اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ٢٩ حزيران ٢٠٢٥
تناولت شبكة NBC نيوز الأمريكية الشهيرة الوضع البيئي الذي تواجهه جزيرة سقطرى، الواقعة تحت سيطرة المجلس الانتقالي الانفصالي منذ خمس سنوات.
ورد ذلك في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للشبكة، جاء فيه: 'تقع جزيرة سقطرى اليمنية قبالة القرن الأفريقي، وقد تُركت إلى حدّ كبير لحالها عبر القرون، حيث كان زوارها القلائل يأتون للتجارة بالبخور العطري، ونبتة الصبار الشافية، والعصارة القرمزية لشجرة دم الأخوين، التي تُستخدم في الصبغات.'
وتقع الجزيرة، التي توازي في مساحتها جزيرة 'لونغ آيلاند' في نيويورك، على بعد حوالي 140 ميلاً (225 كم) من ساحل الصومال، وهو موقع نائي سمح لنظام بيئي فريد بالنمو والازدهار.
تضم الجزيرة تنوعًا غنيًا من الطيور والحيوانات، كما تزخر الشعاب المرجانية القريبة من سواحلها بالكائنات البحرية الملونة. ووفقًا لليونسكو، فإن ثلث أنواع النباتات البالغ عددها 825 لا توجد في أي مكان آخر في العالم.
وقد وصفها بعض الخبراء، ومنهم عالم البيئة كاي فان دام، بـ'غالاباغوس المحيط الهندي'، ويحذرون من أن ملايين السنين من التطور الطبيعي في سقطرى قد تكون مهددة بشكل جدي.
التغير المناخي والتنوع البيولوجي
قال فان دام، الذي يعمل في الجزيرة منذ أكثر من عشرين عامًا:'التغير المناخي هو إلى حد بعيد الخطر الأكبر على التنوع البيولوجي في الجزيرة. إنها جزيرة صغيرة نسبيًا بمناخ جاف غالبًا، وأي تأثير إضافي بسيط يمكن أن يكون له أثر بالغ، مما يزيد الضغط على الأنظمة البيئية الهشة.'
وقد أدى موقع سقطرى المعزول إلى نشوء طبيعة مذهلة عبر آلاف السنين؛ فثلث النباتات في الجزيرة الرئيسية فريدة من نوعها، مثل شجرة الخيار المنتفخة، وأشجار الزجاجة الغريبة، والألوة(الصبار) .
لكن الجفاف المتزايد الناتج عن تغير المناخ زاد من آثار الأعاصير المدمرة التي ضربت الجزيرة في عامي 2015 و2018، والتي دمّرت الشعاب المرجانية، وجرفت التربة، واقتلعت نباتات نادرة.
كما أن أحد رموز الجزيرة البيئية، أشجار اللبان المحلية، مهددة بالانقراض. فقد صنف الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة أربعة من أصل 11 نوعًا معروفًا من أشجار اللبان في سقطرى بأنها 'مهددة بالانقراض بشدة'. كما اعتُبرت خمسة أنواع أخرى 'مهددة بالانقراض'.
وأضاف فان دام:'تراجع هذه الأنواع يعكس التدهور الأوسع في المواطن البيئية البرية على مستوى الجزيرة، وفي الأنظمة البيئية التي تدعمها.'
وأشار إلى أن الرعي الجائر، خاصة من الماعز، يشكل تحديًا كبيرًا آخر، لأنه يؤدي إلى تآكل المواطن الطبيعية، و'ترك الأشجار المعمرة دون تجدد بأشجار صغيرة'.
الضغط السياحي المتزايد
تجذب سقطرى السائحين بشواطئها النقية، ومياهها الجذابة ، ونباتاتها الغريبة، لكن السياحة تضع ضغطًا متزايدًا على النظام البيئي الهش.
ورغم أن عدد الفنادق قليل ومتركز في العاصمة حديبو، فإن عدد الشركات السياحية التي تقدم رحلات تخييم فاخرة وجولات بسيارات الدفع الرباعي آخذ في الازدياد.
قال علي يحيى، أحد المحافظين على البيئة ومشغلي الجولات السياحية المحليين:
'اتفق المسؤولون على تحديد عدد الزوار بـ4,500 سائح سنويًا.'وأكد أن 'البناء في المناطق الحساسة بيئيًا وثقافيًا ممنوع تمامًا.'
ورغم تصنيف الجزيرة كموقع تراث عالمي من قبل اليونسكو، والذي يتطلب الحماية بموجب الاتفاقات الدولية، تحدث انتهاكات بشكل متكرر.
وقال الدليل السياحي المحلي عبدالرؤوف القمحي: 'بعض السياح يشعلون النيران تحت شجر دم الأخوين، وينقشون على الأشجار النادرة، ويتركون القمامة، ويخيفون الطيور بالطائرات المسيّرة.'
وأضاف أن السكان المحليين يستفيدون من السياحة، فهي 'مهمة جدًا لشركات السياحة، وأصحاب السيارات، والسائقين، والمطاعم، والفنادق، وبائعي الحرف اليدوية'.
كما أشار إلى أن بعض الأنواع النادرة تُقتل فقط من أجل التقاط صورة سيلفي، مثل الحرباء التي يُمسك بها السياح لالتقاط الصور.
وتوقع القمحي أن يزداد عدد الزوار مع اكتشاف مزيد من الناس لمكانة الجزيرة، مما 'سيضع الكثير من الضغط على بيئتنا'.
واختتم بالقول: 'سيكون ذلك تحديًا كبيرًا.'
قصة تحذيرية
رغم أن التشبيه بجزر غالاباغوس يُستخدم غالبًا للإشادة بالتنوع البيولوجي في سقطرى، فإن ذلك قد يحمل تحذيرًا، بحسب فان دام، الذي شارك في تأليف دراسة عام 2011 حول التأثيرات البشرية على الجزيرة.
فمنذ القرن الـ19، فقدت غالاباغوس الواقعة قبالة ساحل الإكوادور العديد من أنواعها الأصلية نتيجة تدمير المواطن الطبيعية، والسياحة الزائدة، والأنواع الغازية.
كتب فان دام آنذاك: 'قد تكون الأنظمة البيئية في سقطرى الآن في حالة صحية مماثلة لتلك التي كانت عليها غالاباغوس عند إعلانها كموقع تراث عالمي قبل 30 عامًا.'
وأضاف أن سقطرى معرضة لمصير مشابه إن لم تُبذل جهود حماية في الوقت المناسب.
تستقبل جزر غالاباغوس اليوم أكثر من 250,000 زائر سنويًا، لكن تحت رقابة صارمة تشمل تحديد عدد الزوار، وإرشادًا إلزاميًا، ومسارات مخصصة، ورسوم سياحة تموّل أعمال الحماية.
يقول فان دام إن سقطرى بحاجة إلى تنفيذ إجراءات مماثلة قبل فوات الأوان.
الثقافة والتقاليد
بعيدًا عن البيئة، هناك مخاوف من أن السياحة بدأت تُحدث تآكلاً في النسيج الاجتماعي للجزيرة.
يقول علي يحيى إن هناك 'تحولًا ثقافيًا' بين سكان الجزيرة البالغ عددهم حوالي 60,000 نسمة، والذين لا يزال الكثير منهم متمسكًا بالتقاليد ويتحدث اللغة السقطرية، وهي لغة قديمة غير مكتوبة ذات جذور ما قبل الإسلام.
وأضاف: 'السلوكيات الدولية تؤثر على السكان المحليين، ونحن قلقون من تآكل تقاليدنا.'
وأشار إلى أن صورة على إنستغرام لامرأة ترتدي لباس بحر تحت شجرة دم الأخوين قد أثارت استياءً شديدًا بين سكان إحدى القرى الجبلية، الذين اعتبروها غير محترمة للغاية.
هل من أمل؟
رغم التحديات، هناك أسباب للأمل، وفقًا لفان دام، الذي أشار إلى أن السلطات المحلية منفتحة على التعاون، وأن هناك مشاريع حماية بيئية بقيادة المجتمع المحلي بدأت تؤتي ثمارها.
وأضاف: 'المبادرات المحلية وغيرها من الجهود الجارية بالغة الأهمية. وطالما استمرت، فهناك أمل حقيقي لمستقبل الجزيرة.'
رابط المادة الأصلية اضغط هنا