اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢٥ نيسان ٢٠٢٥
الخرطوم - تجلس نحو عشرين لاجئة سودانية على حصائر بلاستيك أمام خيمة منظمة أطباء بلا حدود في مخيم طولوم المكتظ في شرق تشاد، إلى حيث لجأ عشرات الآلاف هربا من الحرب التي اندلعت قبل عامين في السودان.
ويخشى من تفاقم الوضع جراء القتال العنيف المستمر في البلد المجاور في المخيم الذي يؤوي ما بين 25 و30 ألف لاجئ مكدّسين في ملاجئ من الصفيح المعدني والخيش الأبيض وفرتها لهم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في قلب منطقة خلاء شبه صحراوية قرب إيريبا، على مقربة من الحدود مع السودان.
تدخل نجلا موراو التي لفّت جسمها بثوب برتقالي وأرجواني، للحصول على استشارة طبية لابنها الذي حملته بين يديها الموشومة بالحناء. وبعد الفحص الأولي، استنتج الممرضون أن الطفل البالغ عامين والذي يبدو شاحبا يعاني سوء التغذية الحاد.
تقول نجلا البالغة 32 عاما وتبدو نحيلة هي الأخرى 'نحن نعاني قلة الأكل'. وتضيف الأم التي فرت من نيالا في جنوب دارفور مع احتدام القتال قبل أكثر من عام. 'منذ وصولنا... لا نأكل طوال اليوم سوى طبق من العصيدة' المعدة من الذرة الرفيعة.
يقول ديسامبا آدم نغارهودال، وهو ممرض في منظمة أطباء بلا حدود، إنه منذ أسابيع، ارتفعت حالات سوء التغذية في المخيم. ويضيف الشاب البالغ 25 عاما أن 'من بين 100 إلى 150 استشارة أسبوعية، يتعلق ما يقرب من النصف بحالات سوء تغذية'.
تحوَّل الحالات الأكثر خطورة إلى مستشفى إيريبا على مسافة نصف ساعة بالسيارة.
وبعد يوم من تسجيل الوفاة الأولى لرضيع سوداني بسبب سوء التغذية في مستشفى إيريبا، يشرح الممرض حسن باتايمو البالغ 38 عاما 'منذ مطلع الشهر، تجاوزنا القدرة على معالجة المرضى في جناح سوء التغذية في هذه المنشأة، ونتوقع أن تستمر الحالات في الزيادة مع حلول الموسم الحار وتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية'.
- 'أسوأ أزمة إنسانية' -
في السودان، تدور الحرب بين الجيش بقيادة الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو على رأس قوات الدعم السريع.
وخلال عامين، أسفرت الحرب عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص، متسببة 'بإحدى أسوأ الكوارث الإنسانية' في العالم، وفق الأمم المتحدة.
وتعجز تشاد، وهي من أفقر دول العالم، عن تقديم المساعدة بمفردها لأكثر من 770 ألف لاجئ سوداني فروا إلى أراضيها، بحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى أكثر من 970 ألف لاجئ بحلول نهاية العام في ظل استمرار القتال في السودان، بحسب الحكومة التشادية.
وفي نهاية شباط/فبراير، لم تتلق المفوضية سوى 14% من 409.1 ملايين دولار تحتاج إليها لمساعدة اللاجئين في تشاد هذا العام.
ويؤكد دجيمباي كام ندوه، حاكم مقاطعة وادي فيرا حيث يقع المخيم، أن 'الشعب التشادي هو شعب مضياف وتقاليده تملي عليه الترحيب بإخوانه السودانيين في حالات الضيق... لكن عدد سكان المقاطعة تضاعف عمليا ونحن نطلب توفير دعم كبير لنا'.
وخيمت حالة من القلق العميق بعد تجميد المساعدات الأميركية الذي فرضته إدارة ترامب في كانون الثاني/يناير الماضي، وخفض التمويل من المانحين الآخرين، خصوصا الأوروبيين.
وقال فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، خلال زيارة قام بها أخيرا إلى الحدود السودانية، إنه 'مع خفض المساعدات المالية، لم تعد لدينا الوسائل لمساعدة اللاجئين السودانيين كما كنا نفعل حتى الآن'.
وحذر من أنه 'إذا لم يتم تقديم المساعدة لهؤلاء الأشخاص، فسيلجأون إلى طريق الهجرة عبر ليبيا... حيث يستغل المجرمون بؤسهم. وعلى أوروبا أن تتصرف حيال ذلك'.
يقول ألكسندر لو كوزيا نائب مدير برنامج الأغذية العالمي في تشاد في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس إن نقص التمويل يهدد 'مئات الآلاف من الأرواح'.
في السودان، يعاني نحو 25 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق برنامج الأغذية العالمي، وهو وضع مرشّح للتدهور مع حلول موسم الأمطار خلال أقل من شهرين.
ويحذّر صموئيل سيليش، منسق الطوارئ لدى منظمة أطباء بلا حدود في وسط دارفور، في تصريح عبر الهاتف قائلا 'نستعد لموجة حادة من حالات سوء التغذية والملاريا'.
ويضيف 'هذا العام، نواجه أيضا تفشيا لمرض الحصبة في دارفور' مشدّدا على أن تزامن هذه الأمراض قد تكون له تبعات كارثية، لا سيما على الأطفال.