اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد اليمني
نشر بتاريخ: ١٠ كانون الأول ٢٠٢٥
تشهد خريطة الطاقة العالمية واحدة من أكبر التحولات منذ نهاية الحرب الباردة، حيث يتراجع نفوذ موسكو في سوق النفط والغاز بسرعة غير مسبوقة، في ما يشبه عودة إجبارية إلى ما قبل عصر بريجنيف.
فالجسر الاستراتيجي الذي ربط روسيا بأوروبا على مدى 50 عامًا، والذي صمد أمام أزمات سياسية وحروب باردة، يتفكك اليوم أمام عقوبات غربية خانقة واصطفافات اقتصادية جديدة تقودها الولايات المتحدة والنرويج ودول الطاقة الكبرى.
عقوبات ترامب… ضربة مباشرة لقلب الصناعة الروسية
العقوبات الأمريكية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على عملاقي الطاقة 'روسنفت' و'لوك أويل' دخلت حيّز التنفيذ الكامل في 21 نوفمبر، لتتحول شحنات النفط الروسية إلى 'براميل شديدة الخطورة' حتى على شركاء واشنطن التقليديين.
هذه العقوبات لم تستهدف البنية اللوجستية فقط، بل أصابت الهيكل المؤسسي لقطاع الطاقة الروسي، ما أدى إلى شلل واسع في حركة التصدير.
نزيف اقتصادي وتراجع تاريخي في العائدات
أدى تصعيد العقوبات إلى انخفاض عائدات روسيا من النفط والغاز بنحو الثلث خلال نوفمبر، مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ بدء الحرب عام 2022.
وتراجعت واردات دول رئيسية مثل الهند وتركيا والبرازيل، بينما تراكمت الشحنات دون مشترين، ما أجبر الكرملين على تقديم خصومات كبرى لتصريف المخزون.
شركات الطاقة الروسية في سباق مع الوقت
تسارع 'لوك أويل' للتخارج من محفظة أصول دولية تتجاوز 22 مليار دولار قبل انتهاء التفويض الأمريكي المؤقت في 13 ديسمبر.
وتفتح عمليات البيع القسرية الباب أمام شركات غربية للاستحواذ على مواقع استراتيجية تمتد من العراق إلى كازاخستان وأذربيجان وحتى المكسيك وإفريقيا.
تحولات دراماتيكية في أوروبا الشرقية
في بلغاريا تولت الحكومة إدارة أصول 'لوك أويل'، بينما سارعت رومانيا لبيع مصفاة 'بيتروتيل'.
وفي مولدوفا، استولت السلطات على عمليات تموين الطائرات لضمان الاستقرار.
أما المجر وسلوفاكيا فهما آخر دولتين أوروبيتين ما زالتا تستوردان النفط الروسي عبر استثناء مؤقت.
انهيار صادرات الغاز… أرقام تعكس نهاية مرحلة
وفق بيانات 'رويترز'، بلغت صادرات 'غازبروم' إلى أوروبا خلال الأشهر العشرة الأولى من 2025 نحو 14.7 مليار متر مكعب فقط، وهي أقل من مستوى عام 1975.
كما سجلت الشركة خسائر ضخمة بلغت 1.076 تريليون روبل في 2024، لتتحول إلى عبء مالي بعد عقود من كونها ركيزة اقتصاد الدولة.
حرب المصافي… أوكرانيا تضرب قلب الصناعة
منذ منتصف 2025، أصابت الطائرات المسيرة الأوكرانية وحدات حيوية في مصافي روسية كبرى، ما أدى إلى تعطّل نحو 17% من طاقة التكرير.
وتراجعت صادرات المنتجات المكررة بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، فيما انخفضت صادرات البنزين إلى الصفر لأول مرة.
مشروعات إنقاذ فاشلة ورهان خاسر على الصين وتركيا
كانت موسكو تعوّل على خط 'قوة سيبيريا 2' لتصدير الغاز إلى الصين، لكن بكين فرضت أسعارًا منخفضة للغاية جعلت الغاز الروسي سلعة رخيصة.
كما تجمّد مشروع المركز التركي لإعادة البيع بعد رفض الاتحاد الأوروبي، واشتراط أنقرة التحكم في الأسعار والعمليات.
خريطة الطاقة الجديدة… أوروبا تنوّع مصادرها بالكامل
في المقابل، أصبحت الولايات المتحدة المصدر الأول للغاز المسال إلى أوروبا، بينما تزوّد النرويج ألمانيا بـ60% من احتياجاتها عبر الأنابيب.
كما عززت قطر موقعها كشريك موثوق، وبرزت أذربيجان عبر 'ممر الغاز الجنوبي' الذي يُتوقع أن يضاعف صادراته إلى 20 مليار متر مكعب بحلول 2027.
الضربة القاضية في يناير 2026
يعتزم الاتحاد الأوروبي فرض حظر على المنتجات المكررة الواردة من 'دول ثالثة' ابتداءً من يناير 2026، وهو إجراء يستهدف إغلاق 'الثغرة الهندية والتركية' التي كانت تسمح لروسيا بتصدير نفطها بعد تكريره خارجياً، وبدخول هذا القرار حيز التنفيذ، ستفقد موسكو آخر منفذ للوصول إلى الأسواق الغربية ذات العوائد المرتفعة.













































