وما حولها، بما في ذلك القتل العرقي، التعذيب، الإعدامات الميدانية، التجنيد القسري، الاعتقال التعسفي، والاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب.
وتنفي قوات الدعم السريع الاتهامات، وتلقي بالمسؤولية على 'جهات مارقة'، لكن الأمم المتحدة تؤكد أن نمط الانتهاكات متكرر في المناطق نفسها منذ بداية الحرب.
ضغوط دولية متصاعدة.. ومشهد سوداني يزداد تعقيدًا
مع تحركات الاتحاد الأوروبي، والعقوبات البريطانية المرتقبة، والبعثة الأممية لتقصي الحقائق، يبدو أن المجتمع الدولي يتجه إلى مرحلة جديدة من الضغط على الأطراف السودانية، خاصة قوات الدعم السريع، في محاولة لوقف الانهيار المتسارع.
ختام المشهد
ويرى محللون أن العقوبات ستكون ذات أثر سياسي ونفسي أكبر من أثرها الاقتصادي، لكنها تمثل بداية لتحرك دولي أشمل قد يشمل عقوبات إضافية على قيادات عسكرية أخرى، في المقابل، لا تزال آفاق الحل السياسي غامضة، فيما تستمر المعارك وتزداد معاناة المدنيين.













































