اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
المثنى الشيخ عطية
أفتحُ الباب الموازي
لا جسر للعودةِ تحت أقدامي
لا حبلَ في يدي يمتدُّ بدايةً ونهايةً أمامي
ولا صورَ في مخيّلتي
سوى أحلامِ يقظةٍ بيضاء
توقظ ما نام في أحضان الفراغ…
أقفزُ فرخَ يمامٍ طارتْ بشغفه لوثةُ المرة الأولى
من ريحان أصيص النافذة
إلى يماماتٍ يخفين في رقص أجنحتِهنّ هاويةَ الرّماح
تحطّ أجنحتي غضّةً على شاطئ سيرينات دمشق
يضعْنَ في عنقي طوقَ ياسمين سيّدتها
راضياً مستعذِباً عارفاً
ألّا فكاك من طوق التي
لن تغادر الخلايا متى تسكنُ الخلايا
السيدة البهيّة الرحيمةُ القاسيةُ
محورُ الجاذبية
سيّدةُ المكان الذي يرتدي ويظلّ عارياً في ذات الوردِ
غيرِ آبهٍ ثيابَ الزمان
ملكةُ العصافيرِ الطليقةِ في يدها
قفصُ الربيع في ذهب الخريف
أتونُ البهاء الشفيف
سيّدتي التي تأسر ريشي أبيض
وتطلقه ياسميناً أحمرَ في مهبّ الشقاء
ربَّة ارتواءِ الماء تمزج في جراِرها بردى
بالفراتِ يدور في نواعير العاصي
عاصياً تحذيراتِ منبعه من الدخول في مصبّ الغريب
سيّدةُ الشّقاءِ السّعيد تُشكّل زوجين
من شجيرات لوزٍ تسقيها ثلاثةُ أنهارٍ
وتعيدُ للكون تكوينَه من جديدٍ
في المكتبات التي اجترحتْ هواتفَ نقالةً قبل النقلِ
لحضور الحبيب في غياب الحبيب
على باب كنيسة العذراء حاضرةً مسيحاً
بقوسِ شعرٍ يغرّد بزقزقة ميراي ماتيو
ويأسرُ الأميرَ القادمَ بسيف صخب عَمْر بن كلثوم
في أزقّة باب توما النابض خشبُ أَسِرَّتها برائحةِ الحبّ
تصعدُ على بخور نبيذٍ يأخذ متعاطيه إلى قممِ جبال معلولا
حيث ينشدُ الشاعر الموزّع بين نارين لأول ثلجةٍ عراقاً أصيلاً
في طريق الليل ضياع زهرة صبّاره
في ركن الدين حيث يركن مُحيي الدين بن عربي
درّاجته على طرف الرصيف ويقف منادياً القبائل أن تأتي
لجنّة الحبّ من دون دين
في المستشفيات التي تصرخ فيها الحياة
بحضن سيّدة النجاةِ
سيّدة الكائنات
سيّدة الربيع التي تَخرج من صَدَفَتِها
محاطةً بأمازونياتها القاتلات يشهرنَ السهام
على خيولهنّ النافرة إلى القلب
مشيرةً بعين الحبّ إلى العاشقِ القاهر الذي
لم يقهرْ سوى خُيلائه
أن يدور درويشاً شقيّاً بياسمينٍ أحمرَ هائماً بفلكها
رافعاً يديه حاضناً سماها
متمتماً روح قصيدةٍ لا يعرفُ منتهاها
في غروب الغياب…
أدورُ في مغزلي
أدور في جميع اتجاهاتي بذات اللّبس
أدور صاعداً متفلّتاً صاهراً عطر ياسمينها الآسر الذي لا يغادر
في ذاتي…
أدخل الباب الموازي بلا جسرٍ إلى ذاتي
أجرّ طيوري بدوّامتي معي محلّقةً
إلى شمسي التي بيدها ملكوت العشق
أقترب من نارها ويثنيني النداء القادم مني: لا تقتربْ
من شمسك كثيراً يا فتى
الشمسُ نار الجليد
نار القريب البعيد
نار الضياع والضياع من جديد
الشمس تُنضِج حبَّاتِ عُبّادها لكنّها تَفرطُها
في حويصلات الطيورِ خلايا الكائناتِ نُثارِ النجوم
وتعيدُها من التوحّد كائناتٍ أخرى تُسبِّح بحمد التعدّد
أمَ اَنَك أُصِبت بعدوى التجدّد ولم يعد ينفع الدواء لداءٍ دواؤه الداء
في دورانك الذي يعيدك إلى شاطئ الفرات للتطهّر
في الْتِمام السّاحرات حول نار التنُّوْر الذي يدور بفيض النور
ويفتح لك باب غابتها الأولى ناظرةً إليك منفرجةً باسمةً
أن تطير فِكاكاً من شِباكِ الذي سطَعك شمساً
تدير الرأسَ ولا فكاك من فم كأس الزهرة المتفتح
في رحيق الغياب…
أطيرُ محلّقاً أكثر في دوراني الصاعد
إلى شمس إغراقي في فيضانِ إشراقي
لا مبالياً في عبوري بسيلان أجنحة طيوري
لا سائلاً رحمةً توقفُ مضاءَ بُراقي
لا ساعياً في معراجي إلا إلى
سِدرة منتهايَ في ذاتي
لا مهتمّاً في أيّة أرض كانتْ أصولي
في أيّة سماءٍ تكونُ مآلاتي
والأرض والسماء في داخلي تهمزان خواصر خيولي
تُذيبان ذاتي
*شاعر سوري
ــ أبيات قصيدة مظفر النواب «في طريق الليل» كما غناها فور دورانها في رأسه لأول مرة على قمة جبلٍ في معلولا عام 1976: «في طريق الليل/ ضاع الحادث الثاني/ وضاعتْ زهرة الصبّارْ/ لا تسل عني لماذا/ جنّتي في النارْ/ جنّتي في النارْ».
ــ هناك إشارة تخص أبيات محيي الدين بن عربي التي تلخص فلسفته في الحب:
«لقد صار قلبي قابلاً كل صورةٍ/ فمرعى لغزلان وديرٌ لرهبانِ
وبيتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ/ وألواحُ توراةٍ ومصحف قرآنِ
أدين بدين الحب أنّى توجهت ركائبه/ فالحب ديني وإيماني».













































