اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
تتصاعد المخاوف في أرخبيل سقطرى من مشروع إماراتي جديد يحمل اسم 'مستر بلان'، تقول أبوظبي إنه خطة طموحة للتنمية الحضرية والتخطيط العمراني، بينما يكشف الواقع عن ملامح أجندة خفية تهدف إلى تعزيز سيطرة أبوظبي على الجزيرة الحيوية، بيئيًا وجيوسياسيًا، عبر أدوات ناعمة ومشاريع ظاهرها تنموي وباطنها استحواذي.
تروج الإمارات لمشروع 'مستر بلان' على أنه مخطط تنموي شامل لتطوير البنية التحتية والسياحة والخدمات في سقطرى، إلا أن مصادر محلية مطلعة ترى في المشروع محاولة جديدة لفرض أمر واقع استعماري من خلال السيطرة التدريجية على الأراضي المحمية والمواقع الاستراتيجية في الأرخبيل، بذريعة الاستثمار والتخطيط المستقبلي.
ورغم أن القوانين اليمنية تحظر بشكل صريح بيع أو تأجير أراضٍ في سقطرى لمستثمرين أجانب، إلا أن الإمارات تحاول تجاوز هذه القيود عبر وكلاء محليين ومشاريع ظاهرها خدمي لكن مضمونها يمنح أبوظبي نفوذًا طويل الأمد على الأرض.
وتعزز هذه المخاوف تقارير محلية ودولية تحدثت خلال السنوات الماضية عن قيام الإمارات بإنشاء مرافق سيادية في الأرخبيل، من بينها قواعد عسكرية غير معلنة وموانئ خاصة، دون علم أو موافقة الحكومة اليمنية، ما يجعل 'مستر بلان' خطوة إضافية في اتجاه تثبيت الاحتلال الناعم وتوسيع طيفه ليشمل الاقتصاد والسياحة بعد أن كان محصورًا في الجوانب العسكرية.
توقيع مشبوه من خارج التراب السقطري
أحد أبرز المؤشرات على الطابع غير السيادي للمشروع هو تحركات محافظ سقطرى المقيم في الإمارات، والذي انتقل مؤخرًا من أبوظبي إلى عدن للاجتماع مع رئيس الهيئة العامة للأراضي لتوقيع ما يُسمى بمخطط 'مستر بلان'، في غياب تام لأي إشراف من الحكومة المركزية أو مشاركة مجتمعية محلية من سكان الأرخبيل.
ويرى مراقبون أن توقيع مثل هذا المشروع من خارج سقطرى وبعيدًا عن أطر المؤسسات الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، يكشف مدى التغلغل الإماراتي في مؤسسات الدولة المحلية، ويعكس محاولة لشرعنة واقع استيطاني جديد تحت عنوان 'التنمية'.
أزمة طاقة وانهيار بيئي بتوقيع 'المثلث الشرقي'
بموازاة مشروع 'مستر بلان'، تواجه سقطرى أزمة بيئية حادة تُتهم شركة إماراتية تُعرف باسم 'المثلث الشرقي' بالوقوف وراءها. فقد فرضت هذه الشركة، التي تحتكر سوق الطاقة في الأرخبيل، قيودًا شديدة على توفر المشتقات النفطية والغاز المنزلي، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، ودفع السكان إلى اللجوء إلى الاحتطاب الجائر كمصدر بديل للطاقة.
وتسببت هذه الممارسات، وفقًا لمصادر محلية، في تدمير تدريجي للغطاء النباتي النادر في سقطرى، بما في ذلك أشجار 'دم الأخوين' الشهيرة والمهددة بالانقراض، مما يهدد النظام البيئي الفريد للجزيرة.
وقد أطلقت منظمات بيئية محلية تحذيرات من استمرار هذا الوضع الذي قد يؤدي إلى اختلال التوازن البيولوجي في الجزيرة، وبالتالي تهديد مكانتها العالمية كمحمية طبيعية مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو.
تواطؤ رسمي وتجاهل للمطالب الشعبية
وأشارت المصادر إلى أن السلطة المحلية في الأرخبيل، الموالية لأبوظبي، لم تتخذ أي خطوات جادة للحد من هذه الممارسات، بل تستمر في تجاهل الأصوات المطالبة بتوفير بدائل للطاقة وحماية البيئة، في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات الشعبية الرافضة للسياسات الإماراتية التي تهدد مستقبل الجزيرة وسكانها.
سقطرى في مهب التجاذبات
تكشف التطورات الأخيرة في سقطرى عن انتقال الإمارات من مرحلة الوجود العسكري السري إلى مرحلة السيطرة الإدارية والاقتصادية العلنية، تحت غطاء المشاريع التنموية والاستثمارية، وهو ما اعتبره نشطاء محليون 'تطويعًا للسيادة الوطنية لصالح أجندة خارجية' تُنفذ عبر أطراف محلية موالية.
ويرى مراقبون أن مواجهة هذا المخطط تتطلب موقفًا رسميًا يمنيًا واضحًا، وتحركًا شعبيًا ومدنيًا واسعًا للدفاع عن الأرخبيل، الذي يُعد أحد الكنوز الطبيعية النادرة في العالم، والذي بات مهددًا بفقدان استقلاله البيئي والإداري على حد سواء، في ظل صمت رسمي مريب.