اخبار اليمن
موقع كل يوم -سبتمبر نت
نشر بتاريخ: ٢٤ أذار ٢٠٢٤
سبتمبر نت/ تقرير- محمد التميمي
منذ بداية العام الجديد 2024، يكثف مجلس القيادة الرئاسي اجتماعاته بقوام مكتمل من رئيس المجلس والأعضاء السبعة، وكذلك الاجتماعات المتوالية للحكومة وأعضائها، والتي ناقشت في مجملها عددا من القضايا المحورية على كافة الأصعدة، ومن ضمنها الجانب الاقتصادي الذي يمثل أحد أكبر التحديات أمام مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة، وترك الحبل على الغارب لتنظيم جماعة الحوثي الإرهابي في التحكم بتصدير النفط والغاز من عدمه.
رغم أن تشخيص الوضع في المناطق المحررة وسلطة الدولة الشرعية فيها يحتاج إلى الكثير من الاستقصاء والشرح، إلا أن معالجة النقاط المذكورة تعد نقطة الانطلاق في مسار استعادة زمام سلطة الدولة، بدءاً من بناء الجانب الأمني والعسكري بالتوافق على رؤى واضحة لتحديد الأولويات، وعلى رأسها كسر شوكة تنظيم جماعة الحوثي الإرهابي شعبياً وسياسياً على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ومروراً بمواجهة التحدي الاقتصادي الذي فرضه الحوثيون على تصدير النفط والغاز، وليس انتهاء بالعمل على إعادة تفعيل مؤسسات الدولة وإظهار نموذج واقعي للشراكة الوطنية في حكم المناطق المحررة.
خطوات إصلاحية
الكاتب الصحفي والخبير الاقتصادي مصطفى نصر رئيس مركز الإعلام الاقتصادي تحدث لـ'26سبتمبر' عن أهمية تفعيل مؤسسات الدولة والأجهزة الرقابية في المرحلة الراهنة.
وقال نصر :'إن تفعيل مؤسسات الدولة والأجهزة الرقابية يكتسب أهمية قصوى في المرحلة الراهنة، لا سيما في ظل تراجع الايرادات الحكومية إلى مستويات لم يسبق لها أن بلغتها على الاقل خلال العقود الأخيرة'.
مشيراً إلى أن الحكومة تواجه في الوقت الراهن 'حالة من شبه الافلاس جراء توقف تصدير النفط بعد الهجمات الحوثية على موانئ تصدير النفط، وفتح ميناء الحديدة وتحويل مسار كثير من السفن، وإجبار تنظيم جماعة الحوثي التجار على الاستيراد عبر ميناء الحديدة'.
وأردف نصر أن هذا الأمر يتطلب من الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا بذل جهود مضاعفه لتفعيل ايرادات الدولة -كونها منظومة متكاملة- من خلال حوكمة مؤسسات الدولة التي تقتضي أن تكون فاعلة لها استراتيجيات وأهداف واضحة، وتحقق نتائج عملية في مسألة الايرادات الحكومية، خصوصا أن موضوع الرقابة والمحاسبة أحد اركان الحوكمة.
معالجات وإرادة
وأشار رئيس مركز الإعلام الاقتصادي إلى بعض الأخطاء التي تعتري مؤسسات الدولة 'للأسف الشديد ما يزال هناك أخطاء واضحة تتمثل في فتح حسابات لمؤسسات في جهات مختلفة تدار المؤسسات المختلفة بشكل عشوائي، ولا توجد مؤسسة حكومية فاعلة تواجدها إلى حد كبير شكلي، هذه الأمور كلها تلعب دورا في تردي وتراجع الايرادات'.
وفي جانب تحسين الايرادات أوضح الخبير الاقتصادي مصطفى نصر أن هذا الأمر يتطلب إرادة سياسية بالدرجة الأولى للإصلاح وهذه الإرادة لا بد أن تكون من أعلى مستوى هرم السلطة ويتبعها اجراءات تنفيذية في تصحيح وضع المؤسسات واختيار الكفاءات لإدارة هذه المؤسسات ووضع معايير واضحة لتحسين مسألة الإيرادات.
مضيفاً أن 'هناك ايرادات حقيقية لتحسين فرص ايرادات الدولة سواء من خلال استثمار الموارد الطبيعية أو من خلال تحسين الأوعية الضريبية والجمركية، وكذلك مكافحة التهريب والمنافذ البرية والبحرية'.
اجتماعات الحكومة.. الواقع والمأمول
منذ تعيينه في الخامس من فبراير الماضي رئيساً للحكومة، ترأس أحمد عوض بن مبارك، عددا من اجتماعات مجلس الوزراء في العاصمة عدن، أبرزها الاجتماع المنعقد يوم الأحد 9 مارس الحالي، وهو الاجتماع الثاني من نوعه منذ توليه منصبه.
ناقش الاجتماع الثاني لحكومة بن مبارك قرابة عشرة مواضيع واتخذ قرارات بشأنها، وهو ما يضاعف المهام التنفيذية لهذه القرارات، إضافة إلى حوالي تسعة قرارات تم اتخاذها في الاجتماع الأول في 12 فبراير الماضي.
وبالنظر إلى قرارات مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير، فالمأمول من الحكومة، هو معالجة الأوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية المرتبطة بحياة المواطنين، لا سيما مع حلول شهر رمضان المبارك، حيث تكرر ذكر الأوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية للمواطنين في الاجتماع، وناقش الوزراء هذا الجانب باستفاضة، وقدم الوزراء المعنيون تقارير حول الاحتياجات والجهود المبذولة لتحسين الخدمات، لكن تكررت أيضا الإشارة إلى أهمية الإصلاحات مع حلول شهر رمضان، والتأكيد على أن 'المواطن وحياته المعيشية هو محور اهتمام الحكومة، وجوهر خططها وبرامجها الخدمية والإنمائية في مختلف القطاعات'، وأن يلمس المواطن رقابة ميدانية على توفر السلع والرقابة على أسعارها، كما جاء في تقرير الاجتماع.
حث الجهود
كما أن توجيه الوزارات والجهات المعنية بمتابعة إنجاز ما تم الاتفاق عليه بين اليمن وروسيا خلال زيارة رئيس الوزراء لموسكو، خاصة في مجالات الكهرباء والطاقة والصناعة والنفط، يستدعي الوزارات والجهات المعنية بهذه المهام إلى إعداد الخطط والتصورات الخاصة بالمشاريع بحسب أولوية الاحتياج اليمني، كما ينبغي تجنّب ترك الجانب الروسي ينتظر جهوزية خطط وبرامج الجانب اليمني، أو ترك مهمة التخطيط والتنفيذ بكاملها عليه، فهو يعرف ويهتم بأولوياته واحتياجاته ويتوقع أن الجانب اليمني يعرف ويهتم بأولوياته بالمقابل، فالتقصير في هذا الجانب قد يؤدي إلى اختلالات فنية متوسطة وبعيدة المدى كما حدث في مشاريع استراتيجية كثيرة، وهنا تأتي أهمية تفعيل دور الكادر اليمني المتخصص علمياً كل في مجاله، وعبر مراحل التخطيط والتنفيذ.
أولويات
وتأتي أولويات الحكومة بموجب توجيهات رئيس مجلس القيادة الرئاسي وأعضاء المجلس، لتخفيف حدة تداعيات هجمات تنظيم جماعة الحوثي الإرهابي على المنشآت النفطية وتوقف تصدير النفط الخام منذ 16 شهراً، ويتضمن هذا الموضوع احدى أولويات الحكومة التي وجه بها رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، في الاجتماع الأول لحكومة بن مبارك، وفي صدارة تلك الأولويات 'استعادة مؤسسات الدولة وإسقاط انقلاب تنظيم جماعة الحوثي الإرهابي، وصناعة الفارق، وبناء النموذج في المحافظات المحررة'.
ووفقاً لكلمة فخامة الرئيس رشاد العليمي في ذلك الاجتماع، فإن 'النموذج' المطلوب تحقيقه من قبل الحكومة، ليس محلياً فقط، إذ يتوجب على الحكومة تعزيز ثقة المواطنين، وكذلك المجتمع الإقليمي والدولي بالمؤسسات العامة للدولة، ومهمة بناء هذا النموذج تحظى بدعم ومساندة رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وعلى الحكومة أيضاً أن تعزز ثقة رئيس وأعضاء المجلس بأدائها الاحترافي كسلطة تنفيذية عليا.
وفيما يخص تخفيف حدة تداعيات هجمات تنظيم جماعة الحوثي الإرهابي على المنشآت النفطية وتوقف التصدير، يتطلب من الحكومة إعداد خطة واضحة وقابلة للتنفيذ لاستئناف تصدير النفط من منطلق أن التهديد الحوثي بقصف المنشآت النفطية وموانئ تصديره قد ألحق ضررا بالغا بحياة الشعب اليمني طيلة 16 شهرا، وعرقل صرف مرتبات ملايين الموظفين بانتظام، وأدى إلى انهيار العملة الوطنية والاقتصاد الوطني لليمن بشكل عام، وهذا ما يفترض أيضا على رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي سرعة البت في هذه الخطة وتوجيه الحكومة بسرعة إنجازها.
تحسين وضع العملة
كما أن قرار تحسين وضع العملة الوطنية، وضمان استدامة الخدمات، ودفع رواتب الموظفين، يتوقف بشكل رئيسي على نجاح الحكومة في استئناف تصدير النفط، لكنه يتوقف أيضا وبنفس الدرجة من الأهمية، على تحسين تحصيل الإيرادات الحكومية، خاصة الإيرادات بالعملة الصعبة، وضبط التلاعب بسعر الصرف، وتوجيه مصادر وعمليات التحصيل إلى البنك المركزي اليمني في عدن.
كل ذلك يتطلب الاستعانة بخبرات مصرفية واقتصادية يمنية في هذا الجانب، ويوازيها في الأهمية تنشيط الكوادر الأكاديمية المختصة في إطار لجنة حكومية جديدة أو إعادة تشكيل اللجنة الاقتصادية، وهنا قد تحتاج الحكومة لوضع محددات عامة وفق أولوياتها وتكليف هذه اللجنة بإعداد دراسات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى لتحسين موقف العملة الوطنية وإصلاح القطاع المصرفي، بدون الإضرار بمصالح القطاع الخاص وبدون السماح له بالتغول وتشجيع الفساد في مؤسساته ومؤسسات الدولة.
