"الجزار" أمير الحرب السابق حكمتيار يثير غضب حكام طالبان

كابول - وفي أفغانستان، حيث يتم تكميم أفواه المعارضة، برزت شخصية واحدة باعتبارها منتقداً غير متوقع لسلطات طالبان: وهو قلب الدين حكمتيار، أمير الحرب السابق المهمش الذي يثير غضب المسؤولين على نحو متزايد.

وكان القائد السابق المناهض للسوفييت، ورئيس الوزراء في عامي 1996 و1997، قد وجه دعوات علنية لإجراء انتخابات وتعليم الفتيات، وهي مطالب محظورة في ظل الإدارة الحالية.

وغادر حكمتيار (76 عاما) أفغانستان عندما وصلت طالبان إلى السلطة في المرة الأولى لكنه عاد إلى كابول في عام 2017 وبقي حتى مع فرار جحافل من الشخصيات البارزة بعد استيلاء طالبان على السلطة عام 2021.

وباعتباره رئيسًا لحزبه الحزب الإسلامي الراديكالي، فإنه يجذب الحشود، لكن المحللين يشككون في صدق خطاباته ويقولون إن فرصته ضئيلة في حشد المقاومة الشعبية على مستوى البلاد.

ومع ذلك فإن انتقاداته كانت سبباً في إطلاق سلطات طالبان حملة قمعية، حيث منعته من التحدث في مسجده أيام الجمعة، وطردته من منزله، وسحبت قناة حزبه التلفزيونية من موجات الأثير.

وقال له وزير العدل في حكومة طالبان عبد الحكيم شاراي في مناسبة عامة في أوائل أبريل/نيسان: 'لقد بقيت بعد النصر'.

'إذا لم يعجبك الأمر، كان عليك أن تغادر.

'ليس للأحزاب مكان في هذا النظام. وبحسب القانون فإن انتحال اسم أي حزب يعد جريمة'.

إن استعداد حكمتيار للاستهزاء بالسلطات يجعل منه شخصية فريدة من نوعها في أفغانستان اليوم، فهو واحد من السياسيين القلائل الذين ما زالوا يتحدثون علناً ضد مسؤولي طالبان في حين تم إسكات كل أشكال المعارضة تقريباً.

بث المعارضة

وبث حكمتيار، بلحيته البيضاء الطويلة وعمامته السوداء ونظارته الرفيعة، خطابا جريئا على قناة حزبه 'باريا تي في' في مارس/آذار.

وقال: 'في كل قرار سياسي، حضور الشعب ضروري، سواء بشكل مباشر أو من خلال ممثليه المنتخبين والموثوقين'.

وأضاف 'للأسف النساء محرومات من معظم الحقوق التي منحها إياهن الإسلام' في إشارة إلى مراسيم حكومة طالبان التي تمنع النساء والفتيات من التعليم.

لكن هناك فجوة بين ما يقوله حكمتيار الآن وما فعله في الماضي.

ومن التسعينيات إلى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ارتكب متمردوه مذابح ضد المدنيين، واغتيالات للمثقفين، وهجمات بالأسيد على النساء، وفقًا لمراقبي حقوق الإنسان.

وتسبب قصفه لكابول خلال الحرب الأهلية من 1992 إلى 1996 في مقتل الآلاف وأكسبه لقب 'جزار كابول'.

ولم تكن عقوبته الأخيرة مرتبطة بجرائم حرب مزعومة، بل بتحدياته لحكام كابول الجدد.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، أُغلقت جامعة مرتبطة بحزبه، ومُنع من إلقاء خطب الجمعة في مسجد بناه على أراضي حكومية.

وفي نهاية مارس/آذار، أُجبر على مغادرة مقر إقامته الذي قدمته له الحكومة السابقة المدعومة من الخارج بعد عودته من المنفى الذي دام 20 عاماً وتمتع بالحصانة.

وفي هذا الشهر، تم حجب قناة باريا التلفزيونية بحجة 'انتهاك القيم الإسلامية'.

وقال دبلوماسي غربي سابق مطلع على شؤون أفغانستان: «هذه ليست مؤشرات إيجابية بالنسبة له».

لكن السلطات 'عالقة بعض الشيء معه، لأنه يستفيد من شبكة الدعم والحماية داخل طالبان - بعض قادته السابقين'.

كابول وقندهار

وأصر عضو بارز في الحزب الإسلامي الذي يتزعمه حكمتيار على أنه 'لن يصمت' لكن تصريحاته لا تهدف إلى 'الاستفزاز'، بل إلى تحديد رؤية الحزب.

وقال 'نعتقد أن الإسلام ليس دكتاتورية. وزعيم طالبان لديه حساسية' تجاه هذا الاعتقاد.

ويقول محللون إن هناك قدرا من الانقسام داخل طالبان، بين الحكومة المزعومة في كابول وأصحاب النفوذ في جنوب قندهار، حيث يصدر الزعيم الأعلى هبة الله أخونزاده توجيهاته.

وقال مسؤول في حزبه 'هناك انقسام بين وجهات نظر الكابوليس والقندهاريين' حول كيفية إدارة حكمتيار.

وأضاف أن 'الكابوليين يعارضون وجهة نظر زعيم طالبان بضرورة التزام الصمت'.

وأضاف المسؤول أن حكمتيار ليس لديه 'نية الإطاحة بالنظام'. لكنه يود أن 'تنهض طالبان من كابول' و'أن تكون هناك بداية من داخل هذا النظام'.

ولم يرد متحدث باسم حكومة طالبان على طلب للتعليق.

ولم تعترف أي قوى أجنبية حتى الآن بحكومة طالبان، ويضغط بعضها على السلطات الأفغانية للموافقة على حكم أكثر شمولا.

لكن مسؤولا في الرابطة الثورية لنساء أفغانستان، وهي منظمة حقوقية، قال إن حكمتيار 'يريد فقط جذب انتباه الغرب'.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته: 'أيديولوجيته هي نفس أيديولوجية طالبان'. 'إنه ضد الديمقراطية وحقوق المرأة'.

وقال الدبلوماسي السابق: «إنه يضع نفسه في مكانه».

وأضاف 'يعتقد أن لديه دورا يلعبه... في حالة تطور الحكومة.

وأضاف: 'إنه يبعث أيضًا برسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أنه لا يزال يمثل قوة لا يستهان بها'.